تصادف يوم غد الجمعة الخامس عشر من أيار الذكرى الثانية والسبعين لـ"نكبة فلسطين" التي تمثّلت باقتلاع غالبية أبناء شعبنا الفلسطيني من أرضهم وديارهم على يد العصابات الصهيونية بقوة الاحتلال والإحلال والاستيطان والإرهاب والمجازر، ليذوقوا في تغريبتهم مرارة اللجوء وعذابات التشرد.
في هذا اليوم الأليم نتوجه بالتحية من كافة أبناء شعبنا الفلسطيني الصابرين الصامدين في الوطن الحبيب فلسطين، الذين مازالوا ثابتين على الأرض الفلسطينية الحبيبة ومنغرسين فيها كشجر الزيتون والسنديان، ويقاومون الاحتلال الصهيوني بالإرادة والعزيمة، ويقدمون التضحيات الجسام، ويروون تراب الوطن بدماء الشهداء، لكي تنبت شجرة الحرية والاستقلال والعودة.
كما نتوجه بالتحية من جميع أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يهيمون في بلاد اللجوء والشتات والتشرد وخاصة هنا في لبنان، المتمسكون بحق العودة كمثل القابض على الجمر بسبب استمرار المؤامرات التي تستهدف شطب حق العودة غير القابل للتصرف وفق ما نص عليه القرار الأممي 194.
إنّ النكبة الفلسطينية التي حلت بشعبنا في العام 1948 وتتوالى فصولها منذ 72 عاماً مازالت مفاعيلها وارتداداتها مستمرة حتى يومنا هذا، ومازال الاحتلال الصهيوني مستمر في محاولة تصفية القضية الفلسطينية والنيل من حقوق شعبنا الثابتة، عبر مواصلته مصادرة وسرقة أراضي الفلسطينيين وبناء المستوطنات وتوسيعها وهدم المنازل وتجريف المزروعات وبناء جدار الفصل العنصري الذي يقطع أوصال الوطن، وحصار غزة، وتهويد مدينة القدس بشكل ممنهج ومنظم، فضلا عن ممارسته كل أشكال الإرهاب من قتل وتدمير ضد شعبنا في قطاع غزه والضفة والقدس، إضافةً إلى اعتقال الآلاف من أبناء وبنات شعبنا وزجهم خلف القضبان بشكل تعسفي ومخالف لكل المبادئ والقوانين والأعراف المتعلقة بحقوق الإنسان.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني الأبي في لبنان
إنَّ أخطر ما تمرُّ به قضيتنا في هذه المرحلة يتمثل بعزم الكيان الصهيوني على بسط سيطرته على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية مدعوماً من الإدارة الأمريكية التي شجعتها ومنحتها الضوء الأخضر لضم جميع المستوطنات واقتطاع أجزاء كبيرة من أراضي الضفة والأغوار الفلسطينية، وشمال البحر الميت، بتماهٍ كامل مع ما يسمى بـ "صفقة القرن" المزعومة التي أعدتها الإدارة الأمريكية وفق رؤية العدو الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية، في خرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة وجميع أحكام القانون الدولي ذات الصلة، وانتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي، مما سيكون لها آثار مدمرة على حقوق شعبنا الفلسطيني وتطلعاته الوطنية، وستشكل تهديدا خطيرا للسلام الإقليمي والنظام الدولي القائم.
إننا نثمّن عاليًا المواقف المبدئية الراسخة وبيانات الإدانة القوية الرافضة لما يسمى بصفقة القرن والمخططات الصهيونية، التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والعديد من دول العالم الصديقة والمناصرة لقضيتنا وبالذات الاتحاد الأوروبي والعديد من الحكومات العربية، وندعو إلى اتخاذ كافة التدابير الصارمة والإجراءات القانونية العملية والقيام بخطوات استباقية وملموسة لمحاسبة دولة الاحتلال وردعها لمنعها من ارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعبنا، من خلال تأمين الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس، ووقف كل ممارسات سلطة الاحتلال غير القانونية وإجبارها على عدم تنفيذ مخططاتها ومشاريعها التصفوية. وبهذا السياق فإننا في منظمة التحرير الفلسطينية نشدد على الإبقاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" باعتبارها الشاهد الحي على الجريمة الكبرى التي ارتكبتها العصابات الصهيونية المدعومة من القوى الاستعمارية الكبرى في حينه، ونؤكد على ضرورة أن يتحمّل المجتمع الدولي والدول المانحة المسؤولية الكاملة عمّا تسببت به نكبة فلسطين من كوارث ومن تشريد لمئات الآلاف من أبناء شعبنا وعائلاتهم، والذين تزايد عددهم مع مرور الزمن، ليفوق تعدادهم الملايين المنتشرين في مخيمات اللجوء والشتات، من خلال دعم الوكالة مالياً وتغطية العجز في الموازنة العامة بسبب قيام الإدارة الأمريكية بحجب التمويل عنها، لكي تتمكن من القيام بمسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم.
إن قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية تدين بشدة الإجراءات التعسفية والقمعية بحق الأسرى الفلسطينيين الذي تجاوز عددهم الـ5000 أسير وأسيرة، التي أدت إلى وفاة السجين الفلسطيني نور جابر البرغوثي ( 23 عاما) في سجن النقب الإسرائيلي، أواخر الشهر الماضي/ نيسان بعد أن رفضت سلطة الاحتلال تقديم المساعدة الطبية له، وأمام هذا الواقع الذي يعاني منه أسرانا البواسل فإننا ندعو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى التدخل بشكل فوري وعاجل لدى دولة الاحتلال الصهيوني من أجل إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين وخاصة المرضى والنساء والأطفال وكبار السن، سيما في ظل ما يواجهه العالم جراء جائحة كورونا، وإلى وضع حد لسياسات الاحتلال القاسية والقمعية والتعسفية غير القانونية.
تؤكد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أن حق العودة سيبقى حقّاً قانونياً وشرعيا للاجئين الفلسطينيين، وهو حق فردي وجماعي لا يسقط بالتقادم، ولا يمكن لأية جهة أو دولة مهما بلغت قوتها من شطبه، وأن اللاجئين الفلسطينيين هم أصحاب الأرض الحقيقيين وان عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 طبقاً للقرار 194 هو مرتكز أساسي لأي حل، ونرفض رفضا قاطعا كل مشاريع التهجير والتوطين في أي بقعة على وجه الأرض، وبناء عليه فإننا نجدد دعوتنا لأشقائنا في لبنان إلى ضرورة إنجاز ملف الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين فيه، لتعزيز صمودهم وبقائهم والحفاظ على وجودهم تحت سيادة الدولة اللبنانية وسلطة القانون حتى تحقيق عودتهم إلى أرضهم وديارهم.
في يوم النكبة، نجدد التفافنا ووقوفنا إلى جانب القيادة الفلسطينية الشرعية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس/أبو مازن وندعم مواقفها الوطنية الثابتة والشجاعة الرافضة للحلول المجتزأة والتوطين والوطن البديل ولكل الحلول التي تتجاوز الحقوق الفلسطينية المشروعة والثابتة التي أقرتها الشرعية الدولية وفي المقدمة منها حق العودة، وسنقف دائماً سداً منيعاً لحماية ثوابتنا الوطنية لإسقاط كل المشاريع التي تستهدف قضيتنا بما فيها صفقة القرن الأميركية الصهيونية المزعومة، مؤكدين بأن في الفرقة وهن وبالوحدة الوطنية قوة، لذلك نرى بأن إنهاء الانقسام، ضرورة وطنية وحتمية لإفشال كل المؤامرات والمخططات التي تستهدف قضيتنا الفلسطينية ولإسقاط صفقة القرن الأميركية المزعومة التي لن تمر رغم كل الضغوطات والتهديدات الأمريكية الصهيونية.
إننا في ذكرى النكبة نطالب المجتمع الدولي بإنهاء أطول احتلال عرفه التاريخ، وإنصاف الشعب الفلسطيني بإنهاء معاناته ورفع الظلم التاريخي الذي لحق به والمستمر منذ 72 عاماً من الاحتلال الصهيوني الغاشم، وتمكينه من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة، في تقرير مصيره واستقلاله الوطني الكامل، وحقه في العودة إلى دياره التي هجر منها عام 48، طبقاً للقرار 194 وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ندعو جماهير شعبنا الفلسطيني في لبنان إحياء هذه المناسبة الأليمة برفع الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء على شرفات وأسطح المنازل والمقار والمؤسسات الفلسطينية، والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر غداً الجمعة الموافق 15 أيار 2020.
نعاهد جماهير شعبنا في الوطن والشتات، بأننا مستمرون في نضالنا وكفاحنا ومقاومتنا بكافة أشكالها حتى النصر.
الحرية لأسرانا البواسلِ
المجد والخلود لشهدائِنا الأبرارِ والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال
عاشت فلسطين حرّة عربية أبية
إننا لعائدون
منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان
14/5/2020
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها