عقدت الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن اجتماعا جديدا حول سوريا الليلة الماضية استمر زهاء 45 دقيقة فقط ولم يحقق تقدما ظاهرا، في الوقت الذي بدت فيه الدول الغربية متريثة قبل توجيه ضربتها الى النظام السوري.
من جهة ثانية أكد الرئيس السوري بشار الأسد عزم بلاده على "الدفاع" عن نفسها في وجه أي ضربة عسكرية في اعقاب اتهام دول غربية له باستخدام السلاح الكيميائي، في حين تواصلت الاتصالات الدولية مع ظهور بوادر تريث لدى الدول الغربية قبل توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا.
وعقد اجتماع الدول الخمس بناء على طلب روسيا التي ترفض بشدة أي عمل عسكري ضد سوريا، حسب دبلوماسيين. ولم يدل أي من سفراء الدول الخمس (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، الصين، روسيا) بأي تعليق. وناقش الاجتماع مشروع القرار البريطاني الذي يبرر تدخلا عسكريا ضد النظام السوري ردا على استخدامه المفترض لأسلحة كيميائية ضد سكان مدنيين. ويجيز مشروع القرار اتخاذ "كل التدابير الضرورية بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بهدف حماية المدنيين من الأسلحة الكيميائية" في سوريا. وكان سفراء الدول الخمس عقدوا اجتماعا مماثلا الأربعاء انتهى ايضا من دون الخروج بأي نتيجة.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان المفتشين الدوليين "سيواصلون تحقيقاتهم حتى الجمعة (اليوم) وسيخرجون من سوريا بحلول صباح السبت (غدا) وسيرفعون تقريرهم فور خروجهم".
وفي نيويورك أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة ان المفتشين الأمميين جمعوا "كمية" من العناصر تتصل بالهجوم الكيميائي الذي خلف مئات القتلى في سوريا في 21 آب وسيقدمون "تقريرا شفويا" الى كي مون فور عودتهم. وسترسل العينات التي أخذها المحققون من المواقع التي زاروها الى مختبرات في اوروبا لتحليلها، وذلك التزاما بالآلية الملحوظة في شرعة حظر الأسلحة الكيميائية. ولمح المتحدث فرحان حق الى ان هذه التحاليل قد تستغرق أسابيع.
وقال الأسد خلال استقباله أمس وفدا يمنيا ان "التهديدات بشن عدوان مباشر على سوريا، ستزيدها تمسكا بمبادئها الراسخة وقرارها المستقل النابع من ارادة شعبها"، مضيفا ان "سوريا ستدافع عن نفسها في وجه أي عدوان"، حسب ما افاد التلفزيون الرسمي السوري.
وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المعروفة بقربها من النظام السوري نقلت عن الأسد قوله لقياداته ان الضربة في حال حصولها ستكون "مواجهة تاريخية سنخرج منها منتصرين".
واكد مصدر أمني سوري لوكالة فرانس برس أمس ان الجيش النظامي يتحضر لـ"السيناريو الاسوأ" مع أخبار عن احتمال توجيه ضربة عسكرية للنظام. وشملت هذه التحضيرات اخلاء بعض المواقع أو تبديلها بشكل تمويهي، حسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء.
في غصون ذلك، واصلت الدول الغربية تحميل النظام السوري مسؤولية الهجوم المفترض، واستعداداتها لاحتمال توجيه الضربة.
وكشف نقاش في البرلمان البريطاني عن شكوك عميقة نابعة من غزو العراق عام 2003. وبعد ضغوط من المشرعين وعدت الحكومة البريطانية - وهي لاعب رئيسي في أي هجوم جوي على سوريا - البرلمان بإجراء تصويت حاسم بعد أن يسلم محققو الأمم المتحدة تقريرا بالنتائج التي توصلوا إليها.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام البرلمان ان "مسؤولية" النظام السوري عن الهجوم "غير مؤكدة مئة في المئة" لكنه خاطب النواب قائلا: "عليكم اتخاذ قرار والرد على جريمة حرب" عبر الموافقة على مذكرة حكومية تجيز مبدأ التدخل العسكري في سوريا. وكان متحدث باسم رئاسة الحكومة البريطانية اعلن ان لندن "يمكن ان تشن" ضربات محددة الاهداف حتى من دون موافقة مجلس الأمن الدولي.
وعلى صعيد التحضيرات، اكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية ان الولايات المتحدة سترسل مدمرة الى قرابة السواحل السورية، ما يرفع عدد سفنها الحربية في شرق المتوسط الى خمس.
وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما صرح في مقابلة الأربعاء بأنه لم يتخذ بعد قرارا بضرب سوريا، مؤكدا ان واشنطن "استخلصت بشكل قاطع" ان النظام السوري يتحمل مسؤولية الهجوم، وان الضربة المحتملة ستكون "تحذيرية".
وتواصلت الاتصالات الدبلوماسية فتحادث الرئيس الأميركي باراك اوباما مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل كما تحادث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع بان كي مون ووزيرة الخارجية الايطالية ايما بونينو. وقالت إيطاليا إنها لن تشارك في أي عملية عسكرية بدون تفويض من مجلس الأمن.
من جهتهم، يبدو حلفاء دمشق مصممين على عدم افساح المجال للدول الغربية للتحرك بشكل احادي ضد سوريا.
وقال المكتب الاعلامي للرئاسة الروسية ان الرئيس فلاديمير بوتين، اتفق والمستشارة الألمانية خلال اتصال هاتفي على "ضرورة ان يدرس مجلس الأمن الدولي تقرير المفتشين" حول الأسلحة الكيميائية.
واتى ذلك بعد ساعات من اعلان مصدر عسكري روسي ان بلاده تعتزم ارسال سفينة مضادة للغواصات وقاذفة صواريخ "خلال الأيام المقبلة" الى المتوسط، بسبب "الوضع الذي يزداد تعقيدا في شرق المتوسط".
وحذر قائد اركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال حسن فيروز ابادي من ان "النيران" ستطال اسرائيل في حال استهداف سوريا عسكريا.
الا ان الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس اكد ان بلاده "لم تتورط وليست متورطة" في النزاع السوري، ولكن "ان حاول احدهم الحاق الأذى بنا فاننا سنرد بكل قوتنا".
وفي المواقف الدولية والعربية، اعلن الفاتيكان ان البابا فرنسيس وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني يريان ان "التفاوض والحوار" هو "الخيار الوحيد" للخروج من الأزمة السورية فيما اعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر ان بلاده لن تشارك في عمل عسكري محتمل ضد سوريا.
واكدت الحكومة المصرية معارضتها "بقوة" توجيه ضربة عسكرية الى سوريا، في حين دعت الكويت الى عمل دولي "رادع" ضد الأسد.
واعتبر رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا ان الضربة العسكرية المحتملة ضد نظام الأسد، "ستغير موازين القوى على الأرض"، وان النظام "سيلفظ انفاسه الأخيرة".
وقال الجربا في حديث الى قناة "المؤسسة اللبنانية للارسال" ان "هذه العملية ستغير ميزان القوى على الأرض (...) هذه العملية ستعيد ميزان القوى الذي طالبت فيه من أول يوم"، في اشارة الى تاريخ انتخابه رئيسا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في تموز الماضي.
واضاف "نحن في هذه اللحظة، الجيش الحر (الذي يشكل مظلة لغالبية مقاتلي المعارضة) مستعد لانهاء المعركة مع النظام". ودعا الجربا في الحديث الذي اجري معه من باريس الجيش السوري النظامي الى "الانفصال عن هذا النظام المجرم الفاسد (لأنه) خلال هذه الفترة سيلفظ النظام أنفاسه الأخيرة".
وأكد السفير الأميركي لدى إسرائيل في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية أمس أن الولايات المتحدة ستوجه ضربة عسكرية لسوريا لا محالة. وقال دان شبيرو إنه على ضوء المناظر والصور التي بثت من سوريا واستخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد النساء والأطفال، فإن الولايات المتحدة تعتبر ذلك أمرا جديا وبالتالي فإنه سيكون هناك رد أميركي في الوقت المناسب.
وتزاحم آلاف الإسرائيليين أمس ولليوم الثاني على التوالي أمام محطة توزيع الكمامات الواقية من الغازات في مدينة حيفا التي شهدت شجارات كثيرة ومحاولات لاقتحام محطة التوزيع، فيما لم ينجح المعاقون وأصحاب الاحتياجات الخاصة الذين وصلوا المحطة من تجاوز أبواب المراحيض حيث حجزوا هناك دون مساعدة وفقا لموقع "واللا" العبري الذي رصد مشاكل توزيع الكمامات و"فوبيا" الكيماوي التي أصابت الإسرائيليين جميعا مع تصاعد التهديدات الغربية ضد سوريا.
وأضاف الموقع أن الكثيرين عادوا وسيعودون "بخفي حنين" دون أن يتمكنوا من استلام كمامات، مقتبسا آراء عدد من الاسرائيليين الذي وجهوا انتقادات حادة لقيادة "الجبهة الداخلية".