تشكل الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها البابا فرنسيس الى الاراضي المقدسة هاجسا أمنيا لقوات الامن المحلية المكلفة بتأمين زيارته. فيما قد تثير زياراته لبعض المواقع في الاراضي المقدسة حساسيات ربما تثير الجدل.
وأكد الفلسطينيون امس بأنهم أتموا كافة التجهيزات لاستقبال البابا في زيارته المرتقبة. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنا عميرة وهو رئيس اللجنة الفلسطينية المكلفة بترتيب الزيارة الباباوية في مؤتمر صحافي عقد في رام الله "نؤكد اننا انجزنا كافة الاستعدادات لهذه الزيارة التاريخية والتي ستخرج منها رسالة محبة وسلام وحوار بين الاديان".
وقال المفتش العام للشرطة الاسرائيلية امس انه لن يسمح للمتطرفين اليهود بافساد الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها البابا فرنسيس عبر التعدي على اماكن مقدسة مسيحية. وقال يوحنان دانينو للصحفيين في القدس ان الشرطة تتعامل مع زيارة البابا التي ستستغرق يومين بدرجة الاهمية نفسها التي تعاملت فيها مع زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما، مشيرا الى انه سيتم نشر 8000 شرطي اضافي في القدس.
وتعهد المفتش انه لن يسمح للمتطرفين اليهود المسؤولين عن موجة من الاعمال العنصرية المعادية للعرب وضد اهداف دينية مسيحية او اسلامية بافساد الزيارة. واكد دانينو "سنقوم بكل ما بوسعنا لضمان عدم الحاقهم الضرر بالاماكن المقدسة المسيحية ولضمان اتمام الزيارة بنجاح". وتابع انه لا يوجد هناك "اي معلومات مؤكدة" حول وجود تهديدات لزيارة البابا ولكنه قال بان الشرطة "لن تجازف".
من ناحيته، قلل السفير البابوي جوسيبي لازاروتو من المخاوف حول امكانية قيام بعض المتطرفين بافساد الزيارة مشيرا الى ان اعداد هؤلاء "محدودة للغاية". وقال "نعلم ان هذا يحدث ولكن علينا الا نعطيهم حجما أكبر مما هم عليه لاننا نعرف ان غالبية الشعب الاسرائيلي سعيدة بقدوم البابا".
واشار الى ان البابا فرنسيس سينقل رسالة قوية حول التعايش دون خوف. واضاف "الغرض من زيارته هو تشجيعنا بألا نخاف من الآخر والتحدث معا والعيش معا بسلام"، موضحا انه "لا يريد استخدام سيارة مصفحة.هل تعلمون لماذا؟ لانه يقول بأنها ستكون رسالة سيئة للغاية للناس وهي: أنا بحاجة لسيارة مصفحة لأني خائف منكم".
وبحسب السفير فان "البابا لا يخاف من اي شخص.وهو جاء للتبشير وليعلن ويطلب السلام والتفاهم والتعاون والعيش معا بسلام".
واوضح عميرة بان البابا سيصل الى مدينة بيت لحم في 25 من أيار على متن مروحية اردنية وسيقوم الرئيس محمود عباس باستقباله في قصر الرئاسة. وتابع "سيجتمع البابا مع عائلات فلسطينية تمثل معاناة الفلسطينيين من مبعدين ومعتقلين وعائلات من غزة".
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على التفاصيل البروتوكولية لزيارة البابا، بان الاسرائيليين تدخلوا في كل صغيرة وكبيرة من الناحية البروتوكولية. وقال " كان هناك اقتراح بان ينتقل البابا من بيت لحم الى مدينة القدس الشرقية بواسطة مركبات غير ان الجانب الاسرائيلي وافق شريطة ان تكون في استقباله شخصيات سياسية اسرائيلية عند مدخل المدينة وهو ما رفضه الفاتيكان".
وكان الحل الوسط، والذي عرضه الفاتيكان، ووافقت عليه اسرائيل، بأن يتوجه البابا بالمروحية الى مطار تل ابيب ومن ثم يتوجه الى مدينة القدس الشرقية.
واعلن المندوب الفلسطيني في الفاتيكان عيسى قسيسية انه من المتوقع ان يوقع الرئيس عباس مع البابا في هذه الزيارة اتفاقية تعاون مشترك بين منظمة التحرير الفلسطينية والفاتيكان.
وتشكل زيارة البابا هاجسا امنيا لقوات الامن المحلية المكلفة بتأمين زيارته. وستكون الاردن المحطة الاولى لزيارة "بابا الشعب" السبت 24 من أيار ثم سيتوجه بعدها بيوم الى مدينة بيت لحم جنوب ثم يستقل مروحية الى اسرائيل حيث سيغادر مساء 26 من أيار.
ويشير الاب ديفيد ناحوس المستشار الاعلامي لبطريركية اللاتين في القدس، الى انه "من ناحية الامن فان هذا البابا سيمثل مشكلة كبيرة". وذكر بان البابا قام في اول يوم تسلم فيه منصبه بالابتعاد عن حراسه ليختلط بالناس. وتوقع الاب ناحوس ان يخرج البابا عن بروتوكول الزيارة وهذا سيناريو قد يمثل مشكلة لقوات الامن الفلسطينية والاردنية والاسرائيلية المسؤولة عن حماية البابا.
وقال مسؤول امني في عمان ان الاردن يسعى لاظهار انه "واحة من السلام والاستقرار" في منطقة الشرق الاوسط المتأزمة. واكد المسؤول في حديث لوكالة فرانس برس انها "زيارة هامة للغاية للاردن خاصة مع كل الاضطرابات التي تحدث حولنا". واضاف "هذه رابع زيارة يقوم بها بابا الى الاردن منذ 1964 والاولى للبابا فرنسيس وسنبذل كل ما بوسعنا مع هذه المسؤولية الكبيرة".
واشار مسؤول امني آخر الى انه "سيكون هنالك اكثر من 500 رجل امن بالاضافة الى الحرس الملكي وبالطبع كاميرات المراقبة". وعند وصوله الى الاردن، سيلتقي البابا الملك عبد الله الثاني ثم سيترأس قداسا في ملعب رياضي في العاصمة عمان سيحضره عشرات الاف الاشخاص. وبعدها سيقوم البابا بجولة بين الجماهير على متن سيارته الجيب المكشوفة.
وفي اليوم الثاني من زيارته ستتولى الشرطة الفلسطينية والحرس الرئاسي الفلسطيني مسؤولية حمايته. وقال اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الاجهزة الامنية الفلسطينية لوكالة فرانس برس "سنقوم ببذل كل جهودنا ليس فقط لحماية البابا ولكن لجعل زيارته لطيفة والسماح بايصال رسالته للشعب". ورفض الضميري اعطاء ارقام محددة لكنه اكد بانها ستكون "اكثر من كافية".
وستقوم مجموعة من النساء في الحرس الرئاسي الفلسطيني واللواتي خضعن مؤخرا لتدريبات على ايدي القوات الخاصة الفرنسية بحماية البابا.
وعقب وصول البابا الى القدس بعد استقبال رسمي في مطار بن غوريون قرب تل ابيب، ستنشر الشرطة الاسرائيلية الآلاف من رجال الشرطة حول المدينة، بحسب المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد. واكد المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلي ميكي روزنفيلد ان "الافا من رجال الشرطة سيحيطون بالمدينة مدعومة بقوات خاصة بالزي المدني ووحدات طائرات المروحية".
وفي البلدة القديمة في القدس سيرفع البابا وبطاركة الكنائس الشرقية والارثوذكسية صلاة مشتركة. وتحدث روزنفيلد عن 320 من كاميرات المراقبة الامنية. وسيزور البابا ايضا المسجد الاقصى وحائط المبكى.
واكد روزنفيلد ايضا ان الشرطة الاسرائيلية تنسق مع جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (الشين بيت) والامن الايطالي المرافق للبابا. وأكد انه لا توجد تهديدات معينة او مخاطر تحيط بالبابا.
وليس من المقرر اقامة اي قداس احتفالي في القدس ولكن الاب ناحوس عاد وأوضح انه متأكد من انه سيكون هناك "امكانية للتواصل العفوي مع الناس" وهو امر معتاد من طرف البابا الارجنتيني. واضاف "انا متأكد للغاية ان هذه اللحظات ستكون مشاهد قوية ستملأ قلوب وعقول المؤمنين".
ويتوقع ان يلقي الحبر الاعظم ما لا يقل عن 14 خطابا مع لقاءين جماهيريين في بيت لحم وعمان، كما سيكثف الاحتفالات في اماكن غنية بالرموز مثل نهر الاردن لا سيما في المغطس موقع عمادة السيد المسيح بحسب التقليد المسيحي، وكنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة القيامة والحرم القدسي وحائط المبكى ونصب المحرقة (ياد فاشيم) وكذلك غرفة العشاء السري الاخير في القدس بين المسيح وتلاميذه. كما سيلتقي لاجئين فلسطينيين وسوريين. وينتظر كثيرون بادرات مبتكرة من البابا الذي يجيد عنصر المفاجأة.
وسيتوجه البابا الارجنتيني برفقة الحاخام ابراهام سكوركا والبرفسور المسلم عمر عبود وهما صديقان قديمان من بوينس ايرس الى مهد المسيحية. فالحوار بين الاديان يمكن براي الحبر الاعظم ان يقرب بين المعسكرات السياسية المتضادة ويظهر ان الدين ليس عامل كراهية.
والوحدة بين مسيحيي الشرق، من كاثوليك وارثوذكس، الذين اضعفتهم انقساماتهم وصولا الى اوكرانيا، هي النقطة الرئيسية الاخرى في هذه الزيارة البابوية الرابعة لحبر اعظم الى الاراضي المقدسة. وقد اختار البابا فرنسيس الذكرى الخمسين للمصافحة التاريخية بين بولس السادس وبطريرك القسطنطينية اثناغوراس في القدس حيث سيلتقي خلفه برتلماوس البطريرك المسكوني اربع مرات.
وقال الاب اليسوعي ديفيد نيهاوس مدير اللجنة الاعلامية لرحلة البابا لوكالة فرانس برس ان البابا فرنسيس "سيعبر الحدود ليزور اربعة وقائع سياسية مختلفة. وسيتوجه الى الجميع كي يفتحوا مخليتهم في منطقة انطبعت بالرفض المتبادل".

لكن "سيكون من الصعب المحافظة على محبة الجميع" عندما "سيقول بعض الحقائق" كما توقع الاب اليسوعي.
وقال المونسنيور باسكال غولنيش المدير العام لجمعية عمل الشرق "ان البادرة السياسية لهذا البابا هو المجيء كحاج" الى مكان يعتبر مهد الديانات السماوية.
وسيجري البابا لقاءات قصيرة مع الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في وقت سجل فيه تقدم على ما يبدو في المفاوضات الحثيثة بين الكرسي الرسولي واسرائيل للتوصل الى اتفاق حول النظام الضريبي والعقاري الخاص بممتلكات الجمعيات الكاثوليكية.
وسيتوج زيارته بقداس في غرفة العشاء السري الاخير للمسيح مع تلاميذه، في موقع يضم ايضا بحسب التقليد اليهودي قبر الملك داود. وهي محطة حساسة قد تثير غضب الشبان اليهود المتشددين الذين قاموا مؤخرا باعمال تخريب لمواقع مسيحية.
ومن المصاعب ايضا الحضور المعلن الى القدس للبطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي -الذي لن يكون في عداد الوفد البابوي الرسمي- الذي اثار استياء حزب الله الشيعي بشكل خاص. وتجدر الاشارة الى ان لبنان لا يزال رسميا في حالة حرب مع اسرائيل.
وعلى غرار الصيف الماضي في ريو لن يكون للبابا سيارة "بابا موبيل" مصفحة. وسيتجنب ايضا المناسبات البروتوكولية. وقال المونسنيور غوليش "في كل مكان اراد (الحبر الاعظم) وجبات بسيطة وطلب ان يستقبل بشكل متواضع (...) وتفادي كل المناسبات الاجتماعية".