" استحقاق ايلول محطة في مسيرة النضال الوطني "

 

بقلم: خالد جاسر سليم

مقدمة:

تأتي هذه الورقة لتعريف القارئ بأهم المحطات/ القرارات التي تم فيها تحديد الوضع القانوني للتمثيل الفلسطيني في هيئة الأمم المتحدة، فان تتبع هذه المحطات يبين أن كل محطة قد مثلت متطلباً وتمهيداً  للمحطة اللاحقة، كما يمكن القول أن أي محطة من هذه المحطات لم تمثل " بذاتها " بداية أو نهاية النضال الفلسطيني الدبلوماسي بقدر ما مثلت محطة في مسيرة النضال هذه.

هذه الورقة تأتي قبل أيام قليلة من التقدم بطلب العضوية ( من المقرر أن يتم نقاش ذلك في جلسة الجمعية العامة يوم 20/9/2011، وان يلقي الرئيس عباس خطابه يوم 23/9)، وكذلك في ظل الآراء المتباينة حول اثر هذه الخطوة على الدور التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطيني.

كما أنها تأتي في ظل نقاش قمنا بإجرائه على صفحة المجموعة الفلسطينية للتفكير الاستراتيجي – بست " مجموعة الكترونية تنشط على موقع التواصل الاجتماعي – الفيس بوك ". لقد أوضح هذا النقاش أن ما نسبته 75% من المشاركين في استطلاع الرأي أو في النقاش على واجهة المجموعة لديهم "معرفة مقبولة – ضعيفة – لا يعرفون" الفائدة من التوجه إلى الأمم المتحدة طلبا للعضوية الكاملة.

يمكن القول أن هذا التمثيل قد مر حتى الآن بخمس محطات – من وجهة نظر كاتب هذه الورقة -  تأتي على النحو التالي:

 

المحطة الاولى:

المنظمة هي ممثل الشعب الفلسطيني والناطق باسمه:

بتاريخ 11/اكتوبر/ 1974 وفي جلسة الهيئة العامة للأمم المتحدة رقم (2266) صدر القرار " 3210  " الذي جاء تحت عنوان: توجيه دعوة الى منظمة التحرير الفلسطينية. جاء في هذا القرار: " ان الجمعية العامة_ اذ ترى أن الشعب الفلسطيني هو الطرف الأساسي في قضية فلسطين_ تدعو منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة الشعب الفلسطيني، إلى الاشتراك في مداولات الجمعية العامة حول قضية فلسطين في جلساتها العامة".

يستوقفنا في هذا القرار التعامل مع منظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني وانها الجهة التي تتحدث بشأن القضية الفلسطينية في هئية الأمم المتحدة.

كما يستوقفنا ان هذا القرار لم يحدد الوضع القانوني للمنظمة في هيئة الامم المتحدة: هل هي عضو كباقي الاعضاء؟ لها ما لهم وعليها ما عليهم؟ ام مراقب؟ وما هي حدود صلاحيات  هذا المراقب؟

 

المحطة الثانية:

أولاً: التأكيد على الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف:

إن أهم ما جاء في القرار " A/RES/3236 " بتاريخ 22/11/1974 تحت عنوان: " قضية فلسطين " ليجدد التأكيد على:

-ان منظمة التحرير هي ممثلة الشعب الفلسطيني.

-الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي،

- الحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين،

-حق الفلسطينيين، غير القابل للتصرف، في العودة الى ديارهم التي شردوا منها،

-والاعتراف بأن الشعب الفلسطيني طرف رئيسي في اقامة سلم عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط.

-والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

-ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة ان يقيم اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية في كل الشؤون المتعلقة بقضية فلسطين.

ثانيا: منح منظمة التحرير مركز المراقب:

 

لتحديد الوضع القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية في هيئة الأمم المتحدة صدر القرار " A/RES/3237"بتاريخ 22/11/1974 ( الدورة 29 للجمعية العامة ) والذي دعى:

1-منظمة التحرير الفلسطينية الى الاشتراك في دورات الجمعية العامة وفي أعمالها بصفة مراقب.

2-منظمة التحرير الفلسطينية إلى الاشتراك في دورات كل المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الجمعية العامة بصفة مراقب.

واعتبرت الجمعية العامة ان من حق منظمة التحرير الفلسطينية الاشتراك بصفة مراقب في دورات وفي اعمال كل المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية هيئات الامم المتحدة الاخرى.

ان من الاهمية ان نشير انه بتاريخ 12/1/1976 صوت مجلس الامن ( 11 صوت مع، 1 ضد، 3 ممتنعين ) للسماح لمنظمة التحرير الفلسطينية " المشاركة " في نقاشات مجلس الامن دون اعطائها حق التصويت " لأن هذا الحق ينحصر بالدول الاعضاء في الامم المتحدة".

 

المحطة الثالثة:

منح مركز المراقب لحركات التحرر الوطني التي تعترف بها منظمة الوحدة الأفريقية أو جامعة الدول العربية او كلتاهما:

 

قررت الجمعية العامة في قرارها رقم " A/RES/34/160 " بتاريخ " 8/12/1988 " وبعد اعلان الاستقلال الفلسطيني: " ان من حق منظمة التحرير الفلسطينية والمنظمة الشعبية لافريقيا الجنوبية الغربية، ان تصدرا وتعمما مباشرة ودون وسيط رسائلهما المتعلقة بدورات الجمعية العامة وأعمالها، بوصفها وثائق رسمية من وثائق الجمعية العامة.

كما قررت أيضا نفس الحق لكل من منظمة التحرير الفلسطينية والمنظمة الشعبية لافريقيا الجنوبية والغربية في جميع المؤتمرات الدولية المعقودة تحت رعاية الجمعية العامة.

إن أهم ما جاء في هذا القرار:

-أنه رغم وضع المراقب للمنظمة إلا  أنها قادرة على ان تصدر وتعمم مباشرة ودون وسيط، اي دون الحاجة الى دولة كامل العضوية في الأمم المتحدة للقيام بهذا الدور بالنيابة عن المنظمة.

-كما تم التعامل من تاريخه مع الوثائق التي تصدر او تعمم من قبل المنظمة كوثائق رسمية من وثائق الجمعية العامة.

 

المحطة الرابعة:

 استعمال اسم " فلسطين " بدلا  من "منظمة التحرير الفلسطينية":

بعد اعلان الاستقلال الفلسطيني، وفي الدورة الثالثة والأربعين للجمعية العامة صدر القرار " A/RES/43/177 " بتاريخ 15/12/1988 الذي من أهم ما جاء فيه:

1-تعترف " أي الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة " بإعلان دولة فلسطين، الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في 15/11/1988.

2-وتؤكد " أي الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة " الحاجة الى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة سيادته على ارضه المحتلة منذ سنة 1967.

3-وتقرر " أي الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة " ان يستعمل، في منظومة الأمم المتحدة، اسم " فلسطين " اعتبارا من 15/12/1988 بدلا من تسمية منظمة التحرير الفلسطينية، دون المساس بمركز المراقب لمنظمة التحرير الفلسطينية ووظائفها في منظومة الامم المتحدة وفقا للقرارات والممارسة ذات الصلة.

يستوقفنا هنا:

- ان هنالك اعتراف بإعلان دولة فلسطين من قبل الجمعية العامة وفقا لهذا القرار

 -وان هنالك تأكيد على سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة عام 1967.

-وان استخدام اسم فلسطين بدلا من المنظمة " لم يمس بمركز المراقب " الذي حصلت عليه المنظمة في الجمعية العامة في العام 1974، وعليه فان أي صيغة جديدة يجب أن تراعي " عدم المساس بوظائف المنظمة ".

 

المحطة الخامسة: حق المشاركة في نقاشات الجمعية العامة وامتيازات إضافية:

اتخذت الجمعية العامة في دورتها الثانية والخمسون القرار رقم" A/RES/52/250"بتاريخ " 7/7/1998 " وتحت عنوان " مشاركة فلسطين في اعمال الامم المتحدة " بمنح فلسطين، بوصفها مراقب حقوقا وامتيازات اضافية للمشاركة في دورات الجمعية العامة واعمالها وفي المؤتمرات الدولية التي تعقد تحت اشراف الجمعية العامة او هيئات الأمم المتحدة الأخرى وكذلك في مؤتمرات الأمم المتحدة.

جاء ذكر هذه الامتيازات الإضافية في ملحق أشار إلى:

-حق المشاركة في المناقشة العامة للجمعية العامة.

-يحق لفلسطين، دون المساس بأولوية الدول الأعضاء، ان تسجل في قائمة المتكلمين في إطار بنود جدول الأعمال غير البنود المتعلقة بقضية فلسطين والشرق الأوسط في أي جلسة عامة للجمعية العامة، بعد آخر دولة مسجلة في قائمة تلك الجلسة.

- حق الرد.

-حق اثارة نقاط نظامية، تتصل بالاجراءات المتعلقة بقضية فلسطين والشرق الأوسط شريطة أن لا يتضمن الحق في اثارة النقاط النظامية تلك حق الطعن في قرار رئيس الجلسة.

-حق المشاركة في تقديم مشاريع القرارات والمقررات المتعلقة بقضية فلسطين والشرق الاوسط. ولا تطرح مشاريع القرارات والمقررات للتصويت الا بناء على طلب دولة عضو.

-حق تقديم مداخلات.

-حاليا يأتي مباشرة بعد مقعد الفاتيكان – Holly See " وقبل المراقبين الاخرين، مع تخصيص ستة مقاعد لها في قاعة الجمعية العامة.

- ليس لفلسطين الحق في التصويت أو في تقديم مرشحين.

من الاهمية الإشارة الى ان مقدمة هذا القرار قد أشارت الى التالي:

-القرار 181 (د – 2 ) المؤرخ 29/11/1947، الذي اوصت فيه، في جملة امور، بتقسيم فلسطين الى دولة يهودية ودولة عربية، وبان تشكل القدس كيانا قائما بذاته،

-القرار 3237 ( سبقت الاشارة اليه اعلاه في هذه الورقة ) الذي منحت بموجبه منظمة التحرير الفلسطينية مركز المراقب،

-القرار 43/160 ( سبقت الاشارة اليه اعلاه في هذه الورقة ) الذي قررت فيه ان لمنظمة التحرير الفلسطينية الحق ان تصدر رسائلها وتعمم بوصفها وثائق رسمية للأمم المتحدة،

-القرار 43/177 ( سبقت الاشارة اليه اعلاه في هذه الورقة ) الذي اعترفت فيه باعلان دولة فلسطين الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1988، وقررت ان يستمعل في منظومة الامم المتحدة اسم " فلسطين " بدلا من اسم " منظمة التحرير الفلسطينية ".

خلاصة:

لقد مر تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية وفلسطين في هيئة الامم المتحدة بعدة محطات. يتبين الطابع التراكمي للنضال الدبلوماسي الفلسطيني الذي حقق في بعض المحطات انجازا مهما: التمثيل في هيئة الامم المتحدة، الاعتراف بإعلان الاستقلال، التأكيد على السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية على حدود العام 1967. كما تم تحقيق بعض الانجازات البسيطة ولكنها المهمة في محطات اخرى: حق ان تصدر رسائلها وان تعممها باعتبارها من الوثائق الرسمية للامم المتحدة، حق المشاركة في النقاشات العامة، تقديم المقترحات، الرد، التقدم بمقترحات القرارات وغيرها.

يمكن القول أن استحقاق ايلول يمثل المحطة السادسة في رحلة النضال الدبلوماسي الفلسطيني في هيئة الامم المتحدة كحق واستحقاق فلسطيني طال انتظاره وبما يعزز من النضال الفلسطيني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. إن الحصول على العضوية الكاملة لا يعني أننا سنستيقظ في اليوم التالي لنجد الاحتلال قد رحل ولكنها محطة على الطريق، تساعد في نزع الشرعية عن الاحتلال.. إنها ليست نهاية لهذا الطريق.

سيتم تخصيص ورقة لمواقف الدول وتحديدا الولايات المتحدة وإسرائيل التي رافقت كل محطة من محطات التمثيل الفلسطيني في هيئة الأمم المتحدة، وطبيعة اللغة والمبررات التي استخدمت لرفض الطلب الفلسطيني بإجراء أي تعديل أو تطوير للتمثيل الفلسطيني في هيئة الأمم المتحدة.

تم الاستناد إلى موقع الأمم المتحدة في الحصول على الوثائق الواردة في هذه الورقة – www.un.org.