لمنْ نذرتَ الشمسَ ذاتَ قيدٍ ...
لمنْ ... أهديتَ معصيتَكَ الأخيرة؟
على جفونِ المطارحِ
نثرتَ لليمامِ قمحاً ... وقبلاً
واعدتَ الأطلالَ بغيمةِ بلابل
لم تسلْ عن الغدِ لمنْ ...
ولا ارتضيتَ بأن تُلجمَ الفرس .
دُلني عليك الآن
أما زلتَ طريدَ طعنةِ الوغى
وقمصانُ لياليكَ ...
هل تقشَّرتْ عنها نقوشُ الكرابيج البلدية؟
دلني عليك الآن
نعم... الآن
حيث الإنتظارُ خيمتُكَ في شتاءِ الوجع
وجبينُكَ ملتصقٌ بأرق الآثام الحميمة
ودمُكَ الكهلُ... يُجدِّلُ مرثاةً لأنثى تليقُ بعاشق .
كفكَ لم تزلْ سمراء
في باطنِها شحمُ البندقيَّةِ ومرارةُ التبغ
على ظهرِها جراحٌ تتالتْ فوقَ جراح.
قدمُك ... ما نسيتْ طعمَ الشوكِ
كلُّ أغنياتِ البراري خطاكَ
كم ساهرتَ في العتمِ الشظايا...
ذاتَ غابةٍ انحنتْ أمامَ قامتِك
حكتْ للنواطيرِ السود
أنَّ العصافيرَ تشربُ من نقوشِ تركتْها قدماكَ
وأنَّكَ رسمتَ على جذعِ سنديانةٍ وجهَ عروسٍ خائفة
وعن بيتينِ من قصيدةٍ نزفتَها على صخرة...
ويحُ الصخرة ... لم تنهضْ بعدُ من الترابِ ...
لم تعرِّش كالطودِ المقدَّس .
وأنتَ طريدُ نعاسِك الأخير
سُبحةُ العمرِ أنت ...
تسقطُ كالآهةِ الدهماءِ
وبقايا ومْضِ عينيكَ تتكسَّرُ مواويلُها.
ولأنَّكَ صنوُ الشموخ في مهجةِ الثلج
طريٌّ على قواطعِ النسيانِ وجهُك
تذوي كقناديل الجنوبِ الخائفة
كالزاهدين في حقولِ الخواء تبتعد
كأنَّ لمثواكَ دروبٌ ... لا تملُّ المسير
كنْ مطمئناً صديقي
فالدخانُ لن يفارقَ قبراً يشبهُك .
من أنتَ الآن صديقي؟
واحدُ من الظلال التي لبستْها دهراً
أم حارسٌ لجلالةِ الليل المتدلي من عنق القلق
من أنتَ الآن ؟
واحدٌ من المُغرمينَ بالتخفي وراءَ حواسِّ الظبا
أم طريدٌ يسألُ القمرَ عن شاعريَّةِ الجليد؟
من أنتَ الآن؟
فاسمُكَ لم نرهُ منقوشاً على ذهبِ المدائح
لم نرَ اسمَكَ على فضَّتها
لم يتردّدْ صداهُ في أثيرِ المتاحفِ المستحدثة
وأنت ... لم تزلْ أنت
الحاضرُ بأزقةِ الصمت
كالمعتّقِ في براري الهباء .
حيَّرتَنا أيُّها الشقي
كم ابتسامةٍ سرقَتِ المنايا من يمامِك
كم تفاحةٍ سرقتْ من كرمِ إلهامك ؟
لا تكتمِ السرَّ على غيابك ...
أخبرهُ صديقي :
عن العَبَراتِ التي غازَلتْ ضلعَكَ المكسور
وعن ثقوبٍ عرَّشتْ في صدرك
كغربالِ جدَّتكَ الأولى راحتاك .
لا نعلمُ كم إصبعاً خبَاتَ في كفِّك
ولا لونَ حبركَ المفضَّل
لكنَّ صمتَكَ أبعدُ غياباً من نكهةِ البكاء
يُداهمُكَ الوقت صديقي
فاكتبْ بما بقي لديكَ من أصابعَ ...
أكتب الآن ... الآن
آخرَ قصائِدِ الفقراء
اكتبها ... فقد أجَدنا قراءةَ صمتِكَ ... قصائدَ .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها