السابع عشر من نيسان من كلِّ عام هو يوم وطني بامتياز، فهو اليوم الذي أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني عام ١٩٧٤ ليكون "يوم الأسير الفلسطيني" وفاءً لتضحيات ونضالات أسرانا البواسل وأسيراتنا الماجدات، وتعبيرًا عن مواصلة نهجهم ودعم حقهم في الحرية. وقد اختير هذا التاريخ كونه شهد إطلاق سراح أول أسير فلسطيني في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، "محمود بكر حجازي"، في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.

 

إنَّنا في هذا اليوم المجيد نقفُ وفاءً لروح الأسير الأول، الشهيد أبو بكر حجازي، ونحني الهامات إجلالاً وإكبارًا لأسرانا الأبطال الذين حملوا في وجدانهم ثوابت القضية وأمانة الشهداء ومضوا يتقدّمون الصفوف في ساحات المواجهات وميادين النضال تلبيةً لنداء الوطن مقدّمين الروح والجسد في سبيل تحرير الأرض.

 

هُم القابضون على جمر المبادئ، زادُهُم الصبر والعنفوان، لم تهن عزيمتهم وما وهنت إرادتهم رغم سطوة ووحشية السجان. يصنعون في كل يوم مجدًا من زنازينهم، مُتحَدّين سياسة إدارة المعتقلات العنصرية والجائرة التي تتعمّد ممارسة التنكيل ووسائل التعذيب الهمجي بحقهم. 

 

في يوم الأسير الفلسطيني، تحيةً إلى قناديل الضياء تخترق غياهب المعتقلات وعتمة الليل واليأس والسكون، لتنير لنا درب النضال والحرية وتشحذ هممنا بالأمل، وتمدنا بالعزيمة على استكمال درب الكفاح، والتحية إلى قادة الأسرى وهم يجابهون كل الصعوبات لتوجيه حراكات الأسرى وضمان وحدة الحركة الأسيرة، وتحية إجلال وإكبار لأرواح أسرانا الشهداء الذين ارتقوا في المعتقلات وتحت تعذيب السجان من أجل حرية الوطن، والتحية لكل الأسرى العرب وأحرار العالم أسرى القضية الفلسطينية، وإلى عوائل أسرانا الذين قدموا التضحيات الجسام. 

 

 إنَّ أهمية إحيائنا لهذا اليوم الوطني في كل عام لا تقتصر على تمجيد عظمة تضحيات أسرانا ونضالهم، وإنما هي مناسبةٌ لتسليط الضوء على ما يتعرَّضون له من انتهاكات يمارسها بحقهم الاحتلال العدواني الغاصب الذي لا يقيم أي وزن للكرامة الإنسانية ويضرب بعرض الحائط كل ما نصت عليه المواثيق الإنسانية، مُمعنًا في ممارسة وحشيته وأساليب تعذيبه الجسدي والنفسي بحق أسرانا بلا تمييز بين رجل وشيخ وامرأة وطفل. 

 

وها هو يوم الأسير يحل هذا العام، وأسرانا يعيشون القهر والظلم والألم مضاعفًا بسبب انتشار فيروس "كورونا" وتداعياته التي حوّلها الاحتلال الإسرائيلي إلى أداة جديدة يصعّد من خلالها انتهاكاته وتنكيله بحقهم فيما هو يواصل ممارساته البغيضة بحقهم، والتي ترقى إلى جرائم الحرب، وسط صمت دولي مطبق إزاء كل إجراءات التعذيب، والبطش والإهمال الطبي وحرمانهم العلاج اللازم، واحتجازهم في ظل ظروف غير إنسانية، وحرمانهم من حقهم في الزيارة، وصولاً إلى إصدار الاحتلال قوانين عنصرية تشرعن ممارساته ضدهم، وعلى رأسها قانون "إعدام الأسرى"، منتهكًا بذلك الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وقرارات الشرعية الدولية، وحقوق الإنسان. 

 

 ومن هنا فإننا نناشد الجمعية العامة للأمم المتحدة وجميع الهيئات الدولية الحقوقية والإنسانية، وكل المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، للتحرك الفاعل والجاد باتّجاه توفير الحماية لأسرانا داخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، وإلزام الكيان الصهيوني بالعمل الفوري على توفير مقومات الحياة والخدمات الطبية اللازمة لأسرانا وحفظ كرامتهم الإنسانية، والإفراج العاجل عن أسرانا الذين يناهز عددهم الآلاف، وبينهم عشرات النساء ومئات الأطفال، دون قيد أو شرط، ومحاسبته على جرائمه اللا إنسانية بحق أبطالنا الذين اعتقلوا جورًا لممارستهم حقهم في مقاومة الاحتلال المغتصب لأرضنا وفقًا للحق الذي كفلته لهم الاتفاقيات والمعاهدات والشرعية القانونية الدولية. 

 

كما ندعو جميع شركاء الوطن للتعبير عن الوفاء لأسرانا ومبادئهم وتضحياتهم باستعادة وحدتنا الوطنية، وتصليب جبهتنا الداخلية لمواجهة هذا الاحتلال الجاثم على صدورنا. ونهيب بشعبنا مواصلة مؤازرة أسرانا في معاركهم البطولية بشتى أساليب الدعم والإسناد. 

 

في هذا اليوم المجيد، فإنّنا في إعلام حركة "فتح" في إقليم لبنان نؤكّد الالتفاف حول المواقف الوطنية الصّلبة والمشرّفة للسيد الرئيس حارس مشروعنا الوطني وحامل أمانة الشهيد الرمز ياسر عرفات، الذي يؤكدُ يوميًا عبر المنابر كافةً بأنّ قضية تحرير أسرانا الأبطال وضمان حقوقهم هي ثابتٌ أساسٌ من ثوابتنا، وأولوية في برنامج عمل حركة "فتح"، رافضًا المساس بأيٍّ من حقوقهم مهما بلغت التضحيات. 

 

أسرانا البواسل.. أسيراتنا الماجدات.. 

إنَّ قضيتكم ستبقى عمود ثوابتنا الوطنية، والعهد لكم بأن نواصل الكفاح والنضال حتى تحقيق الأهداف الوطنية التي دفعتم حريتكم ثمنًا لها، ولن يكتمل حلمنا الوطني إلا بحريتكم التي نحملها أمانةً في أعناقنا. 

 

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

والحُريَّة لأسرانا البواسل

والشفاء لجرحانا المناضلين

وإنَّها لثورةٌ حتى النّصر