الفيروسات عبارة عن حمض نووي (RNA) أو (DNA) إضافةً إلى بعض الأنزيمات التي تستخدم لغزو الجسم المصاب وللتكاثر وكذلك للحماية ضد جهاز المناعة. وبناءً عليه تُقسم الفيروسات إلى قسمين:
-فيروسات  (DNA)
-فيروسات  (RNA)


الفيروسات لا يمكن أن تتكاثر إلّا داخل خلايا الكائنات الحية، أمّا خارجها فهي -مع مرور الوقت أو تحت تأثير العوامل المحيطة بها- تفقد أهم مكوناتها وهو الحمض النووي وبالتالي تفقد القدرة على العدوى.

الفيروسات التي تتكون من حمض (DNA)  هي فيروسات مستقرة في تركيبتها، ولذلك من السهل إنتاج لقاح ضدها وكذلك إيجاد علاج فعال، مثال على ذلك فيروس الحصبة والحزام الناري أو فيروس التهاب (الكبد الوبائي B).

المعضلة تكمن في الفيروسات التي تتكون من الحمض النووي (RNA).
هذه الفيروسات لديها قدرة عجيبة على التحوّل وتغيير تركيبة الحمض النووي، وهذا يحدث طبعًا عندما تكون داخل الجسم المصاب. التغيّرات تحدث بملايين المرات يوميًا، وهي في غالبيتها غير مؤثرة على طبيعة الفيروس. لكن في بعض الأحيان قد ينتج عن هذه التغيرات -من خلال الطفرة  =(Mutation) اكتساب الجيل الجديد لصفات لم تكن موجودة لدى "آبائه وأجداده". وخير مثال على ذلك هو فيروس "كورونا"، فقد كان طوال الوقت محصورًا بحيوانات محددة ونتيجة "للطفرة" اكتسب فجأة القدرة على الانتقال من هذه الحيوانات إلى الإنسان ومن ثمّ من إنسان إلى آخر.

التحوّل اليومي والمستمر لفيروسات (RNA) له نتائج سلبية كثيرة، منها عدم القدرة على إنتاج لقاح مضاد له يمنعه من إصابة الإنسان، والسبب أنَّ الطب لا يستطيع مجاراة الفيروس في تحوّلاته ولا يدري ما هو الجزء الذي يجب أن يركّز عليه لإنتاج اللقاح. هذه الظاهرة معروفة مثلًا في حالة فيروس الإيدز (HIV) أو فيروس التهاب (الكبد الوبائي C)، وكلاهما من مجموعة (RNA) سيئة الصيت، فعلى الرغم من أنهما معروفان منذ عشرات السنين فإنّ الطب فشل في إنتاج لقاح يمنعهما من إصابة أشخاص جٌدد.

التحولات اليومية في تركيبة فيروسات (RNA) قد يكون لها أحيانًا بعض النتائج الإيجابية: قبل نحو عشرين سنة ظهر فيروس من "عشيرة" كورونا كان يسبب مرض (SARS) "متلازمة القصور التّنفسي الحاد"، وكانت نسبة الوفاة نحو ١٠% من المصابين، فبعد عدة أشهر من انتشاره كانت نتيجة التحولات التي تمت في الحمض النووي (RNA) أنَّ الفيروس فقد القدرة على الانتقال من إنسان إلى إنسان آخر.
أدام الله عليكم الصحة والعافية.

بقلم: أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا، اختصاصيّ أمراضِ الكبد والإيدز، د.خليل نزّال.