لا زالت خلية أزمة الأونروا المنبثقة عن القيادة السياسية للفصائل والقوى الإسلامية والفلسطينية تواصل احتجاجاتها ضد قرارات الأونروا والتي شارفت على دخولها الشهر الرابع، والالتفاف اللبناني الرسمي والشعبي بدأ يتفاعل مع هذه المطالب. بالمقابل قيادة هذه الوكالة ما زالت مصرة على مواقفها المعادية لمصالح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

قبيل صلاة الجمعة 1/4/2016 اعتصم طلاب لبنانيون وفلسطينيون أمام مقر مكتب لبنان الإقليمي في بئر حسن إلى جانب أعضاء خلية أزمة الأونروا، حيث ألقيت الكلمات إضافة إلى المذكرة.

بدايةً تلا محمد ديب مذكرة مقدمة من القطاع الطلابي الفلسطيني اللبناني إلى المدير العام للأونروا ماثياس شمالي جاء فيها:

 

المدير العام لوكالة الأونروا

السيد ماثياس شمالي المحترم

تحية وبعد

إننا في القطاع الطلابي الفلسطيني واللبناني المشترك نقف اليوم هنا في هذا الاعتصام الاحتجاجي السلمي أمام المقر الرئيس لوكالة الاونروا في العاصمة اللبنانية بيروت، لنؤكد لحضرتكم التالي:

أولاً- نرفض رفضاً قاطعاً كل القرارات والإجراءات التي اتخذتها في عهدك، والتي مست بشكل مباشر المتطلبات والاحتياجات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في كافة المجالات وأبرزها: خطة الطوارئ لأهلنا أبناء مخيم نهر البارد، قيمة الإيواء لإخوتنا النازحين من مخيمات سوريا، مجال التربية والتعليم، خطة الاستشفاء والتي بدأتم بتنفيذها مطلع العام 2016، والتي أجبرتم من خلالها المرضى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على دفع قسط من فاتورة الاستشفاء في المستشفيات التي تتعاقد معها وكالة الاونروا، وبنسبة تتراوح بين 5% و 40% وأكثر والتي في معظم الحالات تصل قيمتها النقدية إلى آلاف الدولارات، في الوقت الذي يعيش ما نسبته 66.4% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تحت خط الفقر، أي أنهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية، و56% منهم عاطلون عن العمل، وفق المسح الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان الذي قامت به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت في صيف 2010.

ثانياً- إننا في القطاع الطلابي الفلسطيني في لبنان نؤكد بأن المعالجة الحقيقية لهذه الأزمة  تتمثل بالتراجع عن قراراتكم وإجراءاتكم والتوجه إلى مرجعيتكم في الإدارة العليا لوكالة الأونروا لمطالبتها بالبحث عن مخارج أخرى لحل مشكلة العجز المالي الذي تدّعونه، والتي تضّيق على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سبل العيش والحياة أكثر ما هي عليه، خاصة وأنَّ ما تقدمه وكالة الأونروا لهم من مساعدات في مختلف مجالاتها لا يشكل الحد الأدنى للحياة والعيش الكريم، فضلاً عن أنها لا تنسجم مع المعايير الإنسانية الدولية، وعلى الرغم من ذلك فقد كان اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، إلى حد ما يتعايشون مع هذا الواقع مرغمين وأما أن تضيفوا مزيداً من الأعباء الاقتصادية على معيشتهم فهذا من الصعب القبول به بأي شكل من الأشكال.

ثالثاً- نرفض ادعاءاتكم التي أطلقتموها على فضائية القدس والتي أسأتم بها لمكانة ومرجعية الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ونؤكد نحن في القطاع الطلابي الفلسطيني بأننا تحت مظلة وقيادة كافة الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان وفي مقدمهم خلية الأزمة، ونحن ملتزمون بكافة قراراتهم وتوجهاتهم وسياستهم المرسومة خاصة تلك المتعلقة بمواجهة سياستكم وقراراتكم الظالمة.

رابعاً- نستنكر سياسة المراوغة والتضليل والالتفاف ومحاولة زرع الفتنة للتهرب من الاستجابة للمطالب المحقة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ونرفض محاولاتكم التظاهر بأنكم الأحرص على مصلحة اللاجئين في الوقت الذي تدوسون به على كرامتهم وتنتهكون حياتهم وإنسانيتهم.

خامساً- إن موافقة القيادة السياسية الفلسطينية في لبنان على الحوار معكم تكون قد تجاوزت رغبتنا بعدم الالتقاء أو الحديث معكم قبل أن تتراجعوا عن كل ما أقدمتم عليه من تقليص  للخدمات والمساعدات وعلى الرغم من ذلك فأننا أبدينا انضباطنا والتزامنا بما تقرره وما تراه مناسباً، ولدينا ملء الثقة بإخلاصها وحرصها على مصالح اللاجئين الفلسطينيين، وننصحك بعدم هدر الوقت في البحث عن بدائل في الوسط الفلسطيني لتمرير قراراتك وإجراءاتك التعسفية لأنك ببسيط العبارة لن تجدهم بيننا.

سادساً- نود أن نوضح لحضرتكم بأنَّ الحوار معكم الذي قبلت به الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان لن يرضينا ما لم يستند إلى عدم إضافة أي أعباء على المرضى اللاجئين الفلسطينيين في مجال الاستشفاء ودون استرجاع حق أهلنا في مخيم نهر البارد في خطة الطوارئ وحق إخوتنا النازحين من مخيمات سوريا بمبلغ الإيواء الذي أوقفتموه عنهم كحد أدنى.

وفي الختام ننصحك بأن تختم عملك هنا في لبنان كمدير عام لوكالة الأونروا، وأن تترك الرضى عنك في وجدان اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون آلام النكبة واللجوء والتهجير والنزوح ويتجرعون مرارة البعد عن الوطن والعيش في المنافي، وأن تحمل بين ضلوعك شيئاً من راحة الضمير يوقفك إلى جانبهم ومساعدتهم لتخطي مصاعب الحياة وقساوتها.

ثم ألقى الأخ أحمد إسكندر كلمة تجمُّع المنظمات الشبابية والطلابية الفلسطينية" شبابنا" في لبنان، ومما جاء في كلمته:

إنّ المؤسسة الأُممية التي أَنشأت وكالة الأونروا في شهر كانون الأول عام 1949، هي نفسُها التي اعترفت بشرعيّةِ وجود دولةِ الاحتلال الإسرائيلي من خلالِ قرارِ الجمعيةِ العامة للأمم المتحدة رقم 181 لتاريخ 29/11/1947، وتسبّبت بتهجير 935 ألف فلسطيني عام 48 تحوّلوا إلى أكثرِ من ثمانية ملايين لاجئ مُشتّتين في مناطقِ عمليات الأونروا ومختلف دول العالم.

لم يكنْ هدف تأسيس وكالةِ الأونروا، إلا لتوطينِ اللاجئ الفلسطيني في مناطق عملياتِها لا سِيّما في مصر وسوريا والأردن ولبنان، بعد أنْ تَمّ توقيع اتفاقيات الهدنة مع تلك الدول وبضغطٍ دوليٍّ بين شَهْرَي شباط وتموز من العام 1949، وكان من المُقَرَّرِ أنْ ينتهي عمل الوكالة بعد سنة واحدة فقط من تأسيسِها لتحقيقِ الهدفِ الذي تأسّست لأجلِه، إلاّ أنّ شعبَنا الفلسطيني فَهِمَ حقيقةَ المؤامرةِ الدوليةِ عليه، واستطاع بِوَعْيِهِ وتَمَسُّكِهِ بأرضهِ أنْ يُجْبِرَ الأمم المتحدة على التجديد للأونروا كل ثلاث سنوات، وآخرُ تجديدٍ في الوقت الحالي سيكون في شهر حزيران 2017، ليحوّلَها من نقمةٍ إلى نعمة ومن محنةٍ إلى منحة.

مارسَتْ الأمم المتحدة مع الفلسطينيين سياسةَ المعايير المزدوجة والكَيْلِ بمكيالَيْن، إذ أنها وبعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت في العام 1945، عكفتْ 51 دولة لإعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلنت عنه في 10/12/1948، في الوقت الذي كان فيه الاحتلال البريطاني لا يزالُ جاثماً على أرضِ فلسطين، لا بل يُسهِّل للعصابات الصهيونية ارتكابَ المجازرِ وإدخالَ السلاح ومصادرةِ الأراضي وتهجير الفلسطينيين، إلى أنْ تَمّ تسليم فلسطين كاملةً للعصابات الصهيونية في أيار من العام 1948، أمام سَمَعِ وبَصَرِ الأمم المتحدة التي لم تحركْ ساكناً، لذلك فإنّ الأمم المتحدة تتحملُ مسؤوليةً مباشرة عن مشكلةِ اللاجئين الفلسطينيين، وهي ملتزمة بتقديم كافة الخدمات للاجئين وبنسبة كاملة من خلال الأونروا، سواء الصحية والتربوية والإغاثة وغيرها من الخدمات، فليست مسؤولية اللاجئين البحث عن ميزانيات لصندوق الوكالة، إذ هذه مهمة الأمم المتحدة وعليها أن تتحملَ مسؤولياتِها، ولدينا قناعةً تامّة بأنّ الدول المانحة لديها من الأموال ما يكفي، وغيرُ صحيحٍ بأنّ أولويات الدعم قد تغيرت، ولكن بعد أنْ تحولت وكالة الأونروا إلى عنصرِ قلقٍ وإزعاجٍ خاصةً لدولة الاحتلال والإدارة الأمريكية، وأصبحَ لديها ارتباطٌ عضوي ومباشر بقضية اللاجئين وحق العودة، حينها بات يُرادُ إنهاءَ خدماتِها وشطبِها بأيِّ شكلٍ من الأشكال، وبالتالي تلك مُقدِّمة ليس فقط لشطبِ حقِّ العودة وإنما أيضا لإنهاء القضية الفلسطينية وِفْق الرُّؤية الصهيونية..

 فعندما نعبِّرُ باحتجاجاتِنا السّلميّةِ والحضاريةِ المطالِبة بتراجُعِ الأونروا عن تقليصِ خدماتِها، إنما بذلك نؤكدُ على أنّ خلافَنا ليس على الأونروا وإنما مع الأونروا، نريدُ حمايةَ الوكالةِ والحفاظَ عليها وعدم السماح لأيِّ أحدٍ المساسَ بها، فهي الشاهدُ على الجريمة التي اقْتَرَفَتْها ليس فقط العصابات الصهيونية، بل على الجريمةِ التي ارتكبَتْها الأمم المتحدة بحق الفلسطينيين. لذلك نرفضُ تحويل خدمات الأونروا إلى أيٍّ من المنظمات الدولية لا سيما المفوضيةِ العليا لشؤون اللاجئين التي لها مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه اللاجئين عموماً، بيد أنّ المسؤولية السياسية للاجئين الفلسطينيين تترتّب على وكالة الأونروا خصوصاً.

احتجاجاتنا السلمية والحضارية مستمرة، ولن تتوقفْ حتى تتراجع الوكالةُ عن قراراتِها الظالمة، سواء فيما يتعلق بتوفير كافة الخدمات كاملة، أو احتياجاتِ أهلِنا المُهجرين من سوريا إلى لبنان، أو إعادةِ برنامج الطوارئ إلى مخيم نهر البارد وإعادة الإعمار، وإذا أرادَ المجتمع الدولي بالفعل أنْ يُنهي الأونروا فليُنهها، لكن بعد أن نعودَ إلى ديارِنا في فلسطين ويزول الإحتلالُ عنها.

بعدها ألقى الأخ محمد عيسى كلمة قطاع الشباب والرياضة في حركة أمل، قال فيها: إن ما يتعرض له الفلسطينيون اليوم ما هو إلا محاولة واضحة من الصهيونية ومن يرعاها لتضيق الخناق عليهم من خلال تخفيف المساعدات التي تقدم لهم من الأونروا. إنَّ ذلك يستهدف في الظاهر ضرب كرامة العيش لهذا الشعب المقاوم من خلال تخفيف خدمات الطبابة وخدمات الاستشفاء والتعليم وغيره ما يعني القضاء على الأمن الاجتماعي للشعب الفلسطيني وذلك يؤدي إلى ضرب الحياة الإنسانية والاجتماعية وتزايد حالات الفقر والتشرد وما شابه.

والأخطر من ذلك ما هو مضمر من وراء تقليص المساعدات المقدمة من الأونروا تمهيداً لإنهائها وهذا ما كان يسعى إليه دائماً الكيان الإسرائيلي، باعتبار أنَّ هذه المنظمة هي الوحيدة التي تهتم بشؤون اللاجئين من خارج المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، وتحتفظ الأونروا بخصوصية منفردة هي حق العودة ورسم إطار خاص للفلسطينيين اللاجئين عن باقي اللاجئين في العالم والداعم والحافظ لهذه القضية، حيث أنَّ الأونروا قامت على أساس القرار 194 وهو النص القانوني الأبرز الذي يحفظ حق العودة. وهذا الواقع يضع العالم العربي والإسلامي أمام مسؤوليات كبرى لحفظ الشعب الفلسطيني وقضيته وحق العودة وهذا يتطلب الضغوط على المحافل الدولية ولاسيما على الأمم المتحدة للتراجع عن قرار الأونروا بتقليص المساعدات للفلسطينيين.

كما ندعو كل حر وشريف ومقاوم، تعيش فلسطين في وجدانه وعقله وقلبه، أن يتناهى بموقف دولة الرئيس نبيه بري الداعم والحافظ لهذه القضية حيث دق جرس الإنذار في المحافل الدولية وآخرها في بروكسل وحذر من تقليص خدمات الأونروا لما يستتبع ذلك من مخاطر إنسانية ولارتباط قضية الأونروا بعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه.

كما لا بد أن نستذكر في هذه الوقفة كلمة الإمام السيد موسى الصدر حينما قال "يتحتم علينا أن نقف الوقفة التاريخية بكل جهودنا وإمكاناتنا حفاظاً على شرفنا ومستقبل بلادنا وأجيالنا وأن نشعر بجسامة الخطر في الحال ومعرفة القوى ونقاط الضعف وتقدير قوة العدو تقديراً  منا بأن الكيان الإسرائيلي هو ثكنة الصهيونية وحلفائها في العالم، وان نوحد صفنا حكومات وأحزاب ومنظمات وفئات ومذاهب، وأن نعيد الثقة إلى أنفسنا، فنشعر بأصالتنا وذاتيتنا عندها نتحرر من الاستعمار.

من هذا المنطلق نؤكد كشباب حركة أمل أن نبقى إلى جانب إخواننا الفلسطينيين يدنا بيدهم حتى تحقيق النصر، وتحرير القدس لنصلي على تلك الأرض المباركة، بعد تطهيرها من دنس الاحتلال.