اختتمت، اليوم الخميس، في متحف ياسر عرفات بمدينة رام الله، فعاليات ملتقى فلسطين السادس للرواية العربية، الذي نظمته وزارة الثقافة على مدار ثلاثة أيام، بعقد ندوتين أدبيتين، وتلاوة البيان الختامي للملتقى، بمشاركة روائيين عرب وفلسطينيين.
وأكد المشاركون في الملتقى، في البيان الختامي الذي تلته الروائية حياة الرايس من تونس، أنَّ هذا الملتقى الجامعَ للكلِّ العربيِّ والفلسطينيِّ يستمدُّ فكرتَه من تاريخِ فِلَسطينَ وحضارتِها الضاربةِ في عمقِ تاريخِها المعرفيِّ والحضاريِّ، وأنَّ الثقافةَ الفلسطينيةَ هي جزءٌ لا يتجزأُ من الثقافةِ العربيةِ، وتستمدُّ خصوصيتَها الإبداعيةَ من كونِها ثقافةً رافضةً ومقاومةً للاحتلالِ وللظلمِ وللقهرِ، ومن تراثِها الفكريِّ والعلميِّ والمعرفيِّ والثقافيِّ ومن حضارتِها الإنسانيةِ، وخصوصيةِ قدسيتِها.
وأضاف الروائيون في البيان: "في الوقتِ ذاتِه الذي نؤثثُ به معًا فعالياتِ الملتقى في مختلفِ الجغرافيةِ الفلسطينيةِ والشتاتِ وأماكنِ اللجوءِ، ومن مختلفِ الأقطارِ العربيةِ، لمسنا مدى قوةِ شعبِنا الفلسطينيِّ العربيِّ الذي يواجهُ أعتى احتلالٍ عرفَه التاريخُ البشريُّ بصدرِه العاري وبثقافتِه المتميزةِ بذخيرةِ مبدعاتِها ومبدعيها، ونحيي صمودَ شعبِنا الفلسطينيِّ الذي يسعى لنيلِ حريتِه وخلاصِه من الاحتلال. ونحنُ نسعى كي نلتقيَ نظراءَنا وجمهورَنا في فلسطينَ؛ شاهدنا رتلَ الحواجزِ تَفرِدُ شوكَها على الطرقاتِ، وشاهدنا جدارَ الخوفِ والتوسعِ يقضمُ خاصرةَ فلسطينَ، ورأينا بأمِّ أعينِنا واقعَ الحياةِ بحلوِها ومرِّها. فهذا الشعبُ العظيمُ يكتبُ للحياةِ عن الحياةِ".
ووجه المشاركون تحية إجلالٍ واعتزازٍ وإكبارٍ للشهداءِ الذين مضَوْا من أجلِ فلسطينَ وكرامةِ الأمةِ وخلاصِها، كما حيو بتحيةِ النَّضالِ والكفاحِ صمودَ الأسرى والمعتقلين الذين يسطِّرونَ أروعَ آياتِ الصبرِ والجَلَدِ والتحدي في باستيلاتِ الاحتلالِ، حيث قرأوا عن إبداعاتِهم الأدبيةِ التي سجّلوها كواقعٍ من وقائعِ الإبداعِ الفلسطينيِّ الكفاحيِّ، وعلى رأسِهم الأسيرُ الروائيُّ وليد دقة الذي كان لتجربتِه الإبداعيةِ حصةٌ خاصةٌ ضمنَ فعالياتِ الملتقى كنموذجٍ لأدبِ المعتقلاتِ والسجون.
كذلك، وجه المشاركون التحيةِ والتقديرِ الواجبِ إلى الحكومةِ الفلسطينيةِ ووزارةِ الثقافةِ على ما بذلوه من جهودٍ لإنجاحِ ملتقى فلسطينَ السادسِ للروايةِ العربيةِ.
وعقدت الندوة الختامية، في متحف ياسر عرفات، تحت عنوان:"مستقبل الرواية في ظل التحولات والتغيرات الحياتية، شارك فيها كل من الروائي إبراهيم نصر الله، والروائي أحمد حرب، بإدارة وتقديم الكاتب طارق عسراوي.
وتحدث نصر الله عن أهمية مشروع الملهاة الفلسطينية ومشروع الشرفات، وكيف أصيب هذا المشروع بالتحولات الحياتية، التي مرت عليه، وانه لم يتوقع عندما كتب الرواية الأولى أنه سيكتب أكثر من ثلاث روايات، واليوم لديه 24 رواية متنوعة.
وأضاف: "أن الشيء الأكبر الذي أثر على هذه الروايات هو ما أصابه من تغيرات خلال حياته، هذه التحولات التي مرت عليه وكانت مؤثرة في المصير الإنساني والوطني والتحولات الفكرية والبحث الذي كلما نقبنا عنه أعمق اكتشفنا أشياء أخرى"، مؤكدا أهمية عقد هذا الملتقى الذي اعتبره تأسيسا مستمرا لهويتنا الوطنية.
بدوره، تحدث حرب عن تجربته الذاتية مع كتابه الأخير "مواقد الذكرى" الذي صدر حديثاً عن دار الناشر والأهلية، متطرقا إلى مستقبل الرواية وما يحمله من إيحاءات تاريخية وأدبية في سياق تطور الرواية كجنس أدبي، في ظل التحولات والتغيرات المختلفة.
وأكد حرب، خلال مداخلته على نقطتين، الأولى "أن الرواية هي أكثر الأجناس الأدبية التقليدية استجابة واستيعاباً وتأثراً بالمتغيرات والتحولات بالمجتمع، وينظر إليها كناقلة لثقافة المجتمع، والروائي كان يرى أن عليه مسؤولية ما"، والنقطة الثانية "أن معظم الجدل بين الروائيين والنقاد ودارسي الرواية ومنظريها كان ينصب على الشكل والبناء الروائي، وعلى أساليب البوح والتعبير والسرد".
من جانب آخر، عقدت ندوة أدبية في محافظة جنين تحت عنوان "تنوّع آليات السرد في الرواية العربية" في قاعة المحافظة، شارك فيها الروائيون: فخري صالح، ومحمد عبد القادر، ومحمد القاضي، وهداية شمعون، بإدارة وتقديم عمر عتيق.
وفي مداخلة له، قال الروائي القاضي، من تونس، إن الرواية تختلف عن الأجناس وتتميز بقدرتها على دخولها في الأجناس السردية المختلفة وإخراجها بشكل جيد، وهذه هي خصوصية الرواية، فهي جنس حواري يستضيف كل أجناس الخطاب ويخرجها إخراجا جديدا.
كما تحدثت الكاتبة شمعون، من غزة، عن روايتها الأولى التي تحدثت فيها عن العدوان الإسرائيلي على رفح في عام 2014 والتي ارتقى فيها أكثر من 200 شهيد خلال ثلاثة أيام، وهذه اللحظات عاشتها الكاتبة كفتاة فلسطينية.
بدوره، طرح الروائي فخري صالح بعض الأسئلة حول قدرة الرواية العربية على التعبير عن القضية الفلسطينية، وأجاب على تساؤل حول مسؤولية المشهد الثقافي تجاه الرواية والسردية الفلسطينية.
من جانبه، استعرض محمد عبد القادر نماذج من أعمال الأديب الشهيد غسان كنفاني، متحدثا حول آليات السرد، كما أجاب عن تساؤل حول تأثير العامل المكاني على التجربة القصصية والروائية في أدب غسان كنفاني.
وفي نهاية الندوة وقع كتابه "غسان كنفاني جذور العبقرية وتجلياتها الإبداعية"، وهو من إصدار وزارة الثقافة.
وفي ختام فعاليات ملتقى فلسطين السادس للرواية العربية، شكر رئيس اللجنة المنظمة للملتقى الشاعر عبد السلام العطاري، نيابة عن وزير الثقافة الروائي عاطف أبو سيف، المشاركات والمشاركين العرب والفلسطينيين على مشاركتهم الإبداعية.
كما توجه بالشكر والتقدير إلى الإعلام الفلسطيني الرسمي والأهلي وكافة المؤسسات الرسمية والأهلية على مستوى المحافظات الفلسطينية، على دورها في نجاح أعمال الملتقى .
وقال العطاري: "ونحن ننهي بنجاح مميز أعمال ملتقى فلسطين للرواية العربية التي ننظمها في ذكرى استشهاد غسان كنفاني، نستذكر اليوم الذكرى الخامسة والسبعين لاستشهاد الشاعر المقاتل عبد الرحيم محمود، الذي ناضل بقلمه وبروحه من أجل الحرية والخلاص".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها