أحيت مؤسسة ياسر عرفات في مدينة رام الله، اليوم الأربعاء، ذكرى ميلاد القائد الوطني صلاح خلف "أبو إياد"، ضمن برنامج "في الذاكرة الوطنية- رفاق الدرب".

وحضر إحياء الذكرى في متحف ياسر عرفات، عدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح" والمجلس الثوري لحركة "فتح"، وشخصيات اعتبارية وممثلون عن الفعاليات الوطنية والمجتمعية في محافظة رام الله والبيرة، وتخللها عرض فيلم حول حياة الشهيد الراحل، ومعرض صور لأهم المحطات في حياة صلاح خلف.

وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب إن أبو إياد أحد عمالقة حركة "فتح"، موجهاً التحية لمؤسسة ياسر عرفات على مبادرتها لفتح الذاكرة على القادة، ما يوفر منصات لشبابنا وأجيال المستقبل لاستيعاب العظمة والشموخ والكبرياء، وفهمهم لاجتياز المحطات المفصلية برؤى مرتبطة بمنطلقاتهم وأهدافهم ومبادئهم.

وأضاف الرجوب أن أبو إياد مثل الفكرة والهوية في مثلث حركة "فتح"، إلى جانب أبو جهاد الذي مثل الفعل والمقاومة والصدام مع الاحتلال كخيار استراتيجي، وأبو عمار الذي حمل فكرة وهم القرار الفلسطيني المستقل، انطلاقاً من القناعة والإيمان والاستعداد لحمل الفكرة والفعل الذي أصبح فيما بعد عقيدة بالنسبة للشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن أبو إياد كان قائداً قدوة متواجدا في الميدان، وأنه في كل المنعطفات الحادة كان صوته هو الحاسم، سواء في المجلس الوطني أو في مواجهة المجتمع الدولي، وكان صوته معبراً عن صوت كل الفلسطينيين، وكان محور إجماع بمواقفه وقراراته؛ لأنه كان قادراً على قراءة الحاضر والماضي والتطلع إلى المستقبل وفق رؤية وطن واحد وشعب واحد بقرار واحد وهدف واحد.

من جانبه، شكر منير صلاح خلف نجل القائد الراحل بالنيابة عن عائلته، مؤسسة ياسر عرفات على مبادرتهم لإحياء ذكرى ميلاد القادة الشهداء ومنهم والده، مشيرا إلى أنه كان يتمنى أن يكون بين الحاضرين لولا الحواجز التي يضعها الاحتلال الذي يتعمد بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

وأشار إلى أنه في ذكرى ميلاد والده لا يزال يحتفظ له في وجدانه بمحطات ومواقف ولمسات ولمحات توضح مدى ارتباطه بالوطن وبالشعب الفلسطيني الواحد في الداخل والخارج، إضافة إلى صلابته وقوته وإصراره على المشاركة في ميدان العمليات الخارجية في السبعينيات، ومقولته الشهيرة "سأثير هذا العالم على قضيتنا وعدالة مطالبنا"، إيمانا بالقضية الفلسطينية وعدالتها.

وتابع: أنه كان يقول "إن من لا يثور لكرامة شعبه لا يمكن أن يعمل لثورة حتى الثورة"، وإنه كان معتزاً بفلسطينيته، والتي كان يراها هوية وطنية لكل العرب الشرفاء في العالم، باعتبارها رأس حربة في مقاومة الاحتلال، إلى جانب إيمانه بـ"فتح" وفكرها.

بدوره، أكد مدير عام مؤسسة ياسر عرفات أحمد صبح استمرار المؤسسة في برنامج "في الذاكرة الوطنية- رفاق الدرب"، الذي أطلقته منذ بداية هذا العام لإحياء ذكرى ميلاد كوكبة من قادة الحركة الوطنية ورموزها.

وأضاف أن البرنامج يهدف لنقل رسالة القادة لجيلنا الشاب ولتعميق فهمنا لذاكرتنا الوطنية التي فيها ما نعتز به وما يعزز كرامة شعبنا ونضاله ومقاومته، مشيرا إلى أن هؤلاء القادة وغيرهم يبقون الأكرم منا جميعا، حيث قضوا وارتقوا إلى العلا في عز شبابهم وأبو إياد واحد منهم.

وأشار صبح إلى بعض الجوانب الإنسانية في حياة أبو إياد، حيث نجد عند البحث في حياته الكثير من الرسائل العائلية لزوجته، وأولاده، تجتمع كلها على حب الوطن، وكيف عمل على تكريس حياته للثورة الفلسطينية.

من جهته، قال عضو مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات يحيى يخلف إن أبو إياد أغنى الثورة الفلسطينية لأكثر من عقدين ونصف من الزمن بفكر مستنير يحمل همّ القضية الفلسطينية، وأنه شكل عُصارة لنواة فكر أنشأ مع رفاق دربه حركة فتح بفكر ثوري وطني يصل للتحرير.

ووصف يخلف، أبو إياد بالمقاتل الشجاع والقائد الفذ، والمفكر المسؤول المنتمي للحركة الوطنية الفلسطينية، رمزاً للوطنية والوحدوية ورفيق درب لياسر عرفات.

ووفقاً لمركز المعلومات الوطني "وفا" ولد صلاح خلف، واسمه الحركي (أبو إياد) عام 1933 في مدينة يافا، حيث أقامت عائلته القادمة من غزة، وكان والده يعمل موظفا في السجل العقاري في يافا.

وأنهى صلاح خلف المرحلة الابتدائية والإعدادية في يافا، والتحق وهو فتى بأشبال النجاد، والتي تعتبر تنظيما فلسطينيا كان يعمل على مقاومة الاستعمار البريطاني والأطماع اليهودية في فلسطين، حيث كان هذا التنظيم  يدرب أعضاءه باستخدام البنادق الخشبية نظرا لعدم توفر السلاح.

وتعرض الفتى صلاح للاعتقال على أيدي قوات الانتداب البريطاني عام 1945 ولم يكن قد أتم الثانية عشرة من عمره.

انتقل إثر نكبة عام 1948 إلى غزة وعائلته، وأنهى فيها دراسته الثانوية، ثم التحق في عام 1951 بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر، وحصل على دبلوم تربية وعلم نفس من جامعة عين شمس.

وخلال فترة وجوده في مصر تعرف عام 1954 على ياسر عرفات الذي كان طالبا آنذاك في مصر، وجرى بينهما تعاون نضالي من خلال رابطة الطلاب الفلسطينيين، ثم من خلال رابطة الخريجين الفلسطينيين، وعكفا وآخرين على التفكير في تأسيس حركة "فتح".

وبعد أن أنهى أبو أياد في مصر عاد إلى غزة عام 1957 للتدريس، وبدأ عمله السري في تجنيد مجموعات من المناضلين وتنظيمهم في غزة.

انتقل الى الكويت في عام 1959 ليعمل فيها مدرساً، فالتقى مرة أخرى ياسر عرفات وخالد الحسن وسليم الزعنون وفاروق القدومي وخليل الوزير، وأجرى اتصالات بمناضلين آخرين أمثال أبو يوسف النجار وكمال عدوان ومحمود عباس، وذلك بهدف بناء حركة التحرير الوطني (فتح) وتعزيز بنيتها، لتصبح في سنوات معدودات الفصيل السياسي-الكفاحي الأول للفلسطينيين ورائدة النضال الوطني التحرري الفلسطيني.

تفرغ أبو اياد للعمل النضالي من خلال حركة "فتح"، وتسلم مواقع مهمة وأنجز مهام صعبة في كافة مواقع الثورة في القاهرة ودمشق والأردن وبيروت، وشارك في معركة الكرامة عام 1968، كما شارك في قيادة العمليات طيلة سنوات الحرب اللبنانية، وبقي في بيروت أثناء الحصار وغادرها صيف عام 1982 الى تونس مع المقاتلين وبعض القياديين.

تميزت شخصية صلاح خلف (أبو إياد) بالصلابة والقوة والعزيمة، إلى جانب تميزه بالسلاسة والمحبة والمرونة في التعامل مع الكادر التنظيمي، وكانت له قدرات خطابية وحوارية بارعة في أسر الجماهير.

تبوأ أبو إياد العديد من المراكز الهامة في حركة "فتح"، إذ كان عضوا في لجنتها المركزية، كما ترأس جهاز الأمن الموحد للثورة الفلسطينية أو ما يعرف بأمن منظمة التحرير الفلسطينية، لذلك تعرض للعديد من محاولات الاغتيال التي نجا منها بفضل يقظته ودرايته.

تعرض أبو إياد لمحاولات اغتيال عديدة على أيدي الموساد الإسرائيلي، باعتباره الرجل الثاني في حركة "فتح"، وباءت محاولاتهم بالفشل، إلى أن طالته يد الغدر بتاريخ 14/1/1991، مع القادة هايل عبد الحميد (أبو الهول) عضو لجنة مركزية، وفخري العمري مدير مكتبه وذلك في قرطاج/ تونس.