يواجه العديد من الكتاب والمثقفين والصحفيين في قطاع غزة ، حالة من الترقب وشد الأعصاب، بسبب كثرة استدعاءات البعض منهم إلى مقرات ما يسمى بأمن حماس الداخلي، في جميع محافظات القطاع .والحالة التي يعيشها الكتّاب والصحفيين هذه المرة تختلف عن سابقاتها لأن حماس تبرر هذه الاستدعاءات الأمنية بالكشف عن جماعة "تمرد ضد الظلم" في غزة، هذه الجماعة التي عرف عنها سكان قطاع غزة من خطاب القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، ومن بعض خطباء المساجد التابعين لحماس، والذين هددوا كل من ينتمي إلى هذه الجماعة أو يشجعها أو يسهل لها مهامها "بإعادة الفوضى" إلى قطاع غزة، وما قبل خطاب هنية كانت هذه الجماعة في علم المجهول.

ومن بين الكتّاب والمثقفين الذين بدأت بهم الحملة الأمنية الحمساوية هو الدكتور خضر محجز ( القيادي السابق في حماس والمنشق عنها منذ عام 1993)، وكان استدعاء محجز نهاراً وبعد حجز هاتف الخاص وإخضاعه للتحقيق، وعرض عليه التوقيع على تعهد بعدم كتابة ما تكره حماس أو ما يستفزها، لا تعرف المصادر أن كان محجز قد وقع على هذا التعهد ام لا . والكاتب طلال الشريف تعرض أيضا للاستدعاء الأمني، وتم فتح قضية له ينظر فيها الشهر المقبل، والقضية بسبب مقالة قديمة، جاءت كرد فعل على اعتقال شقيقه من قبل أجهزة أمن حماس .والكاتب والناشط المجتمعي ناهض زقوت تعرض ايضاً للاستدعاء والجلوس لساعات في غرفة انتظار، بعد حجز هاتفه وتفتيشه بكل دقة، وأطلق سراحه بعد توقيع تعهد بعدم ممارسة الكتابة عن حركة حماس وحكمها وما يدور من حوله.

واستدعي الصحفي نصر فؤاد أبو فول (26 عاماً) من سكان حي الشيخ رضوان، و تم تفتيشه وأخذ هاتفه النقال وهويته الشخصية واحتجازه، قبل إخضاعه  للتحقيق وكتابة تعهد ضده ، وكان أبو الفول قد غرد على صفحته الخاصة بعبارة استفزت نجل القيادي إسماعيل هنية فعلق على ما كتبه أبو الفول، الذي استدعي بعدها بساعات.

وكشف أبو الفول عن ما تعرض له أثناء التوقيف فقال: قام المحققون بإجباره على الوقوف ووجهه للحائط مدة ساعة تقريباً، بالإضافة إلى وضع غطاء مصنوع من القماش الخشن على رأسه وتغطية وجهه بالكامل وليس فقط العينين، كما سمع أصوات طرق على باب الغرفة التي يحتجز فيها، مشيرا إلى أنهم أخذوا منه كلمة المرور لصفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى أن تم الإفراج عنه مساء اليوم الذي استدعي فيها.

ولم يفلت الأستاذ الدكتور رفيق محمود المصري أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الأقصى، من الاستدعاء الأمني، والذي ذهب إلى مركز شرطة حماس مساء يوم الأحد الماضي واخضع للتحقيق والتفتيش والانتظار لساعات، وأخلي سبيله قبيل منتصف الليلة نفسها، دون إعادة جواله وبطاقته الشخصية إليه، وبعد إبلاغه شفوياً بضرورة المراجعة عند الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي لإطلاق سراحه، منوها إلى أنه ذهب في الموعد لإنهاء الملف، واحتجز حتى الساعة السابعة من مساء اليوم نفسه. وأفاد المصري بأن رجال امن حماس حققوا معه حول آرائه السياسية وعلاقته بشخصيات من حركة فتح، وأجبروه على التوقيع على تعهد ينص على عدم الكتابة عن حماس وحكمها في غزة.

وتفيد جميع التحقيقات الميدانية أن خلفية الاستدعاءات سياسية وعلى خلفية الرأي إزاء الأحداث السياسية بشكل عام وفي مصر. وذكر مركز الميزان لحقوق الإنسان أن أفرادا من جهاز المباحث العامة احتجزوا الصحافي محمد زكريا التتري (24 عاماً) مراسل إذاعة صوت الشعب وقناة الدنيا السورية، مساء يوم الجمعة الماضي، أثناء ممارسته رياضة الجري قرب مركز شرطة مخيم جباليا، وأخلي سبيله بعد التحقيق معه على خلفية رأيه في الشأن السوري.

وأضاف إن الجهاز نفسه استدعى الصحافي رفيق فضل نعيم (25 عاماً) مراسل الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام في بيت حانون، صباح يوم السبت الماضي، إلى مركز شرطة بيت حانون، وأخلي سبيله بعد التحقيق معه حول نشاطه على الفيسبوك وآرائه السياسية في الشأن المصري والسوري، وحول حركة تمرد في قطاع غزة التي نفى علاقته بها. وأوضح المركز أنهم طلبوا منه كلمات السر الخاصة ببريده وحسابه على الفيسبوك، وذهبوا وأحضروا جهاز الكمبيوتر الخاص به، الذي ما زال بحوزتهم.

وكان ما يسمى بأمن حماس الداخلي اعتقل في السادس والعشرين من الشهر الماضي الصحافي سيف الدين شاهين مراسل قناة الغد العربي، حيث توجهت قوة إلى منزله لاعتقاله لأنه لم يمثل أمامهم بعد تسليم ذويه الإخطار مباشرة لكنهم لم يجدوه، ثم توجه شاهين إلى مقر الأمن الداخلي في غزة مساء اليوم نفسه، حيث احتجز لمدة ساعة ونصف، وتم التحقيق فيها معه حول عمله وحول حركة تمرد والمخططين للانقلاب على حماس، قبل الإفراج عنه.