بعدما تابعنا مسيرة المونديال العالمي 2022 في الدوحة القطرية وتربع فريق اسود الأطلسي في المرتبة الرابعة، واختطاف كرواتيا المكانة الثالثة، وشاهدنا السلسلة الطويلة والرائعة من المباريات في الملاعب الدولية الثمانية بين الفرق الكروية ال32 العالمية، وبغض النظر عن الفريق الفائز في كأس العالم فرنسا أم الأرجنتين، فإن فلسطين كانت الفريق ال33 الحاضر بقوة في مختلف المباريات الدولية، في الشوارع والمطاعم والميادين القطرية، وفازت بجدارة عدالة قضيتها، ورصيدها العميق في أوساط الجماهير العربية والعالمية، وبانحياز الغالبية الساحقة من المشجعين بمختلف جنسياتهم لها، وفي ذات الوقت خسر الفريق الإسرائيلي الاستعماري صاحب الرقم 34 منذ اللحظة الأولى للاولمبياد حيث حوصر وعزل بشكل عميق وواسع، وعبر مراسلوا وسائل الاعلام الإسرائيليين عن خيبة أملهم، واعربوا عن هزيمة التطبيع الاستسلامي، وسقوط رصيده للصفر في الأوساط الشعبية العربية خصوصًا والعالمية عمومًا.
وكل اتفاقات الاستسلام التي وقعت منذ اتفاقات كامب ديفيد 1978حتى يوم الدنيا، لم يكن لها أثر في وعي الجماهير الشعبية العربية ونخبها وانصار فلسطين الامميين. وقالت الشعوب العربية من أقصاها إلى أقصاها، من الخليج الى المحيط، أن قضيتها المركزية، هي فلسطين، وإيمانها عميق بانتصار الشعب العربي الفلسطيني الشقيق على أعدائه وأعداء الأمة كلها من الماء إلى الماء. وهو ما يؤكد للمرة المليون، أن شعوب الامة امل المستقبل، وحاملة مشاعل الحرية والعدالة والوحدة القومية، هي المعبرة الحقيقية عن نبض الامة، ولم، ولن تحيد عن وحدة المصير المشترك، ولن تتخلى عن أشقائها في فلسطين العربية مهما كانت العقبات والعثرات والتعقيدات والحروب البينية والصراعات المختلفة.
نعم زين العلم الفلسطيني كل الملاعب والميادين والقنوات الفضائية، والمقابلات الفضائية والصحفية مع نجوم الكرة العربية، وهو ما يعكس المكانة المتجذرة لفلسطين وشعبها في وعي ولا وعي جماهير العرب والشعوب الإسلامية والشعوب المناصرة للحرية والسلام والعدالة. وسقطت إسرائيل المارقة والخارجة على القانون سقوطَا مريعًا، لم تتوقعه، وسجلت خارجيتها وأجهزة أمنها وقياداتها الاستعمارية العديد من الاحتجاجات، وساهمت معها الولايات المتحدة في ذلك بالضغط على القيادة القطرية والمغربية والتونسية والسعودية وغيرها من الدول الشقيقة. ورغم ذلك سجلت فلسطين هدفها الذهبي في المونيال، وكانت الفائز الأكبر بكأس العالم.
شكرًا للدولة القطرية على انجازها للمونديال بالشاكلة والطريقة الرائعة من التنظيم، ومن منحها الحرية للجماهير القطرية والعربية عموما وللفضائيات والمنابر الإعلامية بمختلف مستوياتها وعناوينها بالتعبير عن مشاعرها ومواقفها الداعمة والمؤيدة لفلسطين المنكوبة منذ 75 عامًا بالنكبة الصهيبونية واستعمارها الاجلائي الاحلالي لارض الرباط، للقدس العاصمة، ولمسجدها الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولكنيسة قيامتها وكنيسة مهدها وكنيسة البشارة، اهم كنائيس الدنيا على الاطلاق. ومازالت تلك الدولة الصهيونية اللقيطة تعيث فسادًا في الأرض الفلسطينية قتلاً واعتقالاً واستيطانًا استعماريًا وعنصرية حاقدة، وفاشية منفلتة من عقالها، والتي تم تربع ممثلوها الجدد في الكنيست ال25، وبعد أيام ان لم يحدث تطورات دراماتيكية بين اقطاب يمين اليمين، سيكون النازيون الجدد سموتيرش وبن غفير وماعوز ودرعي بقيادة ملك الفساد نتنياهو في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والسادسة لزعيم الليكود.
وأيضًا وقفت فلسطين بطولها وعرضها، وبكل مكوناتها السياسية والإعلامية والثقافية والرياضية إلى جانب ومع الفرق العربية، وخاصة الفريق المغربي البطل، الذي توج وتأهل للمكانة الرابعة في المونديال 2022، وهي المرة الأولى في تاريخ دورات كأس العالم الكروي التي يصل فيها فريق عربي لهذه المكانة المتقدمة والرائعة. وستبقى فلسطين وشعبها عنوانًا ومكانًا وانعكاسًا لنبض الشارع العربي، ولم يخذلها ايمانها العميق بأن الجماهير العربية، كما كانت معها دومًا، ستبقى معها، ولن تخذلها، ولن تتردد في دعمها واسنادها وتبني خيارات نضالها العادل حتى تحقيق أهدافها وثوابتها.
انتصرت فلسطين، وستنتصر فلسطين، وهذا ليس انشاءًا ولا عواطفًا ساذجة، إنما هو انعكاس لحقائق دامغة أكدها المونديال، وأكدتها الجماهير العربية، وأكدها تاريخ الصراع الدامي على مدار العقود الثمانية الماضية. ومبروك للمغرب وفريق اسود الأطلسي على إنجازاته الرائعة، ومبروك لقطر على إنجازاتها في تنظيم المونديال.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها