كشف كتاب جديد عن السياسة الخارجية للرئيس، دونالد ترامب، عن تدخل الأخير لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في صيف العام 2018، لإنجاز صفقة تبادل بين الولايات المتحدة وتركيا، يتم بموجبها الإفراج عن مواطنة تركية اعتقلها السلطات الإسرائيلية بمزاعم استخدامها لنقل أموال لحركة "حماس"، في المقابل، تطلق تركيا سراح قس أميركي حاكمته بتهمة "التجسس وارتكاب جرائم لصالح منظمات إرهابية".

 

وأبرز الكتاب الذي أعده مراسلا صحيفة "واشنطن بوست" لشؤون البيت الأبيض، فيليب روكر وكارول لاونينغ، أسلوب تعاطي الرئيس الأميركي مع القضايا الخارجية الحساسة، فيما أوضحت الواقعة تماهي العلاقات والمصالح الأميركية الإسرائيلية، وطبيعة العلاقة التي تجمع بين نتنياهو وترامب.

 

وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن الكتاب الجديد يسلط الضوء على تفاصيل الصفقة التي تمت بين تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في صيف العام 2018، والتي تضمنت الإفراج عن التركية إبرو أوزكان، في سياق صفقة تفرج السلطات التركية من خلالها عن القس الأميركي آندرو برانسو.

ووفقًا لما أوردته صحيفة "هآرتس" نقلا عن الكتاب، فإن الصفقة تبلورت خلال اجتماع الرئيس الأميركي، بنظيره التركي، رجب طيب إردوغان، خلال مؤتمر قادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، بداية تموز/ يوليو 2018.

 

وفي التفاصيل، جاء أن إردوغان طلب من ترامب العمل من أجل إطلاق سراح المواطنة التركية المعتقلة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية بزعم "تبييض أموال" لصالح حركة حماس.

 

وعد ترامب إردوغان بالضغط على إسرائيل من أجل إطلاق سراح المعتقلة التركية، في المقابل، طلب ترامب من إردوغان الإفراج عن القس برانسو، الذي اعتقل بتهمة التورط بمحاولة الانقلاب الفاشل على السلطات التركية في صيف العام 2016.

 

وبعد أيام قليلة، وتحديدا في الـ14 من تموز/ يوليو 2018، قرر ترامب أن يفي بوعده لإردوغان؛ جاء في الكتاب في هذا السياق، "في 14 تموز/ يوليو، بينما كان ترامب يقضي عطلة نهاية الأسبوع في ملعبه الخاص للغولف في أسكتلندا قرر أثناء لعب الغولف الاتصال بنتنياهو".

 

وتابع "أحضر مساعدوه هاتفًا آمنًا بالقرب من الطابق التاسع. ضغط ترامب على نتنياهو وطلب منه إطلاق سراح أوزكان"، وبحسب الكتاب، فإن نتنياهو أنكر خلال حديثه مع ترامب علمه بقضية المعتقلة التركية. ومع ذلك، وعد نتنياهو "بالنظر في تفاصيل القضية ومحاولة الإفراج عنها، مع مراعاة القيود المحتملة".

 

وأوضح المصدر أن المحكمة العسكرية الإسرائيلية أصدرت أمرًا بالإفراج عن المواطنة التركية بشروط مقيدة، بعد يوم واحد من المكالمة التي أجراها ترامب مع نتنياهو، وتم ترحيلها إلى تركيا فجر الإثنين، الـ15 من تموز/ يوليو الجاري.

 

وبحسب الكتاب، تم إطلاق سراح أوزكان من معتقلها واستقلت طائرة إلى تركيا. عند هبوطها في إسطنبول، حيث كانت تنتظرها الطواقم التلفزيونية للإعلام المحلي التركي ، شكرت أوزكان الرئيس إردوغان لإطلاق سراحها من السجن.

 

وشدد الكتاب على أن الاتفاق الأميركي تم بالأساس، دون تدخل إسرائيل، قبل أن تتم المحادثة بين ترامب ونتنياهو، ولكن بعد أيام خاب أمل ترامب بعد أن امتنعت تركيا الإفراج عن القس، وحددت له جلسة قضائية، فيما حررته للحبس المنزلي ومنعت سفره للولايات المتحدة، ما دفع ترامب لاتهام إردوغان خلال جلسة مع مستشاريه أنه خدعه بعد لقائهما في بروكسل، وهدد حينها علنًا بفرض عقوبات قاسية على تركيا.

 

وخلال تلك الأسابيع لم يربط أي من المسؤولين الرسميين في تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل بشكل علني، إطلاق سراح أوزكان، بالمحادثات الجارية بشأن القس الأميركي، لكن في منتصف آب/ أغسطس، خرج ترامب عن صمته وقال علنًا: "لقد أطلقنا سراح شخص ما من مكان ما، وقد حدث ذلك فعلًا"، مطالبا الرئيس التركي بالقيام بالتزامه في إطار الصفقة والإفراج عن القس الأميركي.

 

استغرق الأمر شهرين آخرين، ولكن أخيرًا في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، تم إطلاق سراح برانسو من الإقامة الجبرية التي فرضت عليه في تركيا، وتم السماح له بالعودة إلى الولايات المتحدة. وكانت محطته الأولى بعد العودة إلى الولايات المتحدة، الاجتماع في البيت الأبيض مع ترامب ونائب الرئيس مايك بنس، حضره أيضًا زعماء إنجيليون بارزون يدعمون ترامب.

 

واعتبر الإفراج عن القس الأميركي حينها رافعة للحزب الجمهوري، في انتخابات الكونغرس النصفية، التي أجريت بعد أقل من شهر من عودة برانسو إلى الولايات المتحدة.