لم يتبقى لفترة ولاية الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك اوباما سوى بضعة اشهر، ورغم ذلك أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي يوجود خطة لإستئناف المفاوضات، مع امكانية دراسة استصدار قرار من مجلس الأمن للدفع بهذا الإتجاه.
الغريب ان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يتطرق إلى هذه الخطة إن صحت خلال زيارته الأخيرة لتل ابيب ورام الله، الأمر الذي دفع الباحث في مؤسسة فريديريتش ناومان الالمانية بالقدس الدكتور سليمان أبو دية إلى القول إنه لا يعلق آمالا كثيرة على مثل هذه المبادرة الأمريكية إن صحت، وخاصة أن أوباما غير قادر خلال ما تبقى من ولايته أن يفعل شيئاً وأن يتجاوز العقبات المتمثلة بوقف الاستيطان والممارسات الإسرائيلية في الضفة والقدس.
ويرى أبو دية في حديث لبرنامج "ستون دقيقة في السياسة" على اثير "رايــة" مع الزميل أدهم مناصرة، أنه لا يوجد أفق في المستقبل القريب لتحريك العملية السلمية في ظل الحكومة اليمينية الإسرائيلية التى ترى في الإستيطان وممارساتها في الضفة والقدس عوامل بقائها واستمرارها في الحكم.
وعن السبب الذي يمنع الإدارة الأمريكية الحالية ان تقدم أسساً للمقترحات والحلول للملف الفلسطيني الإسرائيلي لأي إدارة قادمة، قال الباحث ابو دية إن وجود لوبي معين في الواقع السياسي الأمريكي وفي الكونغريس يحول دون أن تضع أي ادارة أمريكية تشارف على مغادرة البيت الأبيض لحلول وسطية للقضية الفلسطينية، لتبني عليها الإدارة الجديدة بعد نجاحها بالإنتخابات الرئاسية.
كما واستبعد المطلع على السياسة الأوروبية والدولية الدكتور أبو دية اقدام القيادة الفلسطينية في المدى القريب أو المتوسط على وقف العمل بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي تطبيقاً لما تهدد به مؤخراً، وذلك "لأنه سيكون قراراً كارثياً على السلطة التي ستقطع اوروبا وبعض الدول العربية العلاقة بها إذا ما اقدمت على ذلك، ما يعني تأثيرات اقتصادية ومعيشية صعبة في الأراضي الفلسطينية، وهذا برأيي الأمر الذي يمنع السلطة من تطبيق قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، رغم تلويحها بذلك".
من ناحيته، اشترك المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد مع معظم التحليلات القائلة إن لا مبادرة امريكية جدية لتحريك المفاوضات وخاصة في هذا الوقت، مشيراً إلى أن تسريب صحيفة أمريكية عن خطة واشنطن لإستئناف المفاوضات بهدف قطع الطريق امام المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام، و مجرد مغازلة لليمين الإسرائيلي، من أجل كسب أصوات اليهود لصالح الحزب الديمقراطي في الإنتخابات الرئاسية القادمة.

وأضاف شديد لـ"رايــة" أنه لأول مرة يكون مصلحة اليمين الإسرائيلي دعم الديمقراطيين في الإنتخابات القادمة، لأنه لا مصلحة لنتنياهو أن يكون ترامب (الذي يمثل اقصى اليمين) الرئيس الأمريكي القادم، وخاصة بعد حديث ترامب عن أنه ليس بحاجة للأصوات اليهودية من اجل نجاحه، علاوة على أن مشروعه يُهمش كل ما هو غير أمريكي أبيض، ما يشكل خطراً حتى على اليهود.
وأوضح أنه لهذا السبب فإن نتنياهو يخشى وصول "ترامب" إلى سدة الرئاسة، وهو ما يفسر الغزل الضمني من رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو للإدارة الأمريكية الديمقراطية في الأسبوع الأخير عندما تحدث عن متانة العلاقة بين الطرفين رغم ما شابها من اختلاف بوجهات النظر في الفترات السابقة، ليقابله مغازلة من نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما انتقد من لم يندد بالهجمات على الإسرائيليين بالسلاح والسكاكين.
وبين المغازلة والمغازلة قال وزير الخارجية الفرنسية جان مارك إن حكومته لن تعترف بالدولة الفلسطينية بشكل تلقائي في حال فشلت المبادرة الفرنسية لتحريك المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية من بوابة عقد مؤتمر دولي للسلام، وهو الموقف الذي أحبط الأوساط القيادية الفلسطينية التي تُراهن على نجاح الجهد الفرنسي الذي لا يلقى دعماً اوروبياً ولا أمريكياً ولا روسياً.