الشعب الفلسطيني واقعيًا، وفي نظر القانون الدولي واقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإن الحكومة الإسرائيلية هي من يتحمل مسؤولية تأخير وصول لقاح التطعيم ضد الكورونا إلى الضفة وقطاع غزة حتى الآن. فالسلطة الوطنية لا تسيطر على الحدود والمعابر، ومن دون شك أن مسألة التطعيم قد كشفت مدى عنصرية دولة الاحتلال هذه، ففي حين أن أكثر من 20% من الإسرائيليين قد تلقوا التطعيم، وهي أعلى نسبة في العالم، فإن أيا من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لم يتلق التطعيم حتى الآن!

الحكومة الفلسطينية، وبتوجيهات من الرئيس محمود عباس تحاول جاهدة تأمين كميات كافية من التطعيم، وهي ستحصل على ذلك قريبًا، كما أعلنت، إلا أن الجميع يعلم كم هي إسرائيل دولة محظية باهتمام الولايات المتحدة، والدول الكبرى الأخرى، إلى درجة أن نسبة التطعيم في إسرائيل هي أعلى  بكثير مما هي في الولايات المتحدة ذاتها، ومن بريطانيا والمانيا، وهي دول منتجة للقاح، وهذا بحد ذاته يطرح أكثر من علامة سؤال؟

ليس الجانب الفلسطيني وحده من يحمل إسرائيل مسؤولية هذا التأخير، بل أيضًا الأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية "امنستي" ومنظمات وهيئات دولية أخرى، وحتى المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة "بتسيلم"، الذي كشف الجوهر العنصري لدولة الاحتلال، هو الآخر حمل إسرائيل المسؤولية. كما لم يقتصر هذا الموقف على جهات ومؤسسات، بل وسائل إعلام عالمية مهمة ومن بينها "سي ان ان" قد وجهت النقد لإسرائيل على هذا التمييز وعدم المساواة في إعطاء التطعيمات.

ولعل ما تقوم به إسرائيل لا يتوقف عند حدود التمييز العنصري، وهو بحد ذاته بشع جدا، إلا أن عدم تسهيل تطعيم الفلسطينيين هو نوع من العقاب الجماعي، بسب إفشال مخطط نتنياهو للضم. فالشعب الفلسطيني والحالة هذه يتعرض للعنصرية والعقاب والابتزاز، فهل هناك أبشع من هكذا احتلال؟ وتؤكد اسرائيل مرة أخرى أنها تريد احتلالًا غير مكلف، وتؤكد شعارها الصهيوني العنصري "أرض أكثر وسكان أقل" أي ضم الأرض من دون وجود سكان أو تحمل مسؤولية السكان!

هذا النظرة الإسرائيلية للأمور لن تغير من الواقع شيئًا، كما لن تنطلي على المحتمع الدولي، فالشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يزال تحت الاحتلال ما دامت السلطة الوطنية ممنوعة من ممارسة السيادة على الارض والحدود بالكامل، وما دام الشعب الفلسطيني  ممنوعًا من ممارسة حقه في تقرير المصير، وهو حق حاولت الحكومة الإسرائيلية بالتواطؤ مع إدارة ترامب حرمانه منه عبر صفقة القرن.

أن ما يشهده شعبنا الفلسطيني هو عقاب جماعي لأنه رفض هذه الصفقة واسقطها. أن ما يجري هو جريمة حرب إضافية وعلى المجتمع الدولي ان يكون حازما بشأنها، حتى والحكومة الفلسطينية تؤكد أنها بالرغم من ذلك، لن تتخلى عن مسؤولياتها في تأمين التطعيم لكل مواطن فلسطيني.