(المضمون: في السلطة يفهمون بان التوجه الى مجلس الامن، الذي سيجعل الولايات المتحدة مضطرة الى استخدام الفيتو في المجلس، سيوقع حرجا شديدا بواشنطن وبالرئيس براك اوباما. وبالتالي، يحاولون الحصول على وعود من الادارة للتراجع، ظاهرا، عن قرارهم الذهاب الى "رأس برأس" مع اوباما).
ما قاله امس عضو اللجنة المركزية لفتح، محمد اشتيه، وبموجبه تعتزم السلطة الفلسطينية التوجه الى مجلس الامن في الامم المتحدة وليس الى الجمعية العمومية فيها فقط، لا تفاجيء جدا. فقبل ثلاثة ايام فقط قال رئيس السلطة الفلسطينية نفسه، محمود عباس (ابو مازن) بان الفلسطينيين سيتوجهون الى مجلس الامن ولن يكتفوا بالتوجه الى الجمعية العمومية للامم المتحدة. أقوال مشابهة انطلقت ايضا قبل عدة أسابيع عن الامين العام للجامعة العربية، نبيل العربي.
ولكن مع كل حجم البيانات الدراماتيكية، والتي تحمل امكانية مواجهة دبلوماسية بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، فانها قابلة للتغيير. ففي الاسبوع القادم ستجرى مفاوضات مكثفة بين السلطة والاتحاد الاوروبي والادارة الامريكية، حول الصيغة المحددة لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية في الامم المتحدة. وفي ختام هذا الاسبوع فقط (وربما أيضا في اليومين التاليين له) سيتبين اذا كانت السلطة ستطلب الاعتراف الكامل من الجمعية العمومية، ام ستطلب تغييرا في مكانتها في الامم المتحدة فقط؛ وربما تتوجه الى مجلس الامن بطلب الاعتراف بها كعضو كامل في الامم المتحدة، فتحصل على فيتو أمريكي.
في السلطة يفهمون بان التوجه الى مجلس الامن، الذي سيجعل الولايات المتحدة مضطرة الى استخدام الفيتو في المجلس، سيوقع حرجا شديدا بواشنطن وبالرئيس براك اوباما. وبالتالي، يحاول مسؤولون كبار في السلطة الحصول على وعود اللحظة الاخيرة من الادارة للتراجع، ظاهرا، عن قرارها الذهاب الى "رأس برأس" مع اوباما.
حتى ذلك الحين سيواصل على ما يبدو اعضاء القيادة اصدار التصريحات الحازمة بشأن النية لمطالبة مجلس الامن بالاعتراف بفلسطين وعدم الاكتفاء بالتوجه الى الجمعية العمومية. مكانة السلطة اليوم ليست كمكانتها أمس وأول امس، بسبب أزمة الميزانية الشديدة التي تعيشها، والتي تجعل من الصعب عليها دفع الرواتب في موعدها. وهي بحاجة ماسة الى استقرار مكانتها بين الجمهور الفلسطيني، ضمن امور اخرى بخطوات كدية تجاه اسرائيل والادارة الامريكية.
ولكن يمكن للسلطة أن تستمد التشجيع من وضع حماس. حكومة غزة تجتاز أزمة مالية شديدة لا تقل عن أزمتها، بل وربما أكبر بكثير، وذلك على ما يبدو بسبب التقليص الكبير في المساعدات الايرانية التي تنقل الى حماس. حماس لم تدفع لموظفيها رواتب الشهرين الاخيرين، والوضع الاقتصادي في قطاع غزة أصعب بكثير من وضع حكومة حماس. حماس، التي عادت وأعلنت معارضتها لتوجه السلطة الى الامم المتحدة، تحاول في هذه الاثناء شد الحزام في القطاع وجباية المزيد فالمزيد من الضرائب من المواطنين. ومؤخرا تصاعدت جباية الضرائب على الوقود المهربة في الانفاق وعلى باقي البضائع المهربة فيها. الانفاق هي الصناعة الاكبر لقطاع غزة. ولكن مشكوك أن تساعد هذه الخطوات حماس في تعزيز وضعها الاقتصادي الغزي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها