اعتبر خبراء سياسيون أمس ان رفض النواب البريطانيين المشاركة في عمل عسكري ضد سوريا يشكل استثناء في "العلاقة الخاصة" بين لندن وواشنطن ويهدد باضعاف النفوذ البريطاني في العالم.
وعبر تصويت النواب البريطانيين مساء الخميس ضد المذكرة التي تقدم بها (285 ضد مقابل 272 مع)، مني رئيس الوزراء ديفيد كاميرون باسوأ فشل منذ توليه الحكم قبل ثلاثة أعوام.
واعتبر مايكل كلارك مدير معهد "رويال يونايتد سيرفيسز" للأبحاث ان هذا التصويت "يفوت" على بريطانيا "خطوة رمزية تقضي بالمشاركة" في تدخل عسكري في سوريا بعدما كانت في مقدمة من دعوا الى هذا التدخل.
لكنه تدارك "لدينا علاقة وثيقة على صعيد الاستخبارات مع الولايات المتحدة وسيتم استخدام ما نقدمه الى زملائنا الأميركيين على مستوى التنصت والرصد".
واضاف كلارك "من المرجح ايضا ان تكون قوات خاصة بريطانية ارسلت الى سوريا للقيام بعمل استخباراتي، ولا أتصور للحظة ان هذا الأمر سيتغير. اذن، في الكواليس، ستواصل بريطانيا التعاون عبر قنوات ستعتبرها الولايات المتحدة مفيدة".
لكنه رأى انه من الصعب التكهن بكيفية تعامل الولايات المتحدة مع انسحاب حليفها الرئيسي، خصوصا ان هذا الأمر لا ينبع من خلاف بين القادة بل من عجز كاميرون عن إمرار هذا الاتفاق لدى النواب.
واوضح انه حتى الآن، اعلنت الولايات المتحدة انها "ستواصل التشاور مع الحكومة البريطانية"، واصفة اياها بأنها "أحد أقرب الحلفاء والأصدقاء".
وتابع كلارك "اعتقد اننا سنصلح هذا الأمر سريعا وانه لن يعتبر سوى استثناء مزعج بالنسبة الى بريطانيا. لكن الأمر قد يتفاقم ليصبح بداية خلاف".
من جهته، ابدى الن مندوزا من معهد "هنري جاكسون سوسايتي" للأبحاث قلقا أكبر، معتبرا ان "هذا التصويت يعني ان بريطانيا ستنضم الى دول الصف الثالث وستكون محكومة بان تكون أسيرة الأحداث من دون قدرة على التأثير فيها".
والسيناريو نفسه عبر عنه بادي اشداون الزعيم السابق للديمقراطيين الأحرار والعضو السابق في القوات الخاصة، اذ قال للـ "بي بي سي": "قد أكون مقاتلا عجوزا من الماضي لكنني اعتقد ان هذا التصويت (...) يضعف بلادنا بشكل كبير".
واضاف "نحن الآن في مواجهة مجموعة أناس يريدون الخروج من الاتحاد الاوروبي ودمروا علاقاتنا مع الولايات المتحدة" عبر التصويت ضد مذكرة الحكومة بشأن التدخل العسكري في سوريا.
وكتب اشداون في السياق نفسه عبر تويتر ساخرا "الرد البريطاني على الفظائع السورية؟ انها ليست مشكلتنا".
بدوره، اعتبر وزير الدفاع فيليب هاموند الذي اتهم الحزب العمالي بتقديم "نجدة" الى نظام الرئيس بشار الأسد، ان هذه النتيجة "سترخي بثقلها بالتأكيد على العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا. وذلك ما عبر عنه ايضا وزير المال جورج اوزبورن لكنه تدارك انه "خلال التشاور مع واشنطن منذ هذا التصويت، برز تفهم كبير".
وقال اوزبورن "اعتقد انه ستجري قراءة ذاتية على الصعيد الوطني لدورنا في العالم"، مؤكدا انه يتفهم "حذر" النواب وآمل في ألا "تدير بريطانيا ظهرها لكل مشاكل العالم".
أما العمالي ايد ميليباند الذي قاد التيار المعارض لمذكرة الحكومة فرأى ان العلاقة الخاصة بين لندن وواشنطن "لا تزال قوية". وقال: "اعتقد ان التحالف مع الولايات المتحدة واقامة علاقة خاصة معهم (الأميركيون) لا يعبر عنه فقط بالقيام بما يتوقعه الرئيس الأميركي منا"، وذلك في غمز من قناة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير الذي يؤخذ عليه انه كان يدور في فلك الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وانساق معه من دون تردد في الحرب على العراق.