من اهم الثوابت والانجازات ومحفزات العمل الفلسطيني منذ انشاء منظمة التحرير الفلسطينية وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقيام السلطة الوطنية هو اعتبار الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 في قطاع غزة والضفة والقدس اراضي فلسطينية محتلة، صحيح انها احتلت وهي تحت الادارتين الاردنية والمصرية، ولكنها في الاصل وفي الاساس أراض فلسطينية، وان كل المفاوضات التي جرت مع اسرائيل ابتداء من مؤتمر مدريد، ثم اتفاق اعلان المبادئ "أوسلو" في عام 1993، الى آخر مفاوضات توقفت في نهاية شهر آذار2014 وقيام حكومة التوافق كان الهدف الفلسطيني من ورائها، اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على هذه الارض ضمن وحدتها الجغرافية والسيادية، وانهاء الاحتلال الاسرائيلي عنها، وتوسيع رقعة العلاقات الدولية بما فيها الدول الكبرى، وتنفيذ كل الالتزامات الأمنية والقانونية المترتبة على ذلك، واقامة علاقات سليمة وطيدة بناء على ذلك.

والمفروض ان حكومة نتنياهو الرابعة جاءت في هذا السياق، والمفروض ان الحكومات العربية رهنت سلامها مع اسرائيل وعلاقتها مع أميركا على هذا الاساس، غير ان الثوابت العدوانية الضيقة في الفكر الصهيوني كانت على الدوام ترفض هذا التصور وتسعى الى تقويضه وان كانت في ذلك تراعي بين وقت واخر المزاج الدولي، فمرة تجعل ثوابتها الصهيونية اقل ضجيجا ومرة اخرى تجعل من ثوابتها الصهيونية هي عنوان التوحش والعنف المبالغ فيه والعنصرية كما يحدث في هذه الايام.

والسبب ان اسرائيل لدواع كثيرة نجحت في حشد أميركا لصالحها، وأميركا تعني الدعم غير المحدود وتعني اجهاض اي عمل سياسي لا توافق عليه اسرائيل كما يحدث الان مع المبادرة الفرنسية التي تواجه رفضا اسرائيلياً مطلقا وفتورا أميركيا واضحا، وضعف عربي واسلامي، وهكذا وجدت اسرائيل نفسها امام اغراءات واقع جديد، انحياز أميركي يكفل لها عدم دخول قوى كبيرة على الخط، وضعف عربي واسلامي يصل الى حد التفتت والغياب، وجشع اسرائيلي يصل الى حد المطالبة بضم ثلثي الضفة اي المناطق المصنفة (ج) واقصاء قطاع غزة عن مساره الفلسطيني بموافقة حماس واظهار هذا الضعف بقوانين تسعى اليها الحكومة الاسرائيلية وهي تعلم انه لو لم يوافق الكنيست فانه الاستيطان المنفلت بلا حدود يريد ان يثبت ذلك كأمر واقع، وهذاهو جوهر المعركة القادمة فكيف نوظف كل ما لدينا فلسطينيا لادارة المعركة، وهذا هو السؤال الكبير.