في إطار المعركة الضروس،التي تشنها حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو ضد القيادة الفلسطينية، في حال استمرت في خيار التوجه للأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران / ينونيو 1967، هدد احد وزراء الحكومة (لانداو) بإقدام حكومته على تصفية  وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

الوزير عوزي لانداو (حزب إسرائيل بيتنا) فقد كما رئيس حكومة (نتنياهو)، ورئيس حزبه، وزير الخارجية (ليبرمان) القدرة على محاكاة الواقع بأسلوب مقبول، نتيجة اللوثة التي أصابت أركان حكومة اليمين الصهيوني المتطرف من مختلف ألوان طيف الائتلاف الحاكم. وتناسى الوزير الأهوج ان وكالة تشغيل اللاجئين ( الاونروا) لا تخضع لدولة الاحتلال وقراراتها. لانها نشأت عن النكبة الإسرائيلية التي حلت بالشعب الفلسطيني في عام 1948. وتخضع لمرجعية هيئة الأمم المتحدة. إلآ إذا أفترض لانداو ان دولته، دولة الابرتهايد العنصرية الإسرائيلية باتت تملك مقاليد أمور الدنيا بحكم الدعم غير المحدود من قبل الولايات المتحدة الأميركية لها.

مع ذلك لا تستطيع لا أميركا ولا إسرائيل تصفية وشطب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. ويخطى كثيرا لانداو ومن معه، إذا أفترض انه يستطيع لي ذراع القيادة الفلسطينية بتهديداته الخرقاء. لان القيادة الفلسطينية أعطت حكومات إسرائيل المتعاقبة على مدار الثمانية عشر عاما الماضية الفرصة تلو الأخرى لبلوغ التسوية المشرفة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي خصوصا وبين إسرائيل وشعوب الأمة العربية عموما. لكن الحكومات المختلفة، من حكومات العمل إلى حكومات الليكود، إلى حكومات كاديما، الى حكومات الائتلافات اليمينية ضيعت الفرصة تلو الفرصة دون النظر للوقت او لمصالح شعوب المنطقة، كما لم تعطِ اي اعتبار لعملية السلام، بل ضربت عرض الحائط بكل ما تقدم، وتمسكت بخيار الاستيطان الاستعماري، وتخندقت في مستنقع الايدولوجيا الصهيونية الرجعية. ومازالت القيادة الفلسطينية متمسكة بخيار السلام، كخيار استراتيجي، وذهابها للأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية على حدود 67، لا يعني تخليها عن خيار حل الدولتين للشعبين، إنما هو تكريس لذلك الخيار، ودعم له، وتعزيزا لعملية التسوية السياسية، وحمايتها من الانهيار والضياع نتيجة تلك السياسات والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة.

إضافة لذلك، كما أشير آنفا ، هي وكالة أممية تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، وهي ليست مِّنة من احد من دول العالم، بل هي جزء يسير من المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي عموما ودول الغرب خصوصا، التي ألقت بالقنبلة اليهودية في وجه الشعب العربي الفلسطيني، دون ان يكون له اي مسؤولية من قريب او بعيد عن الهولوكوست وجرائم الفاشية والنازية الألمانية والايطالية والأوروبية عموما. وينتهي دورها حين تنتهي مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بعودتهم الى ديارهم التي طردوا منها في العام 1948، ويتم التعويض عليهم عن نهب ممتلكاتهم وثرواتهم طيلة السنوات الثلاث والستين الماضية، هذا إذا تم حل القضية الفلسطينية حاليا.

وينطبق الأمر على ما تقدمه الدول المانحة لموازنة السلطة الوطنية الفلسطينية. اي ان الدعم المقدم لها، لا يعتبر مِّنة من الدول المانحة، بل هو أيضا جزء من المسؤولية الملقاة على عاتق ومسؤولية العالم المتمدن، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بكل دوله وأقطابه. الذين كانوا السبب المباشر في النكبة الفلسطينية نتيجة تواطؤهم مع الحركة الصهيونية على إقامة "وطن" لليهود في فلسطين على حساب العرب الفلسطينيين.

تهديدات لانداو وغيره من القيادات الإسرائيلية اليمينية لا تثير فزع القيادة الفلسطينية نهائيا، بل تكشف عن هلع القيادة الإسرائيلية من إمكانية تحقيق الشعب الفلسطيني هدف رمزي يدعم خيار التسوية السياسية، ويقطع الطريق على التوجهات العنصرية والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة، التي تمس بمصالح شعوب المنطقة والعالم عموما، والشعبين الفلسطيني والإسرائيلي خصوصا. هذا الهلع يفرض على الأقطاب الدولية اولا التدخل للجم تلك النزعات الغبية والهوجاء، غير المسئولة. وثانيا دعم التوجه الفلسطيني في الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية على حدود 67، لان هذا التوجه يساهم في تعزيز عملية التسوية السياسية، ويقطع الطريق على مخططات إسرائيل المعادية للسلام. وثالثا التقدم بمبادرات سياسية للعودة لطاولة المفاوضات، وإلزام حكومة نتنياهو بدفع استحقاقات التسوية السياسية، وهي : الاستعداد للانسحاب الى حدود الرابع من حزيران 67 مع الاتفاق على تبادل للأراضي متفق عليه، ووقف البناء الكامل في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة عام 67. وان لم تلتزم بذلك تفرض تلك الأقطاب وخاصة أطراف الرباعية الدولية العقوبات السياسية والأمنية والاقتصادية  على دولة الابرتهايد لإعادتها الى رشدها السياسي، والالتزام بدفع عربة التسوية السياسية للإمام وبالسرعة المطلوبة لتنفيذ خيار حل الدولتين للشعبين على حدود 67.