من أعلى قممها قررت "دورًا" أن ترد الجميل لقامات تاريخية وشخصيات عظيمة وتخلد ذكراها.. إذ كانت لهم مواقف استثنائية في دعم مسيرة شعبنا التحررية ولطالما مدوا يد الدعم والعون لنضال شعبنا الفلسطيني.
لقد أقامت "دورًا" جدارية حجرية منقوشة يدويا تميزت عن غيرها من الجداريات الكثيرة في البلدة باشتمالها ليس على البعد الوطني فحسب، بل تجاوزت ذلك لتشمل أيضًا البعدين الإقليمي والأممي فاحتوت إلى جانب صورة الشهيد الرمز ياسر عرفات صورًا لقادة تعدت سيرهم النضالية حدود أوطانهم.. كالرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين وقادة أمميين، الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، والثائر الأممي تشي جيفارا، والرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز، الذين قادوا بلدانهم في الخندق المناهض لسياسات الدول الاستعمارية في المنطقة والعالم وكانوا من أكثر المناصرين والداعمين لنضالنا المشروع لدحر الاحتلال البغيض.. لذلك لم يكن من باب الصدفة أن اطلق عليها اسم جدارية الأحرار.
حين شاهدت هذه الجدارية لأول مرة- وهي بالمناسبة للفنان الفلسطيني والعالمي يوسف كتلو وهو صاحب أكثر من جدارية في دورا وعلى مستوى الوطن من بينها جدارية "حكاية شعب" وجدارية "الشهيد باجس أبو عطوان"، وجدارية الشاعر الراحل محمود درويش، وجدارية الشهيد ماجد أبو شرار وجدارية الكاتب المفكر الشهيد غسان كنفاني وجدارية الحلم الفلسطيني- حين شاهدتها لم يلفت انتباهي معانيها السياسية والنضالية فحسب بل شدني أيضا اختيار مكانها وما يضيفه لها هذا الاختيار من رمزية تشي ببعد ديني حين تجاور مقام النبي نوح عليه السلام فيعانق الهلال على قبته الصليب على كنائس هافانا وكاراكاس وكل بقعة في هذا العالم حيثما وجد مدافع عن حقوق شعبنا أو مناصر لنضاله المشروع.
يا له من اختيار موفق لا أملك إلا أن اقول هنيئا لصاحبه ببعد البصر والبصيرة.. كيف لا والموقع يتوسط أيضا عشرات مدارس الذكور والإناث والمجمعات الحكومية والمقار الأمنية والجمعيات الخيرية وكأنه بذلك يريد أن يغرس في عقول الطلبة والطالبات وكل فلسطيني يقطن او يمر بتلك المنطقة صور وأسماء العظام .. الثائرين والمناضلين الذين دافعوا عن قيم الحرية حتى الرمق الأخير من حياتهم.
الجزائر.. كوبا.. فنزويلا.. الحركات الثورية في كل ربوع الأرض.. كيف لمواطن فلسطيني أن يمر على هذه البلدان والمسميات مرور الكرام؟ بالتأكيد لا يمكن ذلك ومن يفعلها فهو خائن للأمانة، ناكر للجميل. وليس فينا وليس منا من يفعل ذلك..!!
كوبا.. دولة الأحرار التي تعاني من الحصار الأميركي الظالم منذ عقود لم تركع ولم تتخل يوما عن مواقفها الثابتة في دعم المناضلين والثائرين على الظلم والقهر في كل أرجاء المعمورة..!!
كوبا التي كانت وما زالت في طليعة الدول المناصرة لقضيتنا والداعمة لشعبنا والتي تغنى بها وبتجربتها النضالية وانتصار شعبها الشهيد الرمز ياسر عرفات، فاحتلت موقعًا بارزًا من بين المدارس الثورية التي تبنت فكرها وبنت عليه ثورتنا الفلسطينية المجيدة.
كوبا التي رفدت شعبنا وثورته بآلاف الخريجين من أطباء ومهندسين وعسكريين وما زالت لغاية يومنا الحاضر هناك أكثر من ١٩٠ طالبا يدرسون في كليات الطب سيضاف لهم في العام المقبل إن شاء الله ٦٠ آخرين وأكثر من ٢٠ منحة لأطباء اختصاص.
كوبا التي تؤثر على نفسها.. فها هي اليوم وفي ظل جائحة الكورونا تهب لنجدة دول كبرى -قد تكون شريكة في حصارها- وبعض الدول الفقيرة والشعوب المستضعفة بإرسال عشرات الفرق الطبية من "جيشها الأبيض" كما وصفهم زعيمها الراحل كاسترو ليساهموا في مواجهة الوباء ومنع انتشاره والقضاء عليه.
كل التقدير للفنان الرائع يوسف كتلو ولكل من ساهم في إنجاز هذا العمل المميز وأخص هنا مركز شهداء دورا الثقافي وجمعية الصداقة الفلسطينية الكوبية وبلدية دورا وكل مؤسسات المجتمع المحلي التي ساهمت بشكل أو بآخر لترى جدارية الأحرار النور..!!
المهندس محمد أبو عطوان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها