تواصل النيابة العامة لليوم الثاني على التوالي أعمال مؤتمرها السنوي العاشر تحت عنوان: "الوصول الى العدالة وتقديم خدمات بكفاءة وفاعلية"، برعاية سيادة الرئيس محمود عباس.

واستعرض المؤتمر الذي يستمر أعماله ليوم غد السبت، بدعم من الوكالة الايطالية للتعاون الانمائي، وبمشاركة 15 دولة، وأكثر من 50 خبيرا وقانونيًا دوليًا، ثلاث جلسات، ناقشت الأولى واقع العدالة في ظل جائحة كورونا، في حين ناقشت الثانية "التكاملية في تقديم خدمات العدالة"، أما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان "آلية عمل مستحدثة لتعزيز عدالة الأحداث".

وفي مطلع الجلسة الأولى، قال مدير عام الشؤون القانونية في مجلس الوزراء رامي الحسيني في ورقته البحثية بعنوان "التحولات الاستراتيجية المستجيبة للتعامل مع جائحة كورونا": "إن الحكومة التزمت منذ اليوم الأول لإنجاز المهام وعملت على توفير الخدمات في مختلف القطاعات لتلبية احتياجات المواطنين، وأعدت خطة طوارئ بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات الحكومية، لمنع وصول الوباء إلى فلسطين والحد من انتشاره، وأصدرت ما يزيد عن 70 قرارا، و200 رسالة تكليف خلال جلسات مجلس الوزراء في مختلف المجالات، وتمكنت من تمويل احتياجاتها رغم الأزمات والظروف المالية الصعبة، واستمرت المؤسسات الحكومية بالقيام بمهامها رغم حالة الطوارئ، وعدم انتظام دوام الموظفين".

وأضاف: أن الرئيس أصدر عدة تشريعات شاملة ووقائية، وتبع إعلان حالة الطوارئ بمرسوم رئاسي صدور سلسلة من المراسيم الرئاسية والبالغة 25 مرسوما، والقرارات بقانون (22 قرارا)، وتم اتخاذ إجراءات في كافة المجالات لاستمرار تقديم الخدمات، ففي المجال الصحي، تم تعزيز القدرة على مراقبة المرض واكتشافه، وحشد وتوفير المعدات والمستلزمات لدعم إمكانيات النظام الصحي، وجرى تعيين 1500 كادر صحي، وإعداد خطة عمل لتوزيع اللقاحات وتطعيم المواطنين وغيرها من الإجراءات، وفي المجال التعليمي، تم تعطيل التعليم الوجاهي وتفعيل التعليم عن بعد، واعتماد نموذج التعليم المدمج، وإنشاء قنوات تعليمية، وتطعيم الطلبة والتواصل معهم من خلال منصات الكترونية خاصة بهم، أما في المجال الاقتصادي فكان هناك سلسلة من الإجراءات، كالحفاظ على سلاسل تزويد الأدوية والأغذية ومراقبة الأسعار، والسماح بحركة المواطنين في ساعة معينة للتزود بالمتطلبات الأساسية، وضبط الأسواق ومنع الاستغلال وتأجيل الشيكات والقروض.

بدورها، تطرقت الخبيرة القانونية الايطالية ليانا اسبيسيتو في كلمتها إلى أثر جائحة كورونا في الوصول للعدالة، إضافة إلى الإجراءات العامة والقوانين والتدابير الاحتياطية والاجراءات الجزائية التي اتخذتها ايطاليا خلال جائحة كورنا، أبرزها الإغلاق الشامل، وتقليل النظر في القضايا، ومرحلة تعليق النظر في التحقيقات والمقابلات.

من جانبه، تناول المدعي العام البرازيلي أندر لويز داكونا ورقة بحثية عن تحديات تحقيق العدالة في البرازيل في ظل جائحة كوفيد 19، وإجراءات السلامة العامة التي تم اتخاذها عندما وصلت الجائحة لبلاده، مشيرا إلى أن جميع الخدمات خلال تلك المرحلة قد توقفت، وأن بلاده لم تعلم كيف تقوم بتقديم الخدمات العدالية في ظل الجائحة، الأمر الذي دفعهم لتحويل جميع الدعاوى بشكل رقمي، ومن المنزل وعبر الهواتف المحمولة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تخفيف عدد الاصابات بفيروس كورونا، ومن التلوث أيضا.

من جهته، تطرق المدعي العام الأردني محمد سلامة بني طه في ورقته البحثية بعنوان إلى "الإجراءات المتخذة لضمان سير قطاع العدالة في الأردن أثناء الجائحة"، قائلا: إن المجلس القضائي الأردني باعتباره المسؤول عن المحاكم ودوائر النيابة العامة بذل جهدا كبيرا طوال فترة تأثير الجائحة لضمان إدامة عمل المحاكم ودوائر النيابة، بما يتوافق مع إجراءات السلامة العامة التي كانت تقررها الحكومة.

وأشار بني طه إلى أن المجلس أدار أزمة كورونا بشكل ناجح من عدة محاور، أولها التعامل مع الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل، حيث تم تخفيض عدد الموقوفين قضائيا من البالغين والأحداث الذكور والإناث من قبل المحاكم النظامية ودوائر النيابة العامة، وتخفيض عدد المحكومين على حساب جرائم الشيكات وقضايا الدين المدني الذين يشكلون ما نسبته 20% من أعداد النزلاء في المراكز، تلاها الإجراءات الإدارية والقضائية في الدعاوى الجزائية، عدا عن التحديات وأثر الجائحة على العدالة الإصلاحية، ومنها التحديات اللوجستية، حيث أن أغلب قاعات المحاكمة غير مصممة هندسيًا لتوفير قواعد السلامة العامة، والتحديات الفنية والتقنية، والتشريعية.

بدوره، تحدث رئيس المكتب الفني في النيابة العامة علاء عواد عن "الإجراءات التيسيرية لتعزيز الوصول للعدالة"، قائلا: إن النيابة قامت بإتخاذ إجراءات واسعة على مستوى الوطن لتطبيق القانون بشكل سليم، وملاحقة الجريمة، كإصدار تعليمات وقرارات لضمان استمرارية العمل، حيث أصدر النائب العام عدد من القرارات التنظيمية المتعلقة بحالة الطوارئ، لتنظيم العمل في النيابات الجزئية، وإصدار تعليمات خاصة لأعضاء النيابة باعتماد دليل القضاة والنيابة والمحامين الخاص بضمان احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسط حالة الطوارئ والإجراءات الكفيلة لمنع تفشي الوباء خاصة في مراكز التوقيف والسجون.

وتطرق عواد إلى اجراء آخر يتعلق بمكافحة الجريمة، ووفقا لاحصائيات النيابة العامة، فإن عدد القضايا الواردة بلغت في ذروة إعلان حالة الطوارئ 1790 قضية، تم إحالة 57% منها للمحكمة بواقع 1012 قضية، حيث انخفضت المؤشرات الدالة على معدلات الجريمة بنسبة 76% مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019، فيما بلغت نسبة الجرائم المرتكبة خلافا لأحكام القرار بقانون بشأن حالة الطوارئ والقوانين ذات العلاقة 29% من إجمالي القضايا الواردة للنيابة العامة خلال فترة الطوارئ بواقع 523 قضية، وشكلت قضايا الجرائم الاقتصادية 32%منها، عدا عن سعي النيابة لرفع الثقافة القانونية والوعي المجتمعي، حيث قامت بإصدار العديد من البيانات والمنشورات التوعوية والاحصائية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال وسائل الاعلام المختلفة.

وفي الجلسة الثانية التي كانت تحت عنوان "التكاملية في تقديم خدمات العدالة"، قال رئيس تحرير جريدة الحياة الجديدة محمود أبو الهيجاء، نيابة عن المشرف العام على الإعلام الرسمي الوزير أحمد عساف، في ورقته "دور الإعلام في دعم نظام العدالة"، إن الإعلام الرسمي دأب تاريخيا على دعم الوصول إلى العدالة من خلال إفراد المساحة الكافية في المتابعات الإخبارية والبرامجية لتغطية أخبار ومستجدات، وكذلك تحديات السلطة القضائية بكل مكوناتها الرسمية، وإنتاج وتقديم العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية والتقارير المكتوبة التي تعنى في بناء حلقة وصل بين المجتمع المحلي وقطاع العدالة كبرنامج "ملف اليوم" الذي أفرد مساحة كبيرة لقطاع العدالة، وبرنامج "استشارة قانونية"، والبرنامج الإذاعي "رُفعت الجلسة"، و"المجتمع المتمدن" وعشرات التقارير والتحقيقات الصحفية المكتوبة.

وأكد أن ما قدمه الاعلام الرسمي لقطاع القانون والعدالة في البرامج تحمل الهوية القانونية الواضحة، فبرامج حقوق المرأة، والاقتصادية والتربوية والابداعية، تناقش فيها الجانب القانوني باستفاضة وعلى مرات متتالية، إضافة لحرص الإعلام على الحضور الدائم في تغطية ونقل بعض جلسات المحاكمة، وتوقيع العديد من التفاقيات التعاون مع مؤسسات قضائية.

واستعرض أبو الهيجاء التحديات التي ما زالت تواجه قطاع الاعلام في حمل رسالة قطاع العدالة وايصالها للجمهور، من ضمنها تبسيط المفاهيم القانونية بما لا يخل بالمعنى والذي يقع الصحفي فيه ضحية المصطلحات القانونية، وعدم حسم الجدل حول تخصص مقدم البرامج الاذاعية والتلفزيونية القانونية، وغيرها من التحديات.

بدورها، قالت الخبيرة القانونية الايطالية فرانسيسكا باسانيتي في ورقتها بعنوان "الالتزامات الملقاة على أعوان نظام العدالة في تعزيز الوصول إلى العدالة"، إنه تم تشديد العقوبات على بعض القضايا الهامة نظرا لزيادة عدد الحالات، بما فيها الضرر الناتج عن التشويه، والقضايا الجنسية، والاجبار على الزواج من شخص آخر، وهناك معايير تضمن الحقوق للضحية، ومن ضمنها الحق في الحماية والأمن، والقانون الايطالي أكد أن الهدف هو تأمين العدالة للضحية.

من ناحيته، استعرض وكيل وزارة العدل أحمد دبالح في ورقته بعنوان "الأطراف الفاعلة في نظام العدالة"، تكاملية خدمات الوزارة ومؤسسات قطاع العدالة، قائلا إنه تم إجراء الفحص السري والمعاينة لضحايا الايذاء والعنف بتكليف من النيابة العامة والعسكرية، والكشف الظاهري على الجثث بحضور النيابة، وإيقاع الصفة التشريحية لبيان سبب الوفاة، حيث تمت معاينة 423 وفاة، وتشريح 293 حالة كشف ظاهري، أما الفحص السريري فقد تم معاينة 2338 حالة، وفحص مخبري نسيجي بمعدل 733 فحص، والسمة الوراثية بمعدل 12 حالة.

ولفت إلى أن شهادة عدم المحكومية تصدر عن الوزارة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 1 لسنة 2010، بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى والهيئة القضائية لقوى الأمن، من خلال الربط الآلي مع الوزارة، بواسطة مكاتب الوزارة في مختلف المحافظات، ومكاتب البريد، وأصدرت الوزارة (54769) شهادة خلال العام الماضي.

من جانبه، أكد المستشار القانوني في مؤسسة الحق أشرف أبو حية في ورقته الخاصة بعنوان "دور المجتمع المدني في تعزيز الوصول للعدالة"، أن المؤسسات الحقوقية تعمد إلى استخدام منهجيات مختلفة من الرصد والتوثيق باختلاف طبيعة الحقوق التي تتعرض للانتهاكات، ورصد وتوثيق المعلومات الميدانية الواقعية الحقيقية التي يجري البناء عليها للتدخل لدى الجهات الرسمية أو الجهات المرتكبة لتلك الانتهكات، وتتلقى المؤسسات تلك شكاوى من المواطنين ويجري توثيقها وتحليلها، وتحديد طبيعة المتابعات المطلوبة، إضافة للرقابة على الأداء التشريعي سواء فيما يتعلق بالقوانين أو اللوائح والأنظمة أو القرارات بقانون.

من جانبه، قال مساعد النائب العام عبد الناصر دراغمة في ورقته بعنوان "منظور التكاملية مع الشركاء"، إن النيابة تسعى إلى تبادل الخبرات وتوحيد الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة وتعزيز التوعية المجتمعية على المستويين المحلي والدولي، وبناء جسور الشراكة على المستول الإقليمي والدولي، من أجل الارتقاء بمؤسسة النيابة العامة، وبلوغ مصاف العالمية في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين بأشكالها كافة، مؤكدا أن التكاملية المشتركة بين مؤسسات قطاع العدل أدى بدوره لجملة من الفرص والمساحات للعمل والتعاون وفق آليات ممنهجة تقود الى مزيد من تحسين كفاءة وجودة الأداء وصولا الى تحقيق العدالة وسيادة القانون.