أدان الدكتور حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، المذابح والممجازر البشعة التي تشنها الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك الذي يتعرض للحصار منذ عدة أشهر، بعد زجه في الصراع الدائر في سوريا بين قوات النظام السوري ومختلف "فصائل المعارضة"، الأمر الذي أدّى لاستشهاد نحو 200 فلسطيني ومغادرة نحو 140 ألفًا من سكّانه البالغ عددهم 160 ألفًا، وفقا للاحصائيات الاعلامية.

وطالب أمين عام نصرة القدس بتدخل عربي ودولي وإنساني، من المجتمع الدولي وللأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، وكافة المنظمات الدولية ذات الصلة، لحقن دماء اخواننا اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك المحاصر، والمجازر التي ترتكب بحقهم، وإنقاذهم من الجوع والعطش والمرض والقصف والقتل والتشرد، وتوفير الحياة الكريمة والآمنة له. 

وقال، "نكبة عام 1948، أرغمت ما يقارب 900 ألف فلسطيني على الهجرة القسرية خارج مدنهم وقراهم، بعد أن قام اليهود وعصاباتهم العسكرية بتدمير القرى والمدن الفلسطينية، خاصة تلك الواقعة على الساحل الفلسطيني، الممتد من الناقورة إلى غزة. وخلال «الهولوكست الفلسطيني» دمرت إسرائيل أكثر من 540 قرية فلسطينية حيث حولتها إما إلى أطلال يُبكى عليها، أو مستوطنات ومستعمرات يهودية بنيت على أنقاضها".

وأضاف عيسى، وهو استاذ وخبير في القانون الدولي، " حسب اخر احصائية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين والتي صدرت في كانون الثاني 2014، فهناك 914.192 لاجئ في الضفة الغربية يقطنون 19 مخيماً، و 1.307.014 لاجئ مسجل لدى الوكالة يقطنون في 8 مخيمات في قطاع غزة".  وتابع، "كما كان من نتائج الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى عام 1948م، أن شرد الفلسطينيين إلي البلدان العربية المجاورة، فيوجد الأن 2.104.486 لاجئ يقطنون 10 مخيمات في المملكة الأردنية الهاشمية، و 483.375 لاجئ يقطنون في 12 مخيم في الجمهورية اللبنانية، و 569.645 لاجئ يقطنون 9 مخيمات في الجمهورية العربية السورية".

وشدد ان حرمان ضحايا هذا الصراع من حق العودة بينما السماح للمهاجرين اليهود بالتدفق إلى الاراضي التي احتلها كيان الاحتلال من الدولة الفلسطينية يناقض مبدأ العدالة الاساسية، مشيرا أن تعداد اللاجئين الفلسطينيين الآن يبلغ حوالي 5.428.712 لاجئ رحلوا أو طُرِدوا قبل وخلال وبعد حرب عام 1948، علما انه يشار عادة إلى هؤلاء وذريتهم باسم "لاجئي عام 1948

وأشار أستاذ القانون أن الأمم  المتحدة أولت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين أهمية قصوى  عندما أسست وكالة الغوث "الانروا " سنة 1950 حيث عرفت الانروا اللاجئ  الفلسطيني بالشخص الذي كان يقيم في فلسطين خلال الفترة من 1/6/1946 ولغاية 15/5/1948 و الذي فقد بيته ومورد رزقه  نتيجة حرب 1948، وعليه فان اللاجئين الفلسطينيين الذي يحق لهم تلقي المساعدات من الانروا هم الذين ينطبق عليهم  التعريف  المذكور أعلاه  إضافة إلى أبنائهم.

ونوه الدكتور حنا عيسى، ان الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في قرارها رقم 302 لسنة 1950، عرفت  اللاجئ  الفلسطيني بمفهوم أوسع من تعريف الانروا  حيث عرفته بأنه الشخص الذي كان قد عاش في فلسطين لمدة  سنتين على الأقل قبل اندلاع  النزاع العربي الإسرائيلي في سنة 1948 و الذي فقد بسبب ذلك بيته ووسائل كسب معيشته. وأكد  أن  قرارات الأمم المتحدة  التي تلت قرار 194، أكدت على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة واستعادة ممتلكاتهم وحقهم في الدخل الذي نتج استخدام ممتلكاتهم.

وقال، "قرار الجمعية العامة رقم  36/146 ج بتاريخ 16/11/1981 و الذي جاء تحت عنوان ( الدخل الناتج عن استخدام ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين) كان قد دعا إلى حماية ممتلكات اللاجئين والى تأسيس  صندوق خاص بهذه المدخولات بناء على ما ورد في القرار 194، والإعلان العالمي لحقوق  الإنسان، ومبادئ القانون الدولي، إضافة أن الجمعية العامة تعيد التأكيد على  هذه المبادئ سنويا".

وأضاف خبير القانون حنا، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، "في الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة  رقم 194، الذي تم تبنيه في 11/12/1948م." تقرر وجوب السماح بالعودة، في اقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكاتهم الذين يقررون عدم العودة  إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من  الواجب، وفقا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات  المسؤولة".

وأوضح الدبلوماسي حنا عيسى، " القرار 194 لم يختلق قوانين جديدة بل قام بالتأكيد على المبادئ القانونية الموجودة، وافترض حق العودة وتحريم التهجير الجماعي، وكان القرار عظيما لأنه لم يقر بحق العودة  فحسب، وإنما حدد أيضا المواقع الدقيقة التي تندرج تحت ألويتها عودة اللاجئين (مثل عودتهم إلى منازلهم). وتعبر هذه  اللغة ضمنيا عن الحق في استعادة الممتلكات".

وبين، " القرار 194 أكد على حق اللاجئين الفلسطينيين لنوعين من التعويضات، تشمل التعويض عن الأضرار و الخسائر (مثل السلب والنهب والتدمير بدون ضرورة عسكرية لذلك )، وتعويضا  أخر يخصص لاؤلئك اللاجئين الذين يختارون عدم العودة".

وقال عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "المطلوب رفض مبدأ  التعويض للاجئين الفلسطينيين كبديل لحق العودة، وأية مشاريع تقايض حق العودة للاجئين، وأية  مكتسبات  سياسية أخرى من جهة أولى. والتمسك بالمطالبة بتنفيذ  القرار 194 لسنة 1948، الذي يؤكد على  حقنا في العودة، وهو القرار الذي يستمد قوته من إصرارنا وتمسكنا بحقوقنا، ومن الإجماع الدولي حوله، وعلى مدى عقود طويلة من جهة ثانية.  والتمسك بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بقضية اللاجئين  الفلسطينيين وخاصة القرارات  (513) لسنة 1952، والقرار  رقم (237) لسنة 1967، والقرار رقم (2452) لسنة 1968. والقرار (2535) لسنة 1976، ورقم (2963) لسنة 1972، وقرار الجمعية العامة  رقم (3236) سنة 1974، الذي اعترفت به الجمعية  العامة بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره ، غير القابل للتصرف، وأكدت فيه على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم".

جدير بالذكر أن مخيم اليرموك هو مخيم أنشئ عام 1957، على مساحة تقدر بـ 2.11 كم مربع فقط لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينين في سوريا، وهو من حيث تصنيف وكالة الأونروا لا يعتبر مخيم رسمي. وهو أكبر تجمع للاجئين الفلسطينين في سوريا. وفي أحداث 2011 - 2014 كان المخيم نفسه ملجأ لكثير من أهالي ريف دمشق وأهالي أحياء العاصمة دمشق التي تعرّضت للقصف، كمدن ببّيلا ويلدا في الريف وكأحياء التضامن والحجر الأسود والقدم والعسالي وغيرها، وبقي المخيم آنذاك هادئا نسبياً وبعيداً عن التوترات، لكن وفي منتصف شهر كانون الأول من العام 2012 بدأت حملة عسكرية على المخيم بعد تقدم قوات المعارضة من الأحياء الجنوبيّة في دمشق.