قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "لقد آن الأوان كي يتحرك المجتمع الدولي، بما يتجاوز الإدانة والاستنكار والتنديد، لاتخاذ إجراءات فاعلة لحماية شعبنا وإغاثة غزة، وإعادة وحدة أرضنا الجغرافية والسياسية، وإلزام إسرائيل برفع الحصار الظالم عن قطاع غزة. هذا هو المدخل الأساس الذي به نعيد المصداقية لعملية سياسية جادة ومتوازنة، ترتقي إلى طموحات وتضحيات شعبنا، وتنهي الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا، وتكرس السيادة الوطنية على كامل الأراضي المحتلة منذ عام 1967، في كنف دولة فلسطين المستقلة، والقدس عاصمتها، وغزة والأغوار قلبها النابض بالأمل والحياة".
جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر المانحين حول عملية إعادة اعمار قطاع غزة، اليوم الأربعاء في مكتبه برام الله، بحضور عدد من الوزراء وممثلي الدول والمؤسسات الدولية الشريكة.
وأضاف الحمد الله: "نجتمع اليوم في هذا المؤتمر الذي يعد أول مراجعة شاملة لنتائج عملية إعمار غزة، لندعو الدول الشقيقة والصديقة للوفاء بالتزاماتها تجاه شعبنا، فليس من المعقول أن يقف عجز التمويل أو ضعفه حائلا دون النهوض بغزة وانتشال أهلها من المعاناة والألم والتشرد".
واستطرد رئيس الوزراء: "لقد عاش أبناء شعبنا في قطاع غزة ويلات ثلاثة حروب في غضون ستة أعوام، ولا يزالوا يرزحون، منذ حوالي عشر سنوات، تحت حصار ظالم وخانق، مما خلف أهوالا ومآسي كبيرة، وترك غزة فريسة للمرض والفقر والبطالة، إذ سويت أحياء بكاملها بالأرض وبات الآلاف من المواطنين بلا مأوى، يفترشون الأرض ويعيشون بين ركام وبقايا منازلهم، بل ويعتاشون على المساعدات. إذ أشار تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن خمسة وسبعين ألف فلسطيني من الذين شردهم العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ما زالوا بلا مأوى".
وأشار الحمد الله إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة قبل عامين، حوالي 2145 شهيدا، وجرح أكثر من عشرة آلاف فلسطيني، غالبيتهم من الاطفال والنساء والمسنين، سيعيشون بأطراف مبتورة أو إعاقات دائمة. ونزح مئات الألوف الى مدارس الاونروا، وغيرها من المواقع المحمية دوليا، التي أصبحت هي الأخرى هدفا مباشرا للقصف العشوائي الإسرائيلي، ووصل عدد المنازل المدمرة والمتضررة إلى ما يزيد عن مئة وسبعين ألف منزل، بالإضافة إلى الضرر الواسع الذي لحق بمنشآت القطاع الخاص والقطاعات الحيوية والمرافق العامة، بما في ذلك محطة الكهرباء الوحيدة في غزة".
واردف رئيس الوزراء قائلا: "إن العدوان السافر على قطاع غزة، وإستمرار إسرائيل في حصارها الظالم له، إنما يشكل إمتدادا للإرهاب الإسرائيلي المتواصل منذ ثمانية وستين عاما من الإحتلال الذي يحاصر شعبنا بالقتل والتدمير والتشريد، وبمحاولات طمس وإلغاء هويته الوطنية، حيث لم تخضع اسرائيل، خلال هذه العقود المتصلة من الزمن، لأية مساءلة أو عقاب، وهو ما شجعها على التمادي بارتكاب جرائمها والإستمرار في انتهاك القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان".
وقال رئيس الوزراء: "شكل مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة في حينه بارقة الأمل، والذي من خلاله، مولت الكثير من دول العالم، مشاريع إعادة الحياة والبناء إلى غزة المكلومة، فعندما نتحدث عن جهود الإعمار، فنحن نتحدث بالتأكيد عن إعادة الأمل والحياة إلى قطاع غزة وتعزيز ثقة أبنائنا وبناتنا بالمستقبل، وإنتشالهم من الإحباط والبؤس وانعدام الأمل".
وتابع الحمد الله: "إزاء المعاناة الإنسانية التي تعيشها غزة، سارعنا العمل وراكمنا الكثير من الخطوات لتكون حكومة الوفاق الوطني متواجدة بل وفاعلة في القطاع، لمواجهة الكارثة غير المسبوقة بشقيها الإنساني والسياسي، وللإضطلاع بمسؤولياتنا المباشرة في تقديم الخدمات الأساسية والطارئة وتأمين المتطلبات اليومية لاستمرار صمود شعبنا فيه، والتعامل مع نتائج العدوان. إذ يصل دعم الحكومة وتحويلاتها لقطاع غزة، ضمن موازنة العام الحالي، إلى حوالي 45 % من المصاريف التشغيلية".
واوضح رئيس الوزراء: "لقد تحدت حكومة الوفاق الوطني الصعاب، وعملت في ظل أعتى الظروف، لإعادة الوحدة للأرض والعمل المؤسسي، فعمدت إلى تطويع وإعادة صياغة تدخلاتها في قطاع غزة، حيث تم إزالة غالبية الركام الذي كانت أحياء واسعة من القطاع ترزح تحته، وتمكنا من إصلاح أكثر من مئة ألف وحدة سكنية من الوحدات المتضررة جزئيا، وتم تعويض عدد كبير من المنشآت الاقتصادية المتضررة. كما تركزت المشاريع على إصلاح وإعادة تأهيل معظم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية، وبالمستشفيات والمدارس المدمرة، هذا بالإضافة إلى ترميم وإصلاح شبكات وخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي. لقد كان لجهود إعادة الإعمار تأثيرا مباشرا ليس فقط على النهوض بغزة من تحت الركام والموت والتدمير، بل كان لها عظيم الأثر أيضا في خلق أكثر من خمسة وعشرين ألف وظيفة جديدة، حيث أشار الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إلى أن معدلات البطالة في قطاع غزة انخفضت في الربع الرابع من العام الماضي إلى 38.4%، مقارنة ب41.6% خلال الربع الأول منه".
وشدد الحمد الله على أنه رغم كل هذه المشاريع والبرامج إلا أن التقدم في العمل لم يكتمل بعد، فبالإضافة إلى القيود والشروط التي تضعها إسرائيل لإدخال مواد البناء وتنفيذ المشاريع، شهد العام الماضي تباطؤا في عملية التمويل وفي إيفاء المانحين بتعهداتهم المعلنة، إذ وصلنا فقط، وحتى اليوم، حوالي ثلث التعهدات الإجمالية المخصصة لغزة، مما تسبب في تعطيل وتأخير جملة من التدخلات التي كان من المزمع تنفيذها".
واشار رئيس الوزراء إلى أن احتياجات قطاع غزة لا تقف عند حدود إعادة الإعمار، بل تتطلب شراكة حقيقة مع دول العالم لرفع الظلم عنه وتلبية احتياجاته الإنسانية المضطردة وتنفيذ المزيد من المشاريع التنموية والحيوية فيه. فإعادة تأهيل المدارس التي دمرها العدوان وإصلاح البنية التحتية للتعليم، على سبيل المثال، لا ينفي حاجة غزة إلى حوالي 169 مدرسة جديدة لتواكب الزيادة الطبيعية للسكان فيها، كما أن التصدي للوضع المائي المتدهور الذي تواجهه غزة، حيث يصل تلوث المياه فيها إلى 97%، إنما يتطلب توفير الدعم والتمويل لإقامة مشروع محطة التحلية المركزية، كي نتمكن من البدء بتشغيله قبل حلول عام 2020".
وقال الحمد الله: "إننا وإذ ندعوكم للوفاء بإلتزاماتكم والمساهمة الفاعلة في إنقاذ غزة، فإننا ندعوكم أيضا إلى إعادة النظر بل وتطوير آلية إعادة الإعمار التي تلبي فقط الحد الأدنى من احتياجات القطاع الإنسانية، ولا تمكننا من تنفيذ المشاريع الإستراتيجية الكبرى أو مواصلة تقديم الخدمات الأساسية والتصدي للحاجات المتزايدة في قطاعي الصحة والتعليم، واستنهاض القطاعات الحيوية فيه، خاصة قطاع الزراعة والصناعة".
واضاف رئيس الوزراء: "أشكر كل الدول الصديقة والشقيقة، والمؤسسات الدولية الشريكة التي سارعت للوقوف معنا وساهمت في تقديم المساعدات الإغاثية والإيوائية الطارئة وإغاثة غزة، وأشكركم اليوم نيابة عن سيادة الرئيس والحكومة والشعب الفلسطيني على حضوركم وحسن استماعكم، واهتمامكم بتطوير وإستكمال هذا الجهد الإنساني المسؤول
واختتم الحمد الله: "أجدد تأكيدي على أننا لن نقبل بفصل غزة أو عزلها، ولن تكون دولتنا المستقلة إلا وقطاع غزة في قلبها، وسنستمر في حشد أكبر تأييد وإلتفاف دولي لضرورة كسر الحصار عنها، وتمكين شعبها من العيش بحرية وكرامة كباقي شعوب الأرض. وكلي ثقة بأن هذا المؤتمر سيقربنا من تحقيق هذا الهدف"
إلى ذلك التقى رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله قبيل المؤتمر مدير العمليات في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والعربية مروان الغانم، بحضور المستشار الهندسي للصندوق د. محمد إبراهيم الصادقي، ومستشار رئيس الوزراء للصناديق العربية والإسلامية د. جواد الناجي، حيث بحث معه أخر التطورات بخصوص المنحة الكويتية لإعادة الاعمار
وثمن الحمد الله بدء الكويت بتحويل الدفعة الأولى لقطاع الإسكان في غزة لصالح بناء 1200 بيت مهدم كليا، مشيدا بالدعم الكويتي لصمود أبناء شعبنا لا سيما في قطاع غزة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها