تحقيق: وليد درباس - في سياق مساندة الفقراء وذوي الدخل المحدود والشباب من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أقام الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية فرع لبنان بالتعاون مع منظمة اليونيسيف وبوقت مبكر برنامج "القرض الـدوار". وبسبب العوز وتنوُّع الحاجات، أضيف إليه فيما بعـد برنامج آخر عُرف باسم "قرض الشباب"بدعم من اليونيسف أيضاً. وجـراء انتظام العمل والتقيد بأسـس ونظم العمل المشترك أولاً بين الاتحاد والمقترضين، وثانياً بين الاتحاد واليونيسيف، أكتسـب الاتحاد مصداقية على أكثر من مستوى وصعيد أهلته للفوز باحترام وتقدير جهات دعـم جديدة.

 

مفهوم برامج القروض

تشير مسؤولة الإدارة العامة لأجندة القروض للاتحاد في لبنان حنان الخطيب إلى أن صندوق الاستثمار الفلسطيني مثلاً حصر تعامله مع الاتحاد كبداية بحدود منطقة صيدا. وعن طيب خاطر وللمزايا الآنفة الذكـر، قرَّر رفع سقف تعاونه مع الاتحاد ليطال الفلسطينيين الراغبين بتأسيس المشاريع حيث وُجِدوا في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان. وبذات السياق تنوِّه الخطيب لبرنامجَي قروض آخرَين، أولهما في مخيم القاسمية بمنطقة صور ويُعرف بـ"القرض المهني" ويُنفِّذه الاتحاد بالتعاون مع جمعية الماب، ويستهدف مساعدة ذوي الحالات الاجتماعية على تأسيس مشاريعهم الخاصة للتخلُّص من العوز ومد اليـد، لافتةً إلى أن التزام المقترضين بتسديد المستحقات عليهم في وقتها دفع برئيسة الاتحاد آمنة سليمان ولجان القروض لزيادة عدد دفعات التوزيع علاوة عن المقر. أمَّا البرنامج الثاني، فهو "قرض تمكين المرأة اقتصادياً"، ويُنفذه الاتحاد بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وهو يقوم على توفير المعدات الخاصة بتنفيذ المشروع الذي تريده المقترضات، حيثُ تلفت الخطيب إلى أن قيمة القرض مرهونة بماهية وطبيعة القرض وبمستوى مصداقية المقترض.

 وبسياق قرض التمكين، ترد منسِّقة البرنامج "رجاء شبايطة "أم عامر" تعاون منظمة العمل الدولية وتنسيقها مع الاتحاد للخبرة والسمعة التي راكمها الاتحاد في مجال القروض والمشاريع، وتؤكِّـد أن إنضاج مشروع التمكين لخواتيمه الحالية تطلَّب إعداداً وتدريباً غير عاديَين بدءاً من العام 2011، قامت خلالها منظمة العمل بالتنسيق مع الأونروا ومع البرامج النسائية والاتحاد، وتلَّقت المتدربات تقنيات بمهارة تأسيس وإدارة المشروع ومقومات نجاحه، وانتهى بتقديم المتدربات إستنابات بـ100 مشروع إنتاجي تبنَّت المنظمة بعضها شريطة أن يعمل أصحابها كفريق أو كمجموعة استناداً لمواصفات التنسيق فيما بينهن حيناً والتكامل حيناً آخر دون أن يُلغي ذلك حق كل منهن بمشروعها الخاص. فمثلاً والحديث لأم عامر "مشروع المونة يتألَّف من ثلاث فلسطينيات تكتسب العلاقة بينهن صفة التنسيق، وتبلغ قيمة قرضهن الإجمالي 4000 دولار تشمل شراء معدات طحن الزعتر، وأخرى لتحميص السمسم وثالثة لطحن الفلفل  مضافاً إليها ميزان الكتروني، في حين تتسلَّم كل منهن المعدات الخاصة بمشروعها، ويُعرف المشروع باسم أطايب فلسطين"، وتضيف شبايطة: "يتفرد القرض بمواصفات مهمة أولها مدة القرض وهي عام من تاريخه، وعليه يلتزم المقترض برد 50% من قيمة سعر المعدات التي تسلَّمها لريع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية مضافاً إليها نسبة 5% بدل رسوم تشغيل، متابعة، مستلزمات إدارية..إلـخ، ويُعتبر النصف الآخـر بمثابة منحة أو هبة مجانية غير مردودة من منظمة العمل الدولية. وتُعتبر سيارة الربيد في مجموعة تجهيز العرايس "فرحة من أجل فلسطين" القاسم المشترك حيث وجدت بالمجموعات بمثابة ملكية عامة لكافة أفراد المجموعة، ومن أهدافها الحد من كلفة نقل بضاعة أفراد المجموعة، ويقضي العقد المبرم باعتبار الاتحاد مالكاً حصرياً للمعدات المقدَّمة بحال جرى الإخلال بنص الاتفاق".

وتنهي بالقول: "أمَّا من لم يحالفهن الحـظ ممن تقدمن بإستنابات مشاريع بالحصول على تمويل من منظمة العمل لسبب خارج عن إرادة الأخيرة، فيعمل الاتحاد وفق المتاح على إدخالها بأجندة القروض".

 

محمود عبد الله

 يستفيد من برنامج القروض للمرة الثانية، فالأولى كانت قبل عام واقترض آنذاك مبلغ 1000دولار بهدف تدعيم مشروعه الخاص"صالون حلاقة" ببعض من أدوات الحلاقة والمعدات الكهربائية. وفي شهر آب الحالي، اقترض مبلغ 1500دولار لشراء آلة اكسبرس لإعداد المشروبات الساخنة من جهة، ولاستكمال تجهيزات المحل من صالون جلوس، وبوابة زجاجية من جهة ثانية.

ويلفت عبد الله إلى أن الآلة بمفردها ستوفِّـر باعتقاده مدخولاً إضافياً يومياً بمعدل 30000 ل.ل، حيثُ أن عبد الله بنى جدوى مشروعه بالاستناد لوقوع محله بمحاذاة حاجز الجيش اللبناني على مفرق سيروب نادي الضباط المية ومية، ما يجعل عشرات العسكريين زبائن مشروباته الساخنة.

 

الفلسطيني محمد علي ورد

 يتقن مهارة صناعة الحلويات الإفرنجية والبوظة العربية، ولكنه يعمل مستخدماً في محل. إلا أنه مؤخِّراً وجد ضالته باتحاد المرأة فاقترض مبلغ 1000دولار بهدف شراء آلة تجميد بوظة مستعملة، توخياً للاستقلالية فيما بعـد. وكونه بات شريكاً بالملكية ارتفـع أجره عن كل يوم عمل لدى مستخدمه أبو السعود إلى 50000 ل.ل" بدلاً من 20000 ل.ل. وحول نمط عمله الجديد يقول ورد: "أوزع وقتي بالعمل حيناً في محل الحلويات طرف أبو السعود، وحيناً آخر في محل حلويات ببلدة شرحبيل، وطموحي أن أحصل على قرض يؤهِّلني لشراء فـرن لصناعة الحلويات، باعتبار الطلب على البوظة يتوقَّف في فصل الشتاء من جهة، ويمكِّنني من ضـم شقيقي عمر، كشريك بالمحل من جهة أخرى"، ويضيف: "سأسعى لتسديد أكثر من "100دولار" بالشهر لتسريع فرصة الحصول على قرض أكبر يُمكِّنني  في المستقبل القريب من فتح محل خاص بي".

 

وحيدة محمود سريه

 أسَّست بالشراكة مع "6" فلسطينيات أُخريات مشروعاً إنتاجياً باسم "فرحة من أجل فلسطين" يتألَّف من مهن فردية مختلفة ومنها "الخياطة، النوفوتيه، الإكسسوارات، بياضات، جهاز عروس، تراثيات، تصوير فوتوغرافي"، ويبلغ إجمالي قرض المجموعة 16000دولار، نصيب وحيدة منها 1000دولار تماشياً مع كلفة مشروعها "بسطة مبيع إكسسوارات". وبسبب طلب صاحب المحل المستأجر من قبلها، رضيت بالبسطة على أمل تحويل محل العائلة بسوق الخضار بعين الحلوة لتسويق مبيعاتها في المستقبل، وتضيف: "شراكتي مع المجموعة وفَّرت لأسرتي مدخولاً إضافياً بنسبة 70%، والسبب أن سيارة الربيد التي تُشكِّل القاسم المشترك لمشروع المجموعة سُجلت باسم زوجي لتمتُّعه بالجنسية اللبنانية، ما شجَّع أفراد المجموعة بالتالي لتشغيل أبني "كامل" كسائق لها من جهة، مضافاً لذلك توفير الكثير من كلفة نقليات الإكسـسوارات ولجانبها نقليات باقي أفراد المجموعة، إلى جانب مدخول كامل من استخدام السيارة للنقل العام بأجر من ناحية أخرى".

 

فاطمـة محمد عبد العزيز

تمكَّنت بإرادتها من نقل عملها كخياطة داخل بيتها لاستئجار محل والعمل فيه، بعد حصولها بوقت سابق على قرض من الاتحاد الأوربي بقيمة 1500دولار. وبعد حصولها على قرض بواسطة اتحاد المرأة بقيمة 4000دولار من منظمة العمل الدولية، بات لديها 4 آلات خياطة متنوعة، وبفعلها وفَّرت بدل الفرصة فرصتي عمل لفلسطينيتَين من أهالي المخيم، وأضافت لمحلها مؤخراً فساتين سهرة و"بدلة عروس" بغرض التأجير، وهي واحدة من أعضاء مجموعة "فرحة من أجل فلسطين". وتحمد فاطمة اللـه على التحسُّن الملموس بمدخول أسرتها.

 غير أن ما يحول دون التوفير وتطوير المحل برأيها هو ازدياد متطلبات الحياة، حيثُ أن ابنتيها أنهتا تعليمهما الجامعي بتخصصَي "هندسة"، و"بيولوجي"، إضافةً لطبيعة الاستقرار الهش في البلد عموماً وفي المخيم خصوصاً. وتطمح فاطمة حالياً للحصول على قرض كبير يؤهِّلها لفتح محل بمدينة صيدا.

 

سـامي عبد الوهاب

يملك متجراً ذا سعة كبيرة لبيع الملابس"الولادية والنسائية"، بلغة التجار، ورثـه عن والده التاجر المعروف عبد عبد الوهاب. استدان قُبيل عيد الفطر من القرض التنموي الفلسطيني الذي يُديره اتحاد المرأة بدعـم من صندوق الاستثمار الفلسطيني مبلغ 3000دولار، بهدف اللحاق بموسـم العيد ومتطلبات الصيف، فمكَّنه الدفـع النقدي من اختيار طلبياته بدلاً من الاستدانة والخضوع لرغبات وإملاءات التاجر الـمُـدين. الفلسطيني عبد الوهاب مضى على عمله بالتجارة 10 سنوات، وهذه هي المرة الثانية التي يقترض فيها من الاتحاد، وهو حالياً يُسدِّد قرضه الأخير بمعدل 300دولار شهرياً. ويُتابع سامي هذه الأيام قضايا لجنة تجار السوق في المخيم، ويطمح للحصول على قرض جديد حده الأدنى 5000دولار، قُبيل حلول فصل الشتاء بهدف تأمين كافة لوازم الموسم المكلفة وفق حديثه، ويوضح: "نحتاج كتجار أن يدعمنا أكثر من طرف ومنها الأونروا"، ويتابع: "محلات التجار الفلسطينيين بغالبيتها مستأجرة ولا نقوى على مجاراة الباعة السوريين حتى وإن كانت محلاتهم بالأجرة، لأن معظمهم من الملاكين ببلدهم الأم سوريا، ويستقدمون بضاعتهم منها بالرُخص ومعفاة من الجمرك والضرائب، فيما يعتمد تجارنا يعتمدون على السوق التركية أو المحلية وبالحالتَين يستحيل مقارنة كلفتهما بما سبق".