في العام 1995 تُوِج كمال عابدين (46 عاما) بلقب بطل فلسطين لذوي الاعاقة في رياضة تنس الطاولة، كأول لقب يحصل عليه بعد الإصابة، تلاها فوزه بلقب البطولة الأعوام 1998، و1999، و2000، و2015، وحتى اللحظة يحلم عابدين بلقب بطل العالم في رياضة أشخاص ذوي الاعاقة.
فرضت موهبة عابدين احترام الجميع، خاصة أهل الخليل (مسقط رأسه ومكان اقامته) حيث شكل اصراره مثالا يحتذى به.
ولا تزال كرسيه تشهد انتكاسته في الفترة التي أصيب بها، وبقي ملازمًا بيته لأشهر، ظن أن الحياة قد انتهت، وأنه لا مجال للعودة كما كان في الماضي، حينما بدأ يمارس رياضة تنس الطاولة، وتعلق بها، وباتت جزءا من حياته اليومية، ولا يستطيع الاستغناء عنها، وتشهد انتصاراته المتتالية التي تلت انضمامه للاتحاد الفلسطيني لرياضة ذوي الاعاقة.
كانت البداية فجر الخامس والعشرين من شهر شباط لعام 1994، حينها أصيب عابدين برصاصة في عنقه، عقب المجزرة التي ارتكبها المتطرف اليهودي باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيم، أدت الى قطع الحبل الشوكي، وعلى الفور أصيب بشلل نصفي، ومن وقتها وعابدين يقوم بواجباته اليومية باستخدام الكرسي المتحرك.
حينها ظن عابدين، أن حلمه في أن يصبح بطل العالم في رياضة ذوي الاعاقة قد انتهى.
"لم أتقبل الإصابة في بادئ الأمر، كنت أعتقد بأن كل شيء انتهى، وأنه لا قيمة لي، حلم سنوات عديدة بنيته منذ الطفولة قد هدم، الى أن انضممت للاتحاد الفلسطيني لرياضة ذوي الاعاقة، الذي أصبح فيما بعد يسمى بـ "اللجنة البارالمبية"، باعتبارها المنصة الوحيدة لتحقيق الحلم الذي أصبو اليه"، يقول عابدين.
ويضيف: "بدأت بتطوير نفسي، وبت أواصل النهار بالليل في التدريب لأصل لمرحلة أصبح فيها محترفًا، وأتفوق على إصابتي، وبدأت ألعب مع أشخاص من ذوي الاعاقة داخل الاتحاد، ولم أكتفي بذلك، بل تنافست مع أشخاص عاديين خارج اللجنة، بهدف اكتساب الخبرة (..) في السابق كانت النظرة كشفقة، وحاليا نظرة منافسة وتحدي، وصرت مثلا للجميع في الخليل".
ويتابع: "شاركت في العام 1995 في بطولة فلسطين لرياضة ذوي الاعاقة، كنت خائفًا جدا، خاصة بعد أول مباراة رسمية لي بعد الإصابة، ولكن بفضل الله حصلت على المركز الأول رغم قلة الامكانيات، غمرتني الفرحة، أتذكر بأن الجميع بدأ يهتف بإسمي".
ويضيف: "نتيجة لذلك، تم ترشيحي للمشاركة في مسابقة في بريطانيا، حينها لم أحصل على نتائج عالية جدًا، لكن الأداء كان جيد، بعدها بسنوات قليلة شاركت أيضًا في بطولة الأردن، ودبي، وماليزيا، ومصر، حققت نتائج مداليات ذهبية وفضية، برونزية، وفي الأردن حصلت على المركز الثاني، وحتى اللحظة اتطلع في الحصول على بطل العالم".
ويقول: "الجميع يعتقد أن رياضة المعاقين هي رياضة ترفيهية، فهي عكس ذلك، تعد رياضة تنافسية ومن أصبح الرياضات، الرياضة بحد ذاتها تعطي تفاؤل ونشاط للإنسان وتعيد الثقة بنفسه، وخاصة لذوي الإعاقة".
ويتابع "أتمنى أن تصبح فلسطين في رياضة ذوي الاعاقة رقما صعبا، وأن تنافس على مستوى العالم، وهذا الأمر بحاجة الى تدريب مستمر، وبحاجة الى اهتمام أكبر لدى كافة المؤسسات، وأن يكون هناك مراكز وملاعب مهيأة جيدًا لذوي الاعاقة لممارسة رياضتهم".
عابدين الآن يعمل في الشؤون الادارية في وزارة العمل في الخليل، وهو متزوج ولديه طفل في عامه الأول.
وعن الصعوبات ،يقول عابدين "نظرة الناس السلبية تجاه الأشخاص ذوي الاعاقة، لأنه لا يوجد وعي كافي عند الجميع في هذا الجانب. كما أن الرياضة في فلسطين موسمية وليست الشغل الشاغل، كما الحال في دول العالم المختلفة، فضلا عن مشاكل في الموائمة للوحدات الصحية".
ويقول" على الصعيد الشخصي أطمح في الحصول على لقب بطل العالم. هذا حلمي منذ الصغر. هي سهلة جدًا اذا اشتغلنا على أنفسنا، لا يوجد شيء مستحيل. كنت بعد الإصابة أقول بأن الحياة انتهت. ولكن عدت بهمة قوية أكثر".
وعن سؤال: بعد 24 عاما من اللعب، هل تسعى لتطوير نفسك أيضًا؟
يجيب: "أنا وصلت لمرحلة ممكن أطور الآخرين، وأدرب أشخاص بالاعتماد على خبرتي الطويلة، وأسعى لتعليم ابني الرياضة".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها