خيط دقيق ونظارة بعدسات مكبرة ومهارة تعيد ثلاثة أصابع مقطوعة ورابع مبتور ليد صاحبه بعد أن فقد الأمل وأحاطه البؤس بأنه سيقضي بقية حياته بيد غير مكتملة الأصابع.
عشر ساعات ليلية بوجود طاقم طبي مكون من: عادل العاروري، سامي السراج، محمد غنام، استغرقت عملية جراحية أجراها الطبيب صالح رضوان (34 عامًا) من قرية بيتللو (شمال غرب رام الله) لإعادة الأصابع المقطوعة وزراعة المبتور للشاب درويش شعبان نوار (32 عامًا)، في مستشفى "مسلم" التخصصية، وفق رضوان.
رضوان الذي درس الطب في اليمن، وجراحة العظام بالإضافة إلى جراحة كف اليد والجراحات المجهرية في مستشفى "هداسا" الإسرائيلية، مع العلم أنه الجراح الوحيد الذي تخصص بكف اليد وفق قوله.
مضيفًا: قبل يومين تعرض شاب يعمل في النجارة لحادث قطع في أصابعه الثلاثة وبتر في طرف إصبعه الرابع الذي تشكل زراعته الأصعب لوجود شرايين وأوردة دقيقة جدًا.
"بعد ثلاث ساعات من وقوع الحادث وعند معاينة الحالة وبسبب نقص بعض الإمكانيات أخبرت عائلته أن نجاح العملية غير مضمون وربما ستعود الحياة للإصبع الرابع بنسبة 10%، ولكن الحمدلله نجحت العملية بنسبة 100%" كما يقول رضوان".
وعن نجاحها قال رضوان إنه "إنجاز وطني، فكثيراً ما نرى حالات يتم تحويلها إلى المستشفيات الإسرائيلية تستنزف الموارد المالية للمواطن والسلطة الوطنية في حين تبلغ تكلفة العمليات في تلك المستشفيات من (100- 120) ألف شيقل، سيتم إجراؤها في مستشفياتنا أقل بكثير من هذا المبلغ".
ووجه رضوان نصيحة للمواطنين "ما ساعد في إعادة زراعة الإصبع أن العائلة فور وقوع الحادث وضعت الإصبع المقطوع قرب الثلج، وهو مفيد في هذه الحالة وليس كما يعتقد البعض أن يتم وضعه في كيس ثلج أو ماء".
وعن سبب دراسته تخصص جراحة الكف والترميم أوضح رضوان "خلال إقامتي في مستشفى (هداسا) لدراسة جراحة العظام لاحظت أنه يتم تحويل حالات كثيرة من بتر وقطع في الأصابع والأيدي لمواطنين فلسطينيين وكانت تكلفتها باهظة جدا، لذلك قررت دراسة هذا التخصص ليكون هناك طبيب فلسطيني يساعد أبناء شعبه في مثل هذه الحالات".
بعد أن بترت أداة منشار الجبصين أصابع نوار، بدأ وعائلته يعيشون أملًا مشكوكًا فيه بعودتها إلى مكانها، وفق نوار، مضيفًا "لم أكن أتوقع نجاح العملية حتى بنسبة 1%، الأمر الذي أثر فيّ ودمر نفسيتي، وعندما استيقظت بعد الانتهاء منها لم أصدق ما قالته لي عائلتي بأن العملية تكللت بالنجاح إلا عندما جاء الطبيب وكشف على يدي وأراني أصابعي كيف دبت فيها الحياة من جديد".
وتابع نوار: أشكر الطبيب صالح رضوان فهو يستحق الكثير لما صنعه لي.
وعبرت والدة الشاب نوار عن امتنانها وفخرها لوجود أطباء أكفاء فلسطينيين وصلوا إلى هذه الدرجة من التميز والإبداع، قائلة "أشكر الطبيب صالح وأمثاله من الأطباء الفلسطينيين، إذ أعادوا لابني الأمل بعد أن أحاطه اليأس بأن لا أمل من عودة يده إلى ما كانت عليه".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها