قال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي "إننا نعلق أهمية كبرى على الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تفعيل عملية السلام ومن أجل إيجاد الظروف المناسبة التي تسمح لنا بالعودة إلى المفاوضات وفق مرجعيات الأمم المتحدة المعترف بها، التي تكفل لنا عدالة هذه القضية والوصول إلى اتفاق سلام يسمح بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده الوزير المالكي مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، مساء يوم الاثنين، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله.

وشدد المالكي على أهمية الدور الذي تلعبه فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي، وعلى المستوى الدولي.

وتابع: "نحن نشكر الوزير لودريان على هذا الزيارة، ونقدر له هذا الاهتمام بالمجيء إلى فلسطين للقاء المسؤولين الفلسطينيين لاستكمال عملية التشاور المستمرة والقائمة والدائمة على مستوى القيادتين الفرنسية والفلسطينية في مختلف القضايا والمجالات، وهذا بالنسبة لنا شيء نحن نفتخر به".

وأضاف: "في البداية من خلال اللقاءات التي تمت في وزارة الخارجية ومن ثم هنا في مقر الرئاسة تم تقديم التعازي للسيد الوزير بالضحايا الذين سقطوا نتيجة للعمل الإجرامي الذي تم قبل يومين في جنوب فرنسا، وأكدنا للوزير تضامننا الكامل مع فرنسا شعبا وحكومة، في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف فرنسا، ووقوفنا دائما إلى جانب فرنسا خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة"، مؤكدا أن الإرهاب يجب أن ينتهي ويجب أن تتم محاربته بكل الوسائل الممكنة.

وأردف المالكي: "أكدنا للسيد الوزير شكرنا على التزام فرنسا معنا في عملية بناء مؤسسات الدولة، من خلال ما قدمته عبر سنوات طويلة من بناء مؤسسات ومن خلال بناء قدرات بشرية أيضا، ومن خلال دعم مالي سخي، وأيضا مواقف سياسية ملتزمة تقف مع عدالة القضية الفلسطينية وتؤزارها في المحافل الإقليمية والدولية، نحن نعي كل ذلك وبالتالي نستغل مثل هذه الفرصة للتعبير عن شكرنا وامتنانا كدولة وكحكومة وشعب لهذه المواقف المؤيدة والنبيلة والمبدئية التي تقفها فرنسا مع القضية الفلسطينية ومع عدالتها".

وقال: "خلال هذا اللقاء تم التأكيد على أهمية التشاور الذي هو موجود على أعلى مستويات الهرم السياسي ما بين القيادتين الفرنسية والفلسطينية، وبالتالي نحن حريصون على استمرار هذا التشاور على كل المستويات، ونعتبر أن مجيء الوزير هنا إلى فلسطين ولقائه مع سيادة الرئيس ومعي كوزير خارجية، هو تعبير عن اهتمام فرنسا بمتابعة هذا التشاور المستمر، الذي يهدف أساسا إلى الوصول لنقاط تلاقٍ تسمح لنا بالعمل لصالح تعزيز فرص السلام بالمنطقة والاستقرار فيها، وإيجاد الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يسمح بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي التي احتلت عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الـ67 والقدس الشرقية عاصمة لها".

وقال المالكي: "السيد الرئيس وضع الوزير الضيف في صورة الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة والإجراءات الإسرائيلية التصاعدية التي تستهدف الوجود الفلسطيني بشكل كامل في كافة المجالات، وأيضا المقاومة الشعبية السلمية التي نعبر عنها باستمرار كثقافة السلام التي نخوضها من أجل الحفاظ على وجودنا في هذه الأرض المقدسة".

وأضاف: "في الوقت نفسه تم إطلاع الوزير على الموقف الفلسطيني من قرار الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وفي نقل السفارة الأميركية قريبا من تل أبيب إليها، وما تم العمل بشأنه فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا من أجل إحباط هذا الموقف الأميركي، ومن أجل خلق أجواء دولية تعزز الموقف الفلسطيني الذي يستهدف مناقشة هذا الموضوع على مستوى دولي، يسمح بخلق الظروف المناسبة للعودة إلى المفاوضات".

وتابع: "أكدنا لمعالي الوزير التزامنا بالمفاوضات المباشرة والتزامنا بحل الدولتين والتزامنا بمحاربة الإرهاب، والتزامنا بكافة القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة التي تشكل مرجعية لأي عملية سلام أو مفاوضات مستقبلية، كما أكدنا له الموقف الفلسطيني الذي عبر عنه الرئيس في خطابة أمام مجلس الأمن مؤخرا، الذي شكل المبادئ الرئيسة الواجب اتخاذها لكي نشكل مبادرة سلام فلسطينية والتي تم تبنيها لاحقا من قبل وزراء الخارجية العرب، ونأمل أن يتم اعتمادها من قبل القادة العرب في القمة العربية المقبلة في المملكة العربية السعودية، في الخامس عشر من شهر نيسان المقبل".

وقال: "أطلعنا الوزير على الجهود التي تبذل من أجل استكمال عملية المصالحة والعثرات التي حالت دون استكمال هذه العملية، والجهد الذي يبذل من أجل نقل كامل الصلاحيات إلى حكومة الوفاق الوطني بنفس الطريقة التي تحكم فيها هذه الحكومة الضفة الغربية، وبشكل خاص فيما يتعلق بوجود سلطة واحدة وقانون واحد وأمن وسلاح واحد وتحمل المسؤولية بشكل كامل".

وجدد المالكي التأكيد على أهمية زيارة وزير الخارجية الفرنسي، وقال: " هي زيارة في غاية الأهمية وننظر إليها باهتمام كبير، ونعتبر أنها إشارة واضحة لهذا الاهتمام الفرنسي المستمر والمتواصل لاستكمال عملية التشاور، التي نعتبرها حجر أساس في هذه العلاقات، ليس فقط الفلسطينية الفرنسية وإنما من خلالها العلاقات المتشعبة الفلسطينية الأوروبية والفلسطينية الدولية".

وأعرب المالكي عن أمله في استمرار عملية التشاور "التي نعتقد أنها مفيدة للبلدين ومفيدة أيضا لعملية السلام ومبادئ السلام التي نسعى جميعا للوصول إليها في هذه المنطقة والعالم أجمع".

من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي "إننا نعتبر أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الكفيل لضمان سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

وأضاف أنه "لتحقيق ذلك هناك درب واحد، هو درب المفاوضات بين الطرفين بدعم الأسرة الدولية، وفي هذا الإطار نحن مستعدون لمواكبة كل المبادرات ذات المصداقية لإعادة إطلاق عجلة المفاوضات، والرئيس محمود عباس سابقا أطلعنا على مضمون مبادرته، وهذا ما ذكرتنا به معالي الوزير للتو، لقد كان لنا مع الرئيس محمود عباس نقاش معمق حول الوضع في الميدان، خاصة التهديدات حول حل الدولتين اليوم، واعتبرنا أن تسارع الاستيطان يشكل خطرا، وأيضا الوضع الإنساني المقلق في غزة وتطرقنا إلى أساليب النهوض بالسلام والمبادئ التي نحرص عليها والأسئلة التي تثيرها تحضير الخطة الأميركية".

وأعرب عن سعادته بوجوده اليوم في فلسطين، مشيرا إلى أنها زيارته الأولى بصفته وزير أوروبا والشؤون الخارجية.

وتابع: "أود أن أقول للوزير الصديق رياض المالكي إنني تأثرت جدا بعلامات التضامن التي سمعتها منكم على أثر الهجمات الإرهابية مؤخرا، الرئيس محمود عباس أيضا تكلم عن هذه المأساة وهذه إشارة جيدة فيما يتعلق بمعركتنا أو بحربنا المشتركة على الإرهاب، هذه المعركة طويلة يجب أن تكون حازمة ويجب أن تكون معركة مشتركة نخوضها إلى جانب السلطات الفلسطينية".

وقال وزير الخارجية الفرنسي: "هذه الزيارة الأولى بالنسبة لي وهي فرصة للتأكيد على التزام فرنسا من أجل السلام في الشرق الأوسط، أنتم تعرفون أن هدفنا يبقى إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة ومستقلة تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل، في حدود آمنة معترف بها، وأن تكون القدس عاصمة لدولتين، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وفلسطين سوف يأتي في الوقت المناسب في إطار هذه العملية".

وأضاف: "جئت هنا لكي أوجه رسالة تضامن للشعب الفلسطيني، أنا أدرك الصعوبات والمعاناة والآلام التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وفرنسا ستستمر بالوقوف إلى جانبه وستستمر في مواكبة السلطة الفلسطينية على طريق التحضير لإنشاء دولة فلسطينية مقبلة، وعن طريق التعاون القائم بيننا في مجالات عديدة، وهذا التعاون الذي نريد أن نعززه عن طريق المساعدات الإنسانية والاقتصادية، والمساندة التي نقدمها لفلسطين في إطار متعدد الأطراف، مثل زيادة مساهمتنا في روما منذ أيام لمناسبة مؤتمر تمويل الأونروا، كل هذا يساهم في تعزيز تضامننا ويبين اهتمام فرنسا ودعمها للسلطة الفلسطينية".

وأشار إلى أنه خلال الشهور المقبلة سوف يأتي في "زيارات أخرى تبين الاهتمام الذي توليه فرنسا لفلسطين"، وقال إن "رئيس الوزراء الفرنسي ادوارد فيليب سيأتي في نهاية شهر أيار وسأتشرف بمرافقته لعقد المنتدى الوزاري الفرنسي الفلسطيني الثاني، وهو اللقاء السنوي للتعاون والمبادلات، وكما تعرفون الرئيس ماكرون سيأتي في الخريف المقبل لكي يبين على أعلى المستويات التزام فرنسا عمليا من أجل الوقوف إلى جانب فلسطين".