اصطدم البابا فرنسيس الاول بجدار الفصل العنصري في مدينة بيت لحم، فتوقف عنده بشكل مفاجئ وتلا صلاة داعيا الى انهاء "وضع غير مقبول".
وفي صورة ينتظر أن تجذب الأنظار في جولته بالأراضي المسيحية المقدسة أراح البابا جبهته على الجدار الاسمنتي الذي يفصل بين بيت لحم والقدس وصلى في صمت. وكتبت عبارة "فلسطين حرة" بالرذاذ على الجدار في المنطقة التي توقف عندها البابا وكذلك عبارة كتبت بانجليزية ركيكة وهي "بيت لحم تبدو كأحياء اليهود في وارسو" في تشبيه للأزمة الفلسطينية بمعاناة اليهود أثناء الحكم النازي.
وكان الرئيس محمود عباس قال قبل وقت قصير من وصول البابا الى الجدار، "لقد شاهدتم قداستكم هذا الجدار البغيض الذي تقيمه اسرائيل القوة الغاشمة للاحتلال على اراضينا". واضاف الرئيس في مؤتمر صحفي مع البابا "إننا نعول في فلسطين على جهودكم ومساعيكم الخيرة لإحقاق حقوق شعبنا ونرحب بأي مبادرة قد تتخذونها أو تصدر عن قداستكم لجعل السلام حقيقة في الارض المقدسة". واضاف "وقد أحطنا قداسته علما بمآلات العملية التفاوضية والعثرات التي تعترض سبيلها وعلى رأسها الاستيطان والاعتداء على دور العبادة من كنائس ومساجد وبشكل يومي".
وتابع الرئيس "وكذلك الاستمرار في احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل الذين يتوقون الى الحرية ويخوض في هذه الايام عدد كبير منهم إضرابا عن الطعام منذ أكثر من ثلاثين يوما بسبب سوء المعاملة والاعتقال دون اصدار أحكام تحت مسمى الاعتقال الاداري".
واستعرض الرئيس أمام البابا ما تتعرض له مدينة القدس بسبب الاجراءات الاسرائيلية. وقال "أطلعنا قداسته ايضا على الوضع المأساوي الذي تعيشه مدينة القدس الشرقية عاصمة دولتنا المحتلة منذ العام 1967 من عمل إسرائيلي ممنهج لتغيير طابعها والتضييق على أهلها من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين بهدف تهجريهم منها ومنع المؤمنين من خارجها من الصلاة في معابدها".
ودعا الرئيس عباس "الحكومة الاسرائيلية الى التوقف التام عن هذه الاعمال التي تخالف القانون الدولي". وقال "من جانبنا قدمنا رؤيتنا لعاصمتنا القدس الشرقية أن تبقى مفتوحة لأتباع الديانات السماوية الثلاثة دون تمييز".
وفي ثاني أيام جولة له تستمر ثلاثة أيام بالشرق الأوسط أسعد البابا مضيفيه الفلسطينيين بالإشارة إلى "دولة فلسطين" ما يمثل دعما لمسعاهم للحصول على اعتراف كامل بالدولة بعد أن أصاب الشلل عملية السلام.
لكن البابا الذي أدلى بتصريحات في مراسم استقبال رسمية له في بيت لحم أوضح أن هناك حاجة للوصول إلى اتفاق عن طريق التفاوض ودعا زعماء الجانبين إلى التغلب على خلافاتهم العديدة.
ودعا البابا، الرئيسين عباس وبيريس الى القدوم الى الفاتيكان للصلاة معه من اجل السلام وذلك في نهاية القداس في ساحة المهد. وقال البابا "ادعو الرئيسين بيريس وعباس الى ان يرفعا الصلوات معي (...) وسأقدم بيتي في الفاتيكان ليستقبل تلك الصلاة" من اجل الاراضي المقدسة.
واضاف "كلنا نرغب في السلام والكثير من الاشخاص يصنعونه يوميا عبر بادرات صغيرة. كثيرون هم الذين يعانون ويتحملون بصبر جهود العديد من المحاولات لبنائه".
واستقبل نحو 10 ألاف مؤمن مسيحي البابا فرنسيس بالهتافات والتهليل في ساحة المهد وهم يرفعون اعلام الفاتيكان والاعلام الفلسطينية تحت صورة عملاقة يظهر فيها السيد المسيح وهو طفل ملفوف بالكوفية الفلسطينية وزعت نسخ منها على الحاضرين.
وغادر البابا بيت لحم التي زار فيها مخيم عايدة للاجئين متوجها إلى مطار تل أبيب بالهليكوبتر حيث كان في استقباله الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبل أن يعود إلى القدس بالمروحية. وقال البابا فرنسيس في كلمة في مراسم الاستقبال إنه يدعم "حق دولة إسرائيل في الوجود والازدهار في سلام وأمن ضمن حدود دولية معترف بها". وفي الوقت ذاته قال إن من المتعين أن يكون هناك "اعتراف بحق الشعب الفلسطيني في وطن ذي سيادة وبحقه في العيش بكرامة وبالتمتع في الحق في حرية التنقل".
وفي المساء أدى البابا فرنسيس في كنيسة القيامة صلوات من أجل وحدة المسيحيين مع البطريرك المسكوني بارثلماوس الزعيم الروحي للأرثوذكس في العالم. وهذه أول مرة يصلي فيها زعيما الطائفتين المسيحيتين معا داخل هذا المكان وهو أحد أقدس الأماكن المسيحية. وعادة ما كانت القيادات الدينية للطائفتين تلتزم بقواعد فصل صارمة تعود إلى زمن الإمبراطورية العثمانية.وهذا الاجتماع هو الهدف الديني الرئيسي من الرحلة ويتزامن مع الذكرى الخمسين للاجتماع التاريخي لقيادات الكاثوليك والأرثوذكس التي انقسمت كنائسهم عام 1054.
في غضون ذلك، أنهت دائرة الأوقاف الإسلامية استعداداتها لاستقبال البابا في المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم. وأوضح الشيخ عزام الخطيب مدير دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى لمراسلة وكالة معا أن دائرة الأوقاف رتبت لزيارة البابا مع مسؤولي الفاتيكان، حيث سيزور الأقصى من الساعة 8:15 الى 9:00 صباحا، عبر باب الأسباط بسيارته الخاصة، وحسب البرنامج سيقوم البابا بزيارة قبة الصخرة، وسيجتمع بالقبة النحوية مع شخصيات مقدسية.
وأضاف الشيخ الخطيب لمعا انه خلال اللقاء ستلقى كلمات من قبل رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب ومفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين والبابا فرانسيس.
وأوضح الشيخ الخطيب أن أبواب ( الأسباط وحطة والمجلس والسلسلة) ستفتح لدخول المصلين الى المسجد الأقصى المبارك وقت زيارة البابا، ولن يتم فرض أي قيود على دخولهم، وسيتم اعادة فتح كافة ابواب الاقصى عند الساعة التاسعة صباحاً.
ومن المتوقع أن يعود البابا فرنسيس إلى الفاتيكان اليوم الاثنين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها