(1)   رفح والكهرباء ... وفيديو الحية

خروج المواطنين في مدينة رفح، وفي مناطق اخرى من قطاع غزة، احتجاجا على الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي يمثل الاحتجاج الاجتماعي الاول والأكبر في اطار رفض سوء الخدمة المقدمة من الحكومة أو ادارة الحكم في غزة. وبغض النظر عن محاولة استخدام احراق الصور من الاطراف المختلفة. لكن هذه الاحتجاجات اثارت حفيظة رئيس كتلة حماس البرلمانية خليل الحية ما دفعة للحديث بالطريقة ذاتها لانظمة الحكم الشمولية والبائدة بالتقليل من مكانة الفصائل "المعارضة" وتسفيه المحتجين.

اشار رئيس كتلة حماس في مؤتمره او خطبته الى انه "رغم الاعتراض على ما اعترى الحكومة من تعديلات؛ عليها ان تتحمل مسؤولياتها وتضخ الوقود اللازم وان تقوم بواجباتها وان تقدم الالتزامات للاحتلال".  

في هزة واحدة وخوفا من الجماهير "الغزاوية" سلم الحية بشرعية الحكومة ومد سيطرتها على قطاع غزة قولا، لكن الادهى انه يطلباها بالتعاون والتنسيق مع العدو "الصهيوني" وتقديم الالتزامات له في مخالفة واضحة لمبادئه وتصريحاته. الاسوء في تصريحات الحية أنه ليس فقط التقليل من مكانة الفصائل الفلسطينية الرافضة للتعاون معه في تشكيل لجنةٍ لحكم غزة، خوفا من الانفصال، بل تسفيه المواطنين المحتجين المطالبين بأبسط حقوق الحياة الكريمة "الحق بالحصول على الكهرباء المدفوع ثمنه من جيوبهم". يبدو أن عضو المجلس التشريعي قد نسي مهمته في الدفاع عن المواطنين، وتساوق مع مفهوم "الخُرُج" للمال العام دون ان يولي اي اهتمام لمطالب الناس وحقوقهم.  

 

 (2) الاقصى والمرابطون

مع اشتداد الهجمة الاسرائيلية على المسجد الاقصى وساحاته بالاقتحام اليومي له من قبل المتطرفين اليهود بصحة وزراء ومسؤولين وبحماية شرطة الاحتلال وجنوده لتنفيذ سياسة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في السيطرة الاشمل على مدينة القدس، يبرز المرابطون في المسجد الاقصى المدافعون عن اهم البقاع المقدسة، كأبطال فلسطينيين "رجالا ونساءً"، يقامون سياسات الاحتلال باستمرار وجودهم في المسجد الأقصى في تحد لكل السياسات القمعية الاسرائيلية.

هؤلاء المرابطون بغض النظر عن الاختلافات الفكرية فيما بينهم، وكذلك بينهم وبين الاخرين، يحتاجون وهم بأمس الحاجة لدعم جدي من قبل جميع الفلسطينيين دون استثناء لتوفير ادوات الصمود للدفاع عن المسجد الاقصى، وإلا يغرق الفلسطينيون من جديد بتغليب التناقضات الثانوية على التناقض الرئيسي ما يُنبأ بفاجعة التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الاقصى على غرار الحرم الابراهيمي، ناهيك عن تكريس العجز الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.

(3) العلم والدستور وقصر الضيافة

ثلاثة قضايا أثيرت في نفس الوقت هي رفع العلم أمام هيئةالأمم المتحدة وصياغة الدستور والقصر الرئاسي "الضيافة" قد لا يكون يربط بينهما رابطا ماديا بقدر رمزيتهم، فهم اصلا منتجون من مواد مختلفة (القماش والورق والحجر) لكنها جميعها هامة لبناء الدولة أو الحلم الفلسطيني.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رفع علم الدول المراقبة الى جانب اعلام الدول الاعضاء انجازا فلسطينيا رمزيا دون التقليل من اهميته. في المقابل الدستور على اهميته القانونية لعلويته يبقى دون معنى، حتى لو احتوى على افضل النصوص وأرقاها احتراما للإنسان وحقوقه وحرياته، ما لم يحترم النظام السياسي المُنتج من قواعده  ووفقا لنصوصه حريات المواطنين، ورغم ذلك يحتاج الفلسطينيون لمناقشة واسعة وصريحة لنصوص مسودة الدستور باعتماد هيئة مختلفة عن لجنة الدستور لجمع الاراء والمواقف وتنقيح المسودة، يأتي ذلك تخوفا من المغالاة بملكية المسودة من قبل لجنة الدستور وصائغيها واعتبارا للتجربة في المسودات السابقة ما بين 1999 و2003، واحتراما لآراء المواطنين والباحثين والكتاب والسياسيين من حزبيين وغير حزبيين.

أما قصر الضيافة الذي يوشك على انجاز  الانشاءات الخارجية هو بكل تأكيد رمزا هاما في حال احسن ليس فقط تجهيزه بل استخدامه وان كنت افضل ان يصبح مقرا للرئاسة فيه ومسكنا للرئيس الفلسطيني المنتخب "القادم" وعائلته لتجنب عرقلة المرور في اوقات الذروة في شوارع العاصمة الضيقة"، وانفصالا عن صيت المقاطعة القاطعة ما بين ساكنيها والمواطنين من زمن الاستعمار البريطاني الى الاحتلال الاسرائيلي. وأعتقد ان الزوبعة التي طالت هذا القصر لم تكن في محلها لقصر النظر في الحديث عن انفاق المال دون النظر بعمق لأهميته الرمزية وضرورته العملية.

هذه الرموز الثلاثة تبقى دون معنى اذا لم يتم تجسيدها فعليا أي دون الغرق بالرموز على حساب الفعل والعمل وتكريس واقع الدولة الفلسطينية.