وسط حالة من الغموض، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن التفاهمات بين إسرائيل وحركة حماس ستنتقل إلى مرحلة جديدة لتشمل تنفيذ عدة مشاريع مهمة، بينها بدء التخطيط لبناء مستشفى ميداني ضخم يشمل 16 قسما صحيا، في منطقة قريبة من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية إن فريقاً طبيا دوليا سيشرف على المستشفى، الذي سيتم تمويله من قبل منظمة أميركية، مشيرةً إلى "أنه سيضمن تحسنا كبيرا للمرضى في غزة، خاصةً مرضى السرطان"
ويرى متابعون أن الهدف الرئيسي من إنشاء هذا المستشفى هو تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة خصوصا في الجانب الطبي، حيث يسعى الاحتلال للسيطرة على تحويل المرضى إلى الضفة الغربية، وعوضا عن ذلك تحويله إلى هذا المستشفى، وبذلك يسهم في تكريس الانفصال التام بين الضفة الغربية وقطاع غزة ومنع قيام دولة فلسطينية.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء محمد اشتية في تصريح صحفي: "لم يُنسِّق معنا أحد بخصوص المستشفى المنوي إقامته بتمويل من مؤسسة أميركية خاصة، وبموافقة إسرائيلية على الحدود الشمالية لقطاع غزة، ولا نعلم ماهية هذه المؤسسة ولمن تتبع، لكن الحكومة على استعداد للجلوس وبحث المشروع".
وشدد اشتية على أن "أي نشاط في قطاع غزة يجب أن يخدم المصلحة الفلسطينية ويخدم أهلنا، ويسهّل حياتهم في ظل الوضع المتفاقم هناك".
وتابع أن "الحكومة تبذل كل جهد ممكن من أجل إنهاء الانقسام والوصول إلى الوحدة الفلسطينية، وستبقى ملتزمة كامل الالتزام تجاه أهلنا في قطاع غزة".
بدورها، قالت وزير الصحة مي الكيلة، إن المستشفى الميداني المزمع إنشاؤه على الحدود الشمالية لقطاع غزة من قبل الجانب الأميركي وإسرائيل يأتي في إطار "صفقة القرن"، تحقيقا للفصل التام بين الضفة الغربية وقطاع غزة تحت ذريعة إنسانية.
وأضافت أن "إقامة هذا المستشفى خارج عن منظومة العمل الوطني والعمل الحكومي، ولم يجرِ التنسيق مع وزارة الصحة مطلقا بهذا الخصوص".
وتابعت: "نرحب بأي خدمات صحية لمساندة أهلنا في قطاع غزة، ولكن ليس على حساب ثوابتنا الوطنية، علما أن الحكومة تقدم الخدمات الطبية والصحية لأبناء القطاع كما هي تماما في الضفة".
إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي محمود الزق إن "جوهر الأمر أن أي مشاريع دولية في قطاع غزة يجب أن تنسق مع الحكومة الفلسطينية الشرعية، وأي مشاريع بعيدا عن الحكومة وعن السلطة الوطنية يعني تثبيت التعامل مع غزة ككيان خارج السياق الفلسطيني، وهناك حكومة فلسطينية واحدة فقط يجب التعامل معها ومن لا يتعامل مع هذه الحكومة يعني أنه يدشن فكرة الكيان السياسي في قطاع غزة".
وأضاف الزق، أن "الفكرة من حيث الجوهر مشبوهة ولا يمكن أن نقتنع ان أميركا تنوي خيرا للشعب الفلسطيني، بل إنها تسخر مشروعا سياسيا على حساب الموضوع الإنساني، بهدف إنهاء الحق السياسي لشعبنا، وهو ما جرى في ورشة البحرين عبر طرح الحل الاقتصادي عوضا عن الحل السياسي".
وقال إن "إقامة هذا المستشفى ليس إنسانيا أبدا، بل لتعميق الانقسام، فهو مشروع تآمري خبيث لا يمت بصلة للحرص على الشعب الفلسطيني، وأن أي تحرك تجاه غزة بحجة إنسانية دون مرور من خلال السلطة الوطنية يشكل خطرا على القضية الفلسطينية".
إلى ذلك، شدد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض على وجوب "الاستمرار في التركيز على عنوان رئيسي من قبل القيادة السياسية الفلسطينية والحكومة والفصائل على رفض تغليب المسار الإنساني الاقتصادي على أولوية الحل السياسي للقضية الفلسطينية، والحذر من الانزلاق نحو مستنقع التعاطي مع الحلول الإنسانية والاقتصادية بغض النظر عن العراب الذي يقوم بذلك".
وأضاف "نحن نتعاطى مع مسألة المستشفى بأنه معالجة إنسانية على حساب المسار السياسي، وهذا أمر يثير الريبة والقلق، فمن يريد أن يساعد الشعب الفلسطيني يجب أن يدعمه من خلال القنوات المتعارف عليها والممثلة في الحكومة، وأن يرفع يد الاحتلال، حيث ثبت قطعيا أن كثيرا من المؤسسات التي يجري بناؤها وترميمها يدمرها الاحتلال، أي أن الاحتلال هو سبب المشكلة وكل التركيز يجب أن يكون على إنهاء الاحتلال وإعطاء الشعب حقه بدولة وإفشال صفقة القرن".
وأوضح العوض أن "الركائز الاقتصادية التي تسعى الولايات المتحدة لتثبيتها في ورشة جنيف أو مؤتمر وارسو أو ورشة البحرين فشلت جميعا، والآن تجري محاولة الالتفاف على هذا الفشل بتمرير بعض المشاريع الإنسانية من مسارات مختلفة، تؤدي إلى نفس النتائج للحديث عن تحقيق اختراقات بعد تلك الورش، ويجب أن لا ننشغل برد الفعل تجاه أي أقاويل بل تقديم كل ما يمكن لخدمة أبناء شعبنا في القطاع والتأكيد على الوحدة بين شقي الوطن".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها