زيارة جديدة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أول أمس السبت 23 مارس الحالي لرفح المصرية، حيث وقف على الحد الفاصل بين الرفحين الفلسطينية والمصرية، بعد زيارة الجرحى الفلسطينيين المحولين من حرب الإبادة في قطاع غزة لمستشفيات العريش، وأعلن في لقاء مع الصحافيين "إن الفلسطينيين من أطفال ونساء ورجال يعيشون كابوسًا لا ينتهي"، وتابع آتي إلى رفح وأنا احمل "أصوات الغالبية العظمى من دول العالم التي سئمت ما يحدث (في غزة)، حيث هدمت (إسرائيل) المنازل وقضت عائلات وأجيال بأكملها في ظل مجاعة تحاصر السكان"، وطالب الأمين العام مجلس الحرب الإسرائيلي ب"الالتزام الصارم تجاه الفلسطينيين" وهو يقصد الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وعدم التغول عليهم، والسماح بالمساعدات الإنسانية بالدخول لكل محافظات القطاع وخاصة الشمالية، حيث يموت الناس جوعًا وعطشًا ومن الامراض والأوبئة، وأشار بيده لطابور طويل من شاحنات المساعدات، قائلا "هنا من هذا المعبر نرى حسرة القلب وقسوة الموقف، طابور من شاحنات الإغاثة المحظورة على جانب واحد من البوابات، وظل طويل من المجاعة على الناحية الأخرى". وخلص مشددًا "هذا الامر أكثر من مجرد أمر مأساوي، إنه انتهاك أخلاقي" وقانوني وسياسي وبكل المعايير.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة رفضه لاجتياح محافظة رفح، محذرًا من النتائج الخطيرة، التي قد تنجم عن ذلك، حيث يتواجد في المنطقة ما يزيد على 1,3 مليون إنسان فلسطيني من سكانها ومن النازحين من محافظات الشمال، وأعلن بتجرد "إنه لا يستطيع عمل شيء، لأنه لا يملك القوة لتغيير المعادلة على الأرض".
زيارة غوتيريش للحدود الفاصلة ليست المرة الأولى، وهي زيارة مقدرة، وتعتبر خطوة إيجابية لمحاكاة الأمين العام لمسؤولياته تجاه شعب اعزل يواجه أعتى آلات الحرب المدمرة الإسرائيلية، ومن خلفها تقف الولايات المتحدة وأوروبا بأساطيلها، التي انسحب جزءا منها، وبعضها مازال راسيًا ومشاركًا في حرب الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ويغطي جرائم حرب الإبادة، رغم التباينات في اليات إدارة الحرب على القطاع، إلا أن الأهداف واحدة.
وعلى أهمية الزيارة للبرتغالي الأممي للحدود الفاصلة بين الرفحين ليبكي ويتألم مع آلام الجماهير الفلسطينية، ويدين دولة القتل والابادة والتهجير القسري والتطهير العرقي الإسرائيلية، والتي تعكس مدى الاهتمام الذي يوليه غوتيريش لوقف جنون الحرب والمجاعة، ألم يكن من الأفضل له ولهيئة الأمم المتحدة، وحتى تكون زيارته أكثر أهمية، وأرفع وأعلى قيمة من الزاوية الأممية لو أقنع العشرات من زعماء العالم او وزراء خارجية العديد من الدول من القارات المختلفة الرافضين خيار حرب الإبادة والموت المعلن للفلسطينيين بمشاركته الزيارة، ودخلوا جميعًا إلى مدينة رفح الفلسطينية وتقدموا أكثر نحو خان يونس وتوجهوا شمالاً في محاولة منهم لوقف مهزلة الحرب الوحشية، وللاطلاع بأم العين على بشاعة ووحشية وفظاعة حرب الإبادة الصهيو أميركية.
الجميع يعلم أن هيئة الأمم المتحدة لا تملك جيشًا، ولا أسلحة، كما لا يوجد حتى الآن قرارًا أمميًا يستند للفصل السابع لتشكيل قوة أممية مسلحة لوقف هول حرب الأرض المحروقة على المواطنين الفلسطينيين العزل. لأن إدارة بايدن تعطل هكذا قرار، وتحاول أن تلتف على الاجماع العالمي لوقف الحرب بصيغ ملتبسة، وفي نفس الوقت تمنح إسرائيل اللقيطة الضوء الأخضر لمواصلة حرب إبادتها على رفح وكل مدن ومحافظات غزة، لكن الأمين العام للأمم المتحدة كان يمكنه تجييش العشرات من الزعماء والوزراء لدخول القطاع، ويكبل اليد والبارود الإسرائيلي، ويحرج العرب والعجم والولايات المتحدة، الذين مازالوا يصدرون من خنادق الفنادق بيانات الإدانة والاستنكار والشجب ويطالبون بالالتزام بالقانون الدولي، وهم يعلمون جميعًا أن القانون الدولي يحتاج الى سيف القوة، والإرادة، وفرض العقوبات، وعزل دولة الاستعمار الإسرائيلية، ومحاصرة واشنطن ومن لف لفها من دول العالم للإصغاء لصوت العقل والسلام ووقف المذبحة الفلسطينية.
مما لا شك فيه، أن زيارة الأمين العام هامة، وتحسب له، وما ذكره من مواقف تستحق الثناء والتقدير، مما أغاظ أركان حكومة نتنياهو المجرمة والوحشية، وخاصة كاتس وزير خارجيتها، الذي استخدم ألفاظًا قميئة ودونية ضد الأمين العام، وقلب الحقائق عندما شبهه ب"النازيين"، وتجاهل انه وحكومته وجيشه وأجهزته الأمنية وقطعان مستعمريه هم وحدهم مع أسيادهم في بقاع الأرض النازيين، وقتلة الشعوب، بيد أن الزيارة على أهميتها تحتاج من غوتيريش تصعيد خطواته مستعينًا بأوراق العدالة الأممية، وعدالة القضية الفلسطينية والقوة الإنسانية وتجييش أنصار السلام في العالم لفرض عقوبات سياسية واقتصادية وتجارية على دولة إسرائيل، لعل الدول الشقيقة تتحرك، إن اهتز ضميرها واستيقظت من نومها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها