الفلسطينيون لا تنقصهم الخيارات والبدائل، فهي متعددة ومتنوعة بقدر حجم القضية الفلسطينية. وقبل الحديث عن ماذا يعني خيار دولة تحت الاحتلال؟ لا بد من إبداء بعض الملاحظات التي تحكم هذه الخيارات: أولاً الخيارات تدور حول مجموعتين عريضتين، الأولى الخيارات الدولية والمقصود خيارات الشرعية الدولية، والثانية الفلسطينية، ويمكن أن نضيف لها الخيارات العربية والإسلامية كخيارات مساندة وداعمة، وعليه تنقسم الخيارات إلى خيارات رئيسه وخيارات داعمه ومساندة. الملاحظة الثانية أن الخيارات قدرة على الفعل وتحمل التبعات والنتائج، وهنا أشير انه على الرغم من عدم توافر القوة بالمعنى التقليدي، لكن القوة الأساس تكمن في قدرة الشعب الفلسطيني على النضال والتضحية وهذه متوفرة. والملاحظة الثالثة الخيارات بيئة سياسية شاملة، وهنا يمكن القول أن هذه البيئة السياسية متوفرة إلى حد كبير كما رأينا في التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي البيئة العربية التي ما زالت توفر عناصر الدعم لنجاح الخيارات الفلسطينية.والملاحظة الرابعة لا يجوز التعامل مع الخيارات الفلسطينية المتاحة بطريقة انتقائية، أو أحادية، فالخيارات يتم التعامل معها برزمة واحدة حتى تؤتى ثمارها ونتائجها. والخامسة التركيز على الخيارات التي تقوي الحق الفلسطيني في دولته وإنهاء الاحتلال، وهنا التركيز على الطبيعة السلمية والحقوقية للخيارات، والابتعاد عن البعد أو الشكل المسلح العنيف، وإن كان لا يستبعد إلا في حالات أن تقوم إسرائيل بالحرب مثلاً. والسادسة التركيز في الخيارات على أن الفلسطينيين أصحاب حق، وأنهم قادرون على ممارسة هذا الحق بما يتوفر لديهم من مؤسسات، وممارسات سياسية معترف بها دولياً، وقدرات بشرية يقر بها. ويأتي خيار الدولة تحت الاحتلال من بين العديد من الخيارات الأخرى، وهذا الخيار قد يحمل أشكالاً متعددة، وله تداعيات سياسية كبيرة. ويبقى السؤال ثانية هل الفلسطينيون قادرون على تحمل تبعات هذا الخيار؟ اليوم الوضع القانوني لفلسطين أنها دولة مراقب في الأمم المتحدة، وهذا إنجاز سياسي مهم لكنه يبقى محدوداً إذا لم يتحول إلى درجة أعلى، وذلك بالانتقال من وضع دولة مراقب لدولة كاملة العضوية، وهذا يحتاج إلى جهد ووقت طويل، لأنه في النهاية لا بد من موافقة مجلس الأمن على هذه العضوية، وهنا الفيتو الأمريكي يمكن أن يجهد هذه المحاولة، وهنا من يقول يمكن تفعيل دور الجمعية العامة استناداً لقانون الإتحاد من اجل السلام، وعندها يمكن عرض القضية من جديد والحصول على الهدف بقيام دولة كاملة العضوية، وعند الحصول على ثلثي الأصوات تصبح فلسطين دولة كاملة العضوية، بوضعية خاصة :تحت الاحتلال: وفى هذه الحالة تصبح مسؤولية الأمم المتحدة والمسؤولية الدولية رفع صفة الاحتلال عن دولة عضو. ويمكن أن تتطور الأمور لتفعيل الفصل السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل على إنهاء عضويتها. هذا الوضع القانوني ليس سهلاً، وقد يحتاج لسنوات طويلة، وقد يصطدم بعقبات كثيرة. والبديل الأسرع لذلك هو إعلان الفلسطينيون عن البدء في مرحلة الدولة الفلسطينية لما لهم هذه الصفة المعترف بها دولياً. وهذا الإعلان تترتب عليه تداعيات كثيرة أهمها إلغاء مرحلة أوسلو، وهو ما يعني إلغاء اتفاق أوسلو تلقائياً، لأننا نكون أمام تغير في الشخصية الدولية، وهو ما يترتب عليه إلغاء الاتفاق، وهذه أحد الآليات لإلغاء الإتفاقات الدولية التي تتغير مع تغير الشخصية الدولية. ويترتب على ذلك إلغاء كل ما ترتب على اتفاق أوسلو من نتائج كحل السلطة، وكل المؤسسات التي جاءت نتيجة الاتفاق كالسلطة التشريعية، ومنها أيضاً إلغاء منصب رئيس السلطة وإستبداله، برئيس الدولة، ويعني أيضاً العودة لتفعيل وإحياء منظمة التحرير، ومؤسساتها، ومراجعة كل الإتفاقات الموقعة مع إسرائيل، ومطالبتها بالاعتراف بالدولة وليس بمنظمة التحرير، وأيضاً تغير في نهج الدبلوماسية الفلسطينية والتركيز على مطالبة الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدودها المعلن عنها 1967، وعاصمتها القدس. هذا الخيار له تداعيات أخرى منها توقع ممارسة ضغوطات من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، وخصوصاً في المجال الإقتصادي والمالي، وتوقع أن تعلن إسرائيل انسحاباً أحادياً من الضفة الغربية على قرار ما حدث في قطاع غزة، وفرض حالة من الأمر الواقع. ويحتاج هذا القرار لتفعيل خيارات المقاومة السلمية المستدامة على الأرض، وإلى دعم عربي حقيقي للحفاظ على دور المنظمة، لكن الإشكالية الكبرى التي قد تواجه هذا الخيار الواقع الذي فرضته السلطة عبر أكثر من عقدين كالواقع الوظيفي والمؤسساتي والخدماتي والعملة الفلسطينية. وكيفية تلبية مطالب المواطنين، ومسألة التنسيق مع إسرائيل في المسائل ذات الطابع المدني والعلاجي، بحكم التداخل بين عنصري الأرض والسكان فلسطينياً وإسرائيلياً. هذه الإشكاليات والمعيقات تحتاج مراجعة نقدية وعدم التسرع في اتخاذ خيارات تكون السلطة غير قادرة على تحمل تبعاتها وتداعياتها، ويبقى الخيار في صورته الأولى أي صورة اختيار خيار المسؤولية الدولية والعودة للمطالبة بتفعيل قرار 181 الذي يعترف بالدولة العربية مع ملاحظة أنه يدعو لدولة يهودية في الوقت ذاته هو الأكثر ملائمة في المرحلة الحالية.