تقرير: إيهاب الريماوي

في عز الأزمات كالحروب وانتشار الأوبئة تطفو على السطح الكثير من الشائعات التي تسبب الإرباك وتبث الرعب في نفوس المواطنين، وتعتبر من أخطر الأسلحة التي تستوجب التصويب والمساءلة.

خلال اليومين الماضيين برزت على مواقع التواصل الاجتماعي مسألة انقطاع الأوكسجين عن بعض المستشفيات، الأمر الذي تسبب بحالات وفاة، وتصاعد هذا الموضوع بعد حادثة مستشفى السلط في الأردن ووفاة 6 مرضى بعد انقطاع الأوكسجين عنهم.

ووفق أستاذ الإعلام المجتمعي محمد أبو الرب فإن هذه الشائعة تعتبر من أخطر أنواع الشائعات منذ بداية جائحة فيروس كورونا، لأنها تتعلق بمسألة حياة أو موت، وتمس كل العائلات التي لديها مصابون داخل المستشفيات، أو الذين يحتاجون الدخول إليها.

ويضيف ان هذه الشائعات تنشر الخوف والقلق في صفوف المواطنين خاصة المرضى منهم والتي تسبب حالة نفسية سيئة، تؤدي إلى نتائج عكسية على الصحة.

ويتابع أبو الرب ان "المواطن ليس بطبيب، والصحفي ليس بطبيب ليشخص سبب الوفاة لمريض كورونا، نعم هنالك ضغط كبير على المستشفيات وهنالك مسؤولية على مختلف الجهات لتوفير احتياجات المرضى، لكن نشر شائعات عن وفيات بسبب نقص الأوكسجين فيه مسؤولية كبيرة".

وأردف: "فليفكر من ينشر الشائعات بالحالة النفسية لمصابي كورونا في المستشفيات وعائلاتهم، ما الهدف من نشرها؟ هل نشر "سكرين شوت" لمرافق مريض توفي بسبب كورونا كاف لينقل الصحفي ويجزم بأن سبب الوفاة نقص الأوكسجين؟ هل المرافق طبيب ليشخص أم أنه واقع فعلا تحت حالة غضب وحزن من شعور الفقد".

 وقال أبو الرب إن "هذا الكلام لا يخلي مسؤولية وزارة الصحة والمستشفيات عن توفير الأوكسجين، لكن بعض المنشورات تضر أكثر مما تفيد، فيما أن المطلوب من الصحة أن ترد بأكثر من بيان نفي، ومطلوب من مدراء المستشفيات الخروج إلى الإعلام لشرح وتشخيص الحالات المتداول حولها كلام حول أسباب الوفاة وظروفها، كما أن على وزارة الصحة سرعة التوضيح إن كان هناك خطأ، ويجب تطمين المواطنين بعدم تكرار الخطأ في حال وقوعه، فالأمر بحاجة إلى محاسبة قانونية لضمان وقف الشائعات خاصة في هذه الأوقات الحساسة التي تتعلق بالحياة والموت".

ويرى أبو الرب أن المطلوب الآن هو التدقيق والتحقيق وإثبات المعلومة قبل نشرها، وحتى إذا كانت هناك أخطاء ليس المطلوب تبريرها ولا تضخيمها حفاظاً على الحالة النفسية للمصابين وعائلاتهم.

أما مديرة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الدكتورة سماح جبر فقالت إن الشائعات تضعف ثقة المواطن بالمؤسسات الصحية والجهود المجتمعية والتضامنية في مواجهة الوباء.

وأضافت: "منذ بداية الوباء كان هناك اعتماد كبير على وعي الناس وسلوكهم الإنساني في حجر أنفسهم في حالة ظهور أعراض لديهم، لكن مع إطلاق الشائعات تضعف الثقة، وتؤدي لابتعاد المصاب عن الإبلاغ عن اصابته وبالتالي استمرار انتشار الفيروس".

وأرجعت جبر سبب انتشار الشائعات إلى حالة القلق في المجتمع الفلسطيني، خاصة في ظل الانتشار الكبير للفيروس مقابل بداية انحصاره لدى الشعوب التي تتوفر لديها اللقاحات، بما فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تتباهى بحصولها على 14 مليون لقاح، وصولاً إلى إعلان نيتها إنهاء حالة العزل والحجر.

وأكدت بأنه يجب دحض الشائعات من خلال المعلومات الدقيقة، وهذا ما كان في بداية الجائحة حيث انتشرت بعض الشائعات والتي انتهت بعد دحضها بالمعلومة الصحيحة، كما أنه لا يوجد أي دليل على انقطاع الأوكسجين في المستشفيات الفلسطينية، في ظل عمل الطواقم الطبية بكل ما تمتلك من إمكانيات، وعدم تواني الصحة عن إعطاء المعلومات للمواطنين.

وتابعت جبر: ان "الشائعات لما تنتشر فإنها تنتهي بسرعة والذي ينهيها هو المعرفة والشفافية والانكشاف على الناس من خلال توفير المعلومات الدقيقة لهم، فعندما يشعر المواطن بأن الأرقام دقيقة والمسؤول يحدثهم بشكل مباشر حول كل المستجدات فإنه سيستعيد الثقة".

وكانت وزارة الصحة أشارت في بيان لها إلى أن بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي استغلوا الحادث الأليم الذي وقع في مستشفى السلط، وقاموا بترويج إشاعات حول حدوث وفيات في فلسطين نتيجة نقص الأوكسجين، موضحة أنها ستلاحق قانونياً كل من يروج الإشاعات حول القطاع الصحي ويبث الرعب في المجتمع، فيما أكدت أن فلسطين لم تسجل أي وفاة في فلسطين نتيجة نقص الأوكسجين.