وإذًا، فإن ما كان يطلق عليه مجرد دردشات وصل الى اتفاق شامل بحسب مصادر تركية، اتفاق شامل حو تهدئة بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، وهو اتفاق غير شرعي لأن حماس تعقده باسم الشعب الفلسطيني وهي لا تملك هذا الحق، وهي تفصح بجرعات صغيرة عن هذا الإتفاق، ولا احد في السياسة يوافق على شيء بهذا الغموض نصفه بالماء ونصفه باليابسة، والاتفاق يدور حول منصة بحرية عائمة تحت رقابة إسرائيلية شاملة، ينتهي طرفها الأول على شاطئ مدينة غزة وينتهي طرفها الثاني في جمهورية قبرص التركية، وكان الوسيط الأول توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وممثل الرباعية الدولية الأسبق وهو رجل لا يتمتع بأي مصداقية حتى في بريطانيا نفسها، فقد أعطى شهادة مجانية كاذبة تماما عن العراق وأسلحة الدمار الشامل، وانتهى الأمر بدمار عظيم ومأزق لا ينتهي كما انتهى الأمر بالتكذيب المفضوح للشهادة التي حطمت العراق وحولته إلى أخطر تراجيديا في التاريخ وانتجت داعش.

هل ستجرؤ حماس على خوض تجربة التورط الكامل في هذا الاتفاق مع رفض الكل الوطني له؟؟ وهل معزوفات البكاء على غزة وحصارها الذي تعزفه بعض قيادات حماس الآن يصلح أن يكون غطاء للتورط في هذا الاتفاق؟؟ ولقد كان لنا في غزة مطار دولي وكان لنا عقد دولي لبناء ميناء دولي، ولكن حماس سعت بكل العناد لتحطيم كل ذلك بدعوى المقاومة، فلماذا المقاومة ملعونة الآن في خطاب حماس السياسي وفي انحدارها نحو هذا الاتفاق الذي يعني إخراج حماس من آخر ما تبقى من انتمائها الفلسطيني، واخراج قطاع غزة من مرحلة الانقسام الى مرحلة الانفصال النهائي بديلا عن القدس وكل فلسطين؟

ولكن السؤال الأخطر: هل كل تيارات وقوى حماس ستذهب الى هذا الاتفاق؟ لقد كانت كتائب عز الدين القسام حذرة جدا ومتحفظة جدا حيال كل اتفاقات التهدئة قصيرة المدى وطويلة المدى وكان حذرها يقوم على قاعدة منطقية ملخصها: من يضمن عدم ملاحقة اسرائيل للمناضلين والمجاهدين حيث إسرائيل رفضت طيلة الوقت ان تعطي هذه الضمانة بل إن اسرائيل قالت بصوت مرتفع انه لا احد فيها ابتداء من رئيس الوزراء الى اصغر جندي ومستوطن يستطيع ان يعطي هذه الضمانة، ومسلسل شهداء حماس يشهد على ذلك من الشيخ احمد ياسين والرنتيسي وابو شنب وصلاح شحادة وابراهيم المقادمة واحمد الجعبري وغيرهم، فهل ستوافق كتائب عز الدين القسام على ان يظل لحم مناضليها ملاحقا بالتمزيق لقاء اتفاق كان المفروض أن توافق حماس على ما هو أكبر امانا بمئات المرات، ان توافق على حكومة وحدة وطنية وأن تسلم معبر رفح لرأس الشرعية الفلسطينية وهو الرئيس ابو مازن، وأن تفتح الطريق امام إعادة الإعمار دون هذه الخيانة ودون تورط في المجهول ودون القفز في حفرة الاعتداء المفضوح على وحدة القضية ووحدة التمثيل الفلسطيني! فما هو السر ومن هم السماسرة؟.