تقرير: يامن نوباني
لم تُفقد خلة حسان (4 آلاف دونم) حتى الآن، ولم يطأها الاستيطان، لكنها ومنذ عام 1983 تعتبر نقطة ساخنة في مشهد محاولات التوسع الاستيطاني في شمال الضفة الغربية، وفي أكثر المحافظات ضررا وتأثرا بالاستيطان، وهما سلفيت وقلقيلية.
تقع تلة خلة حسان جغرافيا غرب بلدة بديا غرب سلفيت، لكنها في الواقع تتوسط ثلاثة ظروف: تزوير أراضيها ومحاولات تسريبها، وعربدات المستوطنين للسيطرة عليها، وقلة الاعتناء بأراضيها بالشكل المطلوب.
في المحاكم، لا تزال هناك عدد من القضايا تتعلق بـ200 دونم من أصل 1100 حاولت شركات وسماسرة تزويرها وتسريبها لصالح الاستيطان، فيما نجحت المساعي القانونية باسترداد أكثر من 900 دونم عبر سنوات طويلة من المواجهة القانونية في محاكم الاحتلال.
يُرى من قمة "خلة حسان" نقاط متباعدة لعدد من الأراضي الزراعية التي جرى استصلاحها، وهي جزء بسيط من المنطقة، لذا يلوم وبشدة، عدد من الناشطين والمهتمين بمقاومة الاستيطان والدفاع عن الأراضي، عدم تواجد أصحاب الأراضي بشكل دائم أو شبه دائم في أراضيهم والاعتناء بها أكثر، وهي الخطوة التي تردع محاولات المستوطنين.
بعد الهبوط من أعلى تلة "خلة حسان" بنحو 200 متر، يوقف الناشط في الدفاع عن الأراضي، عبد الحكيم ابراهيم مركبته ينتظر لثوانٍ حتى ينقشع الغبار الذي تسببه الدواليب المسرعة في الطرقات الزراعية، يفتح الباب ويمد رأسه للأرض، ينظر لطريق فرعية قادمة من واد قانا، يلتفت إلى الناشط في الدفاع عن الأراضي، أيمن أبو صفية ويقول: "جايين اليوم. كصحفيين نزور المكان لأول مرة، نستغرب وقوفه فجأة ويتملكنا الفضول لمعرفة من هم الذين أتوا اليوم؟ فيرد ابراهيم: المستوطنون، أعرف ذلك من أثر دواليب "التراكتوران"..
يلخص عبد الحكيم، أن الحل لإبعاد تهديد المستوطنين ومحاولاتهم السيطرة على الخلة بعبارة: يجب أن يعود الناس للاهتمام بأرضها والتواجد بشكل دائم فيها، هكذا تصان الأرض وتبقى بأيدينا. منوها إلى أن المستوطن مدفوع له من قبل مجلس المستوطنات ومن حكومة الاحتلال، ليقوم بابتزاز المواطن وابعاده عن أرضه
تعلو "خلة حسان" قليلا عن تلال مجاورة تعود لقرى وبلدات تشكل ما مجموعه عشرة آلاف دونم، مهددة من قبل الاحتلال، خاصة مستوطني "معاليه شمرون" القريبة، من يسكنون أطراف تلك المستوطنات والبؤر في غرف متنقلة، وهم بحسب الناشط في الدفاع عن الأراضي، أيمن أبو صفية: رأس الحربة في مهاجمة المواطنين وأصحاب الأراضي، حيث يحومون في المنطقة بشكل دائم وسرعان ما يهاجمون المزارعين والنشطاء حال وصولهم الخلة، وكانت اخر اعتداءاتهم إطلاق النار على مواطنين واصابتهما بالرصاص الحي في تموز الماضي.
ويضيف: المنطقة هناك بعيدة عن الأماكن المأهولة (مسافة 4 كيلومترات تقريبا) وفي حال وقع اعتداء واصابات يصعب وصول اسعاف في الوقت المحدد أو وصول نجدة من الأهالي.
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ممثلة برئيسها، الوزير وليد عساف، ومحاميها وموظفيها، أولوا أهمية بالغة لما يجري في "خلة حسان" من محاولات تزوير وتسريب، الهدف منها إنشاء بؤرة استيطانية كمقدمة لإنشاء مدينة استيطانية كبيرة، تفصل محافظتي سلفيت وقلقيلية، وتسيطر على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الخصبة للمواطنين في خمس قرى وبلدات، هي: بديا، وقراوة بني حسان، وسنيريا، وكفر ثلث، ودير استيا.
وكان عساف أعلن في مؤتمر صحفي في بلدة عصيرة الشمالية قبل شهرين إفشال تسريب وتزوير 118 دونما في خلة حسان، منوها إلى أنه في الثمانينيات كان الاحتلال يخطط لإنشاء مدينة استيطانية، وربط كتلة "معاليه شمرون" مع "الكناة، وبركان، وارئيل" وبالتالي فصل محافظة قلقيلية عن محافظة سلفيت، حيث في العام 2016 تم الاعلان رسميا عن إنشاء المدينة الاستيطانية.
وأضاف: قمنا بالتحرك بسرعة وقوة ونجحنا خلال الأعوام الستة الماضية باسترداد 970 دونما، وفي تشرين الأول 2019 تمكنت الطواقم القانونية للهيئة من افشال محاولة تزوير واستيلاء للاحتلال على 37 دونما في منطقة خلة حسان، وفي تموز 2019 افتتحت عدة طرق زراعية في المنطقة لتعزيز صمود المواطنين.
بلدية بديا، دعمت الخلة بالعديد من المشاريع والمساعدات، كافتتاح طرق زراعية وتوفير وزراعة مئات أشتال الزيتون، وإمداد المنطقة بخزانات مياه، لكن المستوطنين وجيش الاحتلال قاموا بتدمير تنكات المياه وإغلاق عدد من الطرق الزراعية.
البلدية عادت مجددا لإحياء الخلة، عبر مشروع إنشاء "كلعب كرة قدم"، وبعد حضور الآلات المخصصة للعمل به وتمهيد قطعة الأرض والبدء بتسويتها وتجهيزها، حضر جيش الاحتلال وصادر المعدات والآلات وأوقف العمل به.
وقال رئيس بلدية بديا، أحمد أبو صفية لـ"وفا": "عملنا وسنعمل على إبقاء خلة حسان خالية من الاستيطان، ونبذل قصارى جهدنا للدفاع عنها عبر الفعاليات الشعبية وخاصة صلاة الجمعة على أرضها".
وأضاف: لدينا عدد من المشاريع التي ستنهض بالخلة، بعضها جمدها ومنعها الاحتلال، ومشاريع أخرى عملنا ونعمل على توفيرها، كبناء أسيجة حول الأراضي، ووضع غرف زراعية، ومد خط كهرباء، وحفر آبار ارتوازية، وهي خطوات من واجبنا القيام بها.
بدوره، قال مدير الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عايد مرار، لـ"وفا": إن خلة حسان والمنطقة ككل مستهدفة منذ عشرات السنوات، هناك أراضٍ حوّلها الاحتلال كمحميات طبيعية كوادي قانا، وأخرى عدها أراضي دولة "مشاع"، بينما يحاول الاستيلاء على خلطة حسان منذ ثمانينات القرن الماضي، عبر التزوير والتسريب، لكنه فشل في معظم تلك الصفقات.
وتابع: نجحنا في استرداد أكثر من 900 دونم من أصل 1800 تحت تهديد التزوير، والمطلوب هو التحرك عبر ثلاث خطوات للحفاظ على خلة حسان، أولها: المستوى القانوني، والعمل الشعبي، والتوثيق (توثيق أي اعتداء على المواطنين والأراضي في أي مكان)، مشددا على ضرورة الفعل الشعبي لأن المستوطن حين يرى أنه سيدفع ثمن مقابل اعتداءاته على الأراضي، لن يقوَ على الاستمرار في أفعاله.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها