ودَّع مخيم الرشيدية قبل ثلاثة أيام شاباً فلسطينياً خلوقاً، ونموذجاً طيباً في منبته الأسري، وفي علاقاته الاجتماعية، وفي سلوكه المثالي، ومحبة الناس له. المخيم وأيضاً الجوار خرج بزخم، وألم، شيباً وشباناً، والجميع ابتلت عيونهم بالدموع وكل واحد يعتبر أن الفقيد هو فقيده، الآن رحل الشهيد المرحوم عباس قاسم وترك جرحاً نازفاً في وجدان وقلوب الجميع. لقد بكاهُ الجميع، والجميع كان يشعر أن الراحل رحمه الله امّا أخوه أو ابنه أو رفيقه، فكان رحمه الله ليس عزيزًا فقط على اهله وانما محبة الناس له، وتعاطفهم معه ومع اسرته، جعلته يسكن كل القلوب لان المصاب جلل، ولكن عزاء الجميع كان بأن رحمة الله وسعت كل شيء، وانه ضيف من ضيوف الجنة.
لا نبالغ اذا قلنا بأن المرحوم عباس قاسم هو شهيد المخيم، وذكراه تسكن في قلوب كل الاوفياء، وعطر رحيله الطيب سيواكب جثمانه الطاهر. ونحن نطمع برحمة ربنا بأن يجعل قبره روضةً من رياض الجنة.
بناءً على ما تقدم فاننا نعتبر هذه الرمزية الطيبة التي تركها شهيدنا انما هي جرس انذار لنا جميعاً، وان شئتم اعتبروها صرخةً مدوِّية بوجهنا جميعاً من اجل استنهاضنا، ووضعنا امام مسؤولياتنا كشعب تقع على عاتقه احمالٌ ثقيلةٌ ومسؤولياتٌ وطنية، ودينية، واجتماعية.
ان الوفاء لامثال هؤلاء الشهداء الابرياء يكون باجتثاث كافة الاسباب والعوامل، والادوات التي كانت سبباً في ارتكاب مثل هذه الجرائم، هذا اذا كانت لدينا النيات الصادقة بالانتقال الى واقع جديد يليق بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
ان محاربة الفتنة التي شاهدنا فصولها وصورها البشعة يبدأ بقطع الجذور التي تعتاش عليها، وتستقي منها مثل هذه الفتن.
وهذا يعني تفعيل دورنا الميداني في ملاحقة، ومطاردة، وتعقُّب مثل هذه الحالات، واستئصالها من جذورها ضمن خطط مدروسة امنياً، واجتماعياً، وعسكرياً وبموافقة ومشاركة جميع الأطراف ولا احد يستطيع التهرب من مسؤولياته.
ان المطلوب هو خطوات جريئة وشجاعة ومدروسة لان الوضع لم يعد يُحتمل.
ونحن الآن نتحدث عن قفزةٍ وطنيةٍ ميدانيةٍ ندرك تماماً ان هناك تبعات مختلفة يجب ان نتحملها بكل امانة، وكل جهةٍ تدرك مسؤولياتها، والادوار المرسومة يجب ان تكون واضحةً ومتكاملة.
والنقطة الاساسية التي لابد من الاشارة اليها، هي انه لا يجوز استبدال المشاركة والتفاعل بإثارة الصراعات الحزبية، والتنظيمية وكَيْل الاتهامات والشتائم لان مثل هذه الممارسات تعمق الخلافات، وتولِّد صراعات جديدة، واغراق المجتمع فيها، بدلاً من انقاذ المجتمع وانتشاله من مستنقع تراكم الأزمات والامراض، وخاصةً المخدرات والسيطرة على كل منابع وادوات ومصادر هذه السموم المتفشية.
نؤكد ان مهمة بناء المجتمعات وخاصةً المخيمات تحتاج الى همةِ القادة المؤمنين بدورهم، الاوفياء لقضيتهم، والى المقاتلين الابطال والذين رهنو ارواحهم في سبيل شعبهم وقضيتهم وامن مخيماتهم التي عاشوا فيها هم وآباؤهم، وهم المؤتمنون عليها. المرحلةُ مرحلةُ وفاء، وائتمان، وليست مرحلة بحث عن مكاسب سياسية.
قيادة حركة "فتح" في لبنان - إعلام الساحة
١٢-٥-٢٠٢٠
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها