يكاد نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يدخل في مرحلة الهذيان، فقد عمل نتنياهو طول فترة حكمه التي تجاوزت كل رؤساء حكومات إسرائيل منذ انشائها، عمل بجهد عنيد على نفي صلاحية أي إطار إسرائيلي عدا ما يقوله هو وما يريده هو باستمرار تمرغه في الفساد دون أدنى حضور للقضاء او القانون الإسرائيلي، ودون أدنى وجود لأي منافس إسرائيلي حتى لو كان هذا المنافس حزب الليكود نفسه الذي يرأسه بعد أن نجح نتنياهو في جعل حزب الليكود يقتنع حتى النخاع بانه غير مؤهل لانجاب بديل عنه، بل أنه حتى حكومة التبادل التي شكلها وتراسها نتنياهو بعد ثلاث انتخابات في عام واحد يقترب عبر تكتيكاته المغشوشة من الخلاص منها عبر انتخابات جديدة، بل أن هذا الحضم القوي وهو كوفيد 19 لم تنجح معه إدعاءات نتنياهو جميعها، فالوباء في إسرائيل تهديد يومي مستمر، وأعداد المصابين تزيد عن سبعين الفا، وكل الإجراءات التي اتخذها نتنياهو ارتدت عليه بالفشل ابتداء من الإجراءات الصارمة في الإغلاق الى إجراءات الانفتاح التي هي ليست أكثر من إدعاءات واوهام، بل انه حتى السلوك العدواني المرضي الذي يمارسه الاحتلال الاسرائيلي بقيادة نتنياهو ضد شعبنا الفلسطيني، بحجة نقل العدوى الى صفوف الفلسطينيين وارباكهم بزيادة معدلات الجريمة الداخلية وعمليات القتل التي صارت حدثا يوميا في صفوف الفلسطينيين داخل ما يسمى الخط الاخضر والتي يتورط فيها بعض العائلات والعشائر بدون قيام إسرائيل بالحد الادنى من واجباتها بتطبيق القانون وملاحقة مرتكبيها هذا العنف الداخلي، ما جعل مجتمعنا العربي أو المجتمع داخل الاراضي الفلسطينية يتعرض لكوفيد 19 عمدا، ويتم تشجيعه على تضخيم العنف والقتل الذي تتصاعد إرقامه دونما ادنى تدخل من الشرطة الاسرائيلية.

لكن رغم هذا كله، ورغم مضاعفة معدلات الاستيطان الى درجات شاذة، فان نتنياهو يدخل مرحلة الهذيان، والمظاهرات ضده على خلفية فشله ضد كوفيد 19 ومازق المعارضة الواسعة لقرار الضم الذي كان نتنياهو يراهن عليه بانه سبيل الخلاص النهائي من تهم الفساد وسبيل الخلاص النهائي من تهديدات السقوط.

وهذه المظاهرات في القدس وفي تل أبيب والتي ستتوسع وصولاً الى نيويورك وعواصم ومدن عالمية اخرى وراءها سبب رئيسي وهو الاحتشاد الفلسطيني الذي هو في مرحلة الاوج ويوجه انذارات كثيرة وطموحات كثيرة. الان الاحتشاد الفلسطيني يشكل نموذجا منفردًا وخارقًا بين الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، وهذا الاحتشاد يكاد يكتمل الاعتراف به بانه الرافعة الاولى والاساسية في خلق حراك عربي جديد في الصميم، فاذا لم تكن فلسطين وقضيتها المركزية في الصميم، فان أي حراك عربي مصيره الذوبان والتفكك والتلاشي.

ونتيجة محاولات أميركا وإسرائيل افقاد القضية الفلسطينية مركز الصدارة واحلال موضوعات أخرى مكانها بسبب تداعيات اندياحية في السنوات الاخيرة ومن ثم عودة الانتباه من جديد بان القضية الفلسطينية من العار تقديمها كانها مجرد عبء، هي وعد وليست عبئا، وكيف لامة ان تكون بدون ان يكون لها وعدها الحق، وقد اكتشفنا أن إسرائيل التي انشئت بالقوة في قلب الوطن العربي، ليس مهمتها الوجود فقط بل التمدد السرطاني حتى عنوان كاذب ورخيص وهو ادعاء أن ما تريد من أرض أو سيطرة بالقوة القصوى على مصير هذه المنطقة العربية وتشجيع اعدائها الطائفيين وورثة الاحقاد القديمة لكي يتامروا عليها حتى مع الشيطان نفسه،وان تهميش القضية الفلسطينية باشكال جديدة مثل التطبيع المجاني وان هذا التطبيع المجاني سيكشف لنا انماطا من القوى والأفراد هم أكثر بشاعة من الشياطين أنفسهم. لكن هناك حراك عربي الآن لحل الصراعات الاقليمية الراهنة. هذا الحراك فتح بابا جديدا للامل يجب أن يكون محوره الأول هو فلسطين، كيف يمكن أن نتحد بدون قضية عميقة الجذور، وصارخة العدالة، وحمل اعتراف من الجميع، هنا تاتي الاهمية الخارقة للاحتشاد الفلسطيني، وهناك يمكن ان توصد الأبواب امام صفقة القرن وقرار الضم التي جاءت الاخبار مجددا بان الحوار الاميركي مع اسرائيل بخصوص الضم قد يتوقف والفرص امام استئنافه ضعيفة جدا، صفقة القرن وقرار الضم معنيان لشيء واحد، جوهره الجملة التي ابتدعها الاسرائيليون، هذا لازم لنا، القدس لنا، الجولان لنا، بئست الوعود الكاذبة، بئست الخرافات التي لا أساس لها، رب فلسطين يثبت كل يوم انك الوعد الذي يجب أن ينتصر.