حوار/ سمية مناصرة/ حين تتلاقى الأيادي لتصفِّق بحرارة ممتزجة بضحكات تشارك بها الجميع أو همسة ذرفتَ وراءها سيلاً من الدموع، فلتعلم أن خلف ذلك كله ليس مجرد خشبة مسرح تراقصت عليه مختلف الشخصيات لتحكي حكاية حدث مكان وزمان كتبها الواقع أو تنتظر دورها، بل هي حروف شخص عشق ما بعد ستار المسرح، عاش ودبَّر، أراد أن تصل ترانيم أفكاره للناس، فاختار لها درب المسرح. فالمسرح بالنسبة له ليس فقط هواية بل هو تجسيد معاناة شعب بأكمله من ألم التشرد والحرمان، وألم الغربة والتشتُّت في أصقاع الكون.

إنه الفنان الفلسطيني المسرحي أحمد الخطيب ابن مخيم عين الحلوة، وعضو نقابة ممثلي المسرح والسينما والتلفزيون في لبنان، وعضو ممثِّل في الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين.

 

بدايةً هل لك أن تحدِّثنا عن انطلاقة مسيرتك الفنية وأبرز محطاتها؟

كان التمثيل هوايتي منذ الصغر، ولطالما كان أصدقائي يشجعونني على التمثيل الفكاهي بعد أن كنت أقلِّد كبار الفنانين المصريين.

وفي عام 1985 نفَّذتُ اسكيتشاً عن هيئة الأمم المتحدة، وكنت أؤدي دور ضابط، حيثُ قمت بشرح معاناة شعبنا الفلسطيني. وبعد ذلك مثَّلت في مسرحية بعنوان "التمسُّك بالأرض"، تتحدَّث عن تمسُّك الفلسطيني بأرضه رغم كل الصعوبات التي مارسها العدو الصهيوني ضد شعبنا.

كذلك ففي عام 1987، وبمناسبة استشهاد القائد خليل الوزير "أبو جهاد" قمنا بتنفيذ مسرحية بعنوان "الفراشة المسلَّحة" مع ممثِّلين من فرقة المسرح الوطني الفلسطيني. وإلى جانب ذلك، فقد شاركتُ في العديد من الأعمال المسرحية الأخرى مثل "حبيبتي جفرا"، وهي قصة حقيقة لفتاة فلسطينية من أحد مخيمات الشتات، و"الفيل يا مالك الزمان" لسعد الله ونوس، ومسرحية "أبو شاكر" التي تروي قصة تصدي فلسطيني من مخيم الرشيدية مع مجموعة من الأشبال والزهرات للعدو الصهيوني واعتقاله أثناء الإجتياح الإسرائيلي في عام 1982، ومسرحية "الحق ع مين يا أمين" التي تناولت جوانب سياسية لحياة اللاجئين الفلسطينيين. أمَّا آخر مسرحية مع الاتحاد العام  للفنانين الفلسطينيين فكانت "الجاكيت يا مجبور" وهي عبارة عن كوميديا سوداء هادفة استطعت من خلالها أن أُجسِّد دور الأم الفلسطينية، وهي من تأليف محمد عيد رمضان واخراج الاستاذ محمد الشولي، وتمثيل فرقة المسرح الوطني الفلسطيني. وبالطبع فكل هذه الأعمال تم تمثيلها مع فنانين من فرقة المسرح الوطني الفلسطيني.

وأيضاً هناك أعمال خارج إطار الإتحاد منها "الجاروشة" و"المارد" للأطفال و"قصر الملك" للمخرج الأستاذ محمد الشولي، إضافةً لمسرحية عن حياة معروف سعد من إخراج محمد متبولي، وغيرها.

 

وماذا عن السينما والتلفزيون؟

بالنسبة للسينما شاركت في  فيلمَين  وهما "بركان الغضب" عام 2000 بالإشتراك مع نخبة من الفنانين المصريين، وفيلم "إنتصار" لرشيد مشغرواي.

أمَّا فيما يتعلَّق بالتلفزيون، فقد شاركت في مسلسلَين من إنتاج تلفزيون المنار وإخراج محمد إبراهيم وهما "عائدون" الجزء الثاني و"أيام فلسطينية". هذا بالإضافة إلى إنشودتَين وهما "غريب الدار والأهل" و"الجري" اللتين تمَّ تصويرهما في صيدا.

 

كيف تنظر للمسرح وماذا يمثِّل لك؟

من المهم جداً أن نعي بأن الممثِّل في المسرح يحمل ويتحمَّل مسؤولية الأداء على عاتقه لأنه يخاطب المتفرِّج عبر عمليات متعدِّدة تتضمن الادراك بالحواس والفكر، وهذه تعتبر أحد أهم العوامل في عملية بث الخطاب الفني وفي عملية الارسال والاستلام. فالمسرح يخاطب حاسة البصر والسمع، ويوفِّر بذلك متعة جميلة ناتجة عن الأداء في عملية التواصل هذه عبر حامل الخطاب الممثِّل لأنه الوسيط والمسؤول عن توصيل رسالة العرض (بين الخيال الخارجي والواقع على خشبة المسرح) أي بين العرض والمتفرِّج. وبعد ذلك تتجمَّع لدى المتفرِّج عملية مهمة في تشكيل المعنى العام للعرض.

 

لو أنَّك لم تحمل القضية الفلسطينية في فنك، فهل كان يمكن برأيك أن يكون المجال الفني أمامك أرحب من ذلك؟

برأيي الفن لا ينبغي أن يكون للترويح عن النفس فقط، بل أيضاً لتبني القضايا المصيرية والحياتية. فهو يحمل قيماً نبيلةً وقضايا تهمُّ الأمة في ماضيها وحاضرها. والمبدع عندما يكون معنيّاً بالتعبير عن قضية ما، كقضية فلسطين مثلاً، يبذل كل جهده حتى يعبِّر عنها بأعلى مستوى يستطيع تأديته من الفن.

 فأنا لا يمكنني التخلي عن فلسطين، فلسطين المعاناة وفلسطين الفرح، لأنَّ حبها يُعشِّش فيّ وفي كل جوارحي ووجداني. والمأساة الفلسطينية بكل آلامها وتطلعات شعبها وفرحها تشكِّل مصدراً منفتحاً على قضايا الإنسان في كل مكان.

ولكنني كفنان فلسطيني أتمنى لو كنا في فلسطين ولو كان لدينا مسرح خاص ودولة نعيش فيها بسلام  كي نبنيها من الناحية الفنية. وآمل أن يتحقق ذلك يوماً ما.