منذ بدء انتشار فيروس كوفيد-19 عالميًا أخذت حكومة مملكة البحرين على عاتقها مسؤولية التعامل مع مختلف التحديات للحفاظ على صحة وسلامة المجتمع كأولوية قصوى، وذلك عبر رفع درجة التأهب لمواجهة الفيروس ومتحوراته، وتضمن ذلك إطلاق حزمة واسعة من القرارات والإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المدروسة والتي ساهمت بشكل كبير في احتواء آثار الفيروس سواء من حيث عدد الإصابات أو الوفيات.
تلك الجهود الصحية المكثفة جاءت تماشيًا مع برنامج عمل الحكومة (2019-2022) التي ترجمت هذا العمل الدؤوب المتواصل الرامي إلى تطوير السياسات الصحية ومتابعة تنفيذها والتأكد من الاستخدام الأمثل للموارد بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفاعلية تعزيزا لصحة الفرد والمجتمع، وضمان توفير خدمات صحية مستدامة ذات جودة عالية ومتكاملة وفي متناول جميع المواطنين والمقيمين على حد سواء.
وفي هذه الظروف الاستثنائية قدمت كوادر الجيش الأبيض من الطواقم الطبية البحرينية دوراً هاماً ومفصلياً أثبتت فيه قدرتها على التعامل مع مختلف التحديات والوصول بالوضع الصحي في مملكة البحرين خلال فترة الجائحة والتعافي إلى بر الأمان، وهو ما كان له كامل التقدير والإشادة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي أمر بمنح وسام الأمير "سلمان بن حمد للاستحقاق الطبي" لـ 15811 من العاملين في الصفوف الأمامية والكوادر الطبية والجهات المساندة لهم من مختلف الجهات والمواقع تقديرًا لعملهم الدؤوب والمتواصل وتضحياتهم في مختلف مراحل الجائحة .
وتأكيداً على تميز ونجاح تجربة البحرين في التصدي للجائحة، جاء إطلاق منظمة الصحة العالمية لتقرير عن جهود مملكة البحرين في مواجهة فيروس كورونا والذي يوثق الاستجابة الاستراتيجية للمملكة من خلال التأهب والاستجابة المبكرة، وإعلان البحرين من أوائل الدول التي توثّق دولياً تجربتها في التعامل والتصدي لفيروس (كوفيد-19).
وتم الإعلان عن التقرير خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة الصحة الدكتورة جليلة بنت السيد جواد حسن، بمشاركة الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط على هامش زيارته لمملكة البحرين مطلع يوليو الجاري.
وأكدت وزيرة الصحة أنّ الرؤية الثاقبة والتوجيهات السامية من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ومتابعة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للجهود الوطنية منذ بدء الجائحة وحتى اليوم، كان لها عظيم الأثر في حفظ صحة وسلامة المجتمع البحريني وتطوير الخدمات الصحية المقدمة على كافة المستويات، مما حظي بإشادات أممية واسعة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي في جهود تعاملها مع الفيروس على كافة المستويات.
وقد بادرت مملكة البحرين بوضع الاستراتيجيات الاستباقية وخطط التعامل مع كافة السيناريوهات وذلك قبل الإعلان عن أول حالة قائمة في المملكة، كما تم تشكيل الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا المختص بوضع البروتوكولات اللازمة في مختلف مسارات التعامل مع الفيروس، وإنشاء غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة لمتابعة المستجدات، إلى جانب وضع استراتيجية إعلامية متكاملة من خلال اعتماد وتفعيل دليل الأزمات للإعلام والاتصال لإدارة الأزمة إعلامياً بكل شفافية وسرعة.
كما قامت الحكومة بإطلاق حملة وطنية متعددة اللغات لمكافحة انتشار الفيروس وتعزيز الوعي المجتمعي مع التوجيه الفني حول كيفية الوقاية، حيث شهدت مملكة البحرين حينها دعمًا مجتمعيًا ملحوظًا ومميزاً تم على أثره تسجيل أكثر من 50 ألف متطوع عبر المنصة الوطنية لمواجهة فيروس كورونا.
واتبعت البحرين منهجية "التتبع، الفحص، العلاج" لحصر المخالطين والحد من انتشار الفيروس، إضافة إلى اعتماد "آلية الإشارة الضوئية" للانتقال من مرحلة احترازية إلى أخرى حسب تطور حالات الإصابة في العناية المركزة والوفيات، وتكثيف الفحوصات العشوائية المجانية المتنقلة في مختلف مناطق المملكة، وتخصيص مواقع الفحص للمركبات لمنع الاختلاط، ووفرت بالمجان الفحوصات، وبروتوكولات العلاج، والتطعيمات الاختيارية المتنوعة للمواطنين والمقيمين، مما جعلها تحظى بمكانة سبّاقة على مستوى العالم من حيث نسبة الفحوصات والتعافي والتطعيمات وتوفير فحوصات مختبرية يومية تتجاوز 30 ألف فحص في اليوم للكشف المبكر عن الحالات القائمة .
كما ساهم التحوّل الرقمي لكافة الخدمات الحكومية في تعزيز ودعم جودة وكفاءة القطاع الصحي خلال الجائحة والتي كان أبرزها تدشين تطبيق "مجتمع واعي" عبر الهواتف الذكية لرصد الحالات وتتبعها وتسجيل كافة البيانات والمعلومات للمصابين والمتطعمين وتحديثها باستمرار، وكذلك تدشين خدمات توصيل الأدوية للمرضى في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية مجانا للمواطنين والمقيمين من خلال الطلب الكترونياً عبر المنصة الرقمية لوزارة الصحة.
وكان قد أعرب كل من الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، والدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، عن إعجابهما وفخرهما بجهود مملكة البحرين في التصدي لجائحة كورونا وفي القطاع الصحي بشكل عام، متطلّعين لاستفادة البلدان الأخرى في منطقة شرق المتوسط من تجربة البحرين الرائدة والنموذجية من خلال إطلاق وتوثيق تلك التجربة عالمياً.
كما جاء تبوؤ مملكة البحرين المركز الأول عالمياً وفقاً لتقرير مؤشر "نيكاي" الياباني للتعافي من فيروس كورونا لشهر نوفمبر 2021، ليؤكد أن خطط المملكة الاستباقية والاستراتيجية تسير في الاتجاه الصحيح وتجعل من مملكة البحرين نموذجاً ملهماً في الانتقال من مرحلة التصدي للفيروس إلى التعافي عالميًا، وأيضاً نموذجاً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في تطوير منظومة القطاع الصحي وفقاً للرؤية المستقبلية للمملكة 2030م.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها