حوار/ امل خليفة
خاص- مجلة القدس، خرجت الجماهير الفلسطينية في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بمظاهرات احتجاجضد الغلاء وارتفاع الأسعار في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها السلطة الفلسطينية وصلتفي بعض المحافظات إلى الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة مما دفع الحكومة الفلسطينيةلاتخاذ مجموعة من الاجراءات والتدابير لمواجهة هذه الأزمة وهذه المواجهات. ولاستيضاححقيقة الوضع والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية لمعالجة الأزمة الاقتصاديةهناك، كان لنا هذا اللقاء مع وزير الاقتصادالفلسطيني الدكتور جواد الناجي.
كيف تصف لنا الأزمةالاقتصادية التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية؟
تعاني السلطة أزمةمالية صعبة بدأت بالظهور مع بداية عام 2011، بسبب تأخر الدول المانحة في الوفاء بالتزاماتها تجاه موازنة السلطة الفلسطينية،ما اضطر الحكومة للاقتراض من البنوك المحلية، فأصبح هناك حجم من المديونية على السلطةليس بالسهل سداده.
ويعود سبب هذهالأزمة إلى أنَّ الاحتلال الإسرائيلي لا يمكِّن السلطة الوطنية الفلسطينية ولا القطاعالخاص الفلسطيني من الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية لفلسطين كالأراضي والمياه وبشكلخاص الأراضي المسماة أراضي "ج"، وهي المساحات الأوسع من فلسطين. وهذا بالتأكيدانعكس سلباً على الاقتصاد وعلى عملية الاستثمار باعتبارها القادرة على احداث نموٍّاقتصاديّ ومعالجة مشاكل البطالة والفقر بشكل عام، ناهيك عن تزامن ذلك مع بدء ارتفاعالسلع التجارية الأساسية منذ شهر نتيجة ارتفاع الأسعار الدولية السائدة، ما استدعىتدخل الحكومة للحد من التأثير السلبي لهذا الارتفاع على حياة المواطن.
ما هي الاجراءاتالتي يمكن للحكومة أن تتخذها للخروج من هذه الأزمة؟
منذ أن بدأت تظهرهذه الأزمة والحكومة تحاول حلَّها جاهدة لتخفيف تداعياتها على المواطنين. فبتاريخ11-9-2012 وفي الجلسة الخاصة لمجلس الوزراء، اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات وفيمقدمها العودة بأسعار المحروقات إلى ما كانت عليه قبل نهاية شهر آب 2012، مما أدى إلىتخفيض أسعارها وكذلك تخفيض القيمة المضافة للضريبة لتصبح 15% بدل من 15.5% ، واتخاذالحكومة أمراً بضرورة الإسراع في الاسترداد الضريبي للمزارعين لزيادة فرص صمودهم وبقائهمفي منطقة الأغوار الفلسطينية، إلى جانب تكليف وزارة الاقتصاد الوطني باتخاذ الاجراءاتاللازمة لتنظيم السوق الداخلي عبر فتح السوق أمام المنافسة والرقابة المشددة على أسعارالسلع ومحاولة الوصول إلى سقف مناسب من أسعار السلع الأساسية، واتخاذ الحكومة لمجموعة من الإجراءات التي لها علاقة بايجادفرص عمل وخاصة للخريجين الجدد. إضافةً إلى ذلك، فإنَّ الحكومة تسعى ضمن إجراءاتها وقراراتهاإلى إنجاز قانون الحد الأدنى للأجور قبل تاريخ 15/10 القادم. وهنا لابد من الحديث عنتنمية مستدامة تحت ظروف الاحتلال فهذا أمر غاية في الصعوبة والتعقيد، خاصةً إذا أخذنابعين الاعتبار الاجراءات الاسرائيلية المقيدة لحركة الاشخاص والتجارة والسيطرة علىالمعابر وغيرها من الاجراءات التي تحد من امكانيات السلطة وامكانيات القطاع الخاص لتحقيقتنمية مستدامة. كما أنَّ الحكومة تعمل بالشراكة مع كل القطاعات لاستثمار كافة الفرصالمتاحة وفي جميع القطاعات المختلفة، ونحن نبذل كل جهد ممكن لمعالجة القضية الماليةوالتنمية ونحاول جذب الاستثمارات، ولكنَّ هذا لا يُعفي المجتمع الدولي من التزاماتهتجاه القضية الفلسطينية وتجاه الشعب الفلسطيني الذي مازال يرزح تحت الاحتلال الأخيرفي العالم. وفي آخر اجتماع للدول المانحة عرضت الحكومة خطتها ومطالبها ومن ضمنها التغلبعلى هذه الأزمة وتحسين الوضع الاقتصادي وتشخيص أسباب الأزمة، وقد أشارت الخطة وبكلوضوح إلى حتمية تدخل المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال، وضرورة الوفاء بالتزامات المانحينالمالية تجاه موازنة السلطة الفلسطينية وبأسرع وقت.
هناك حديث عن تسهيلاتاقتصادية من قبل الاسرائيليين تجاه السلطة الفلسطينية بإعطاء تصاريح للعمال وزيادةعائدات الضرائب، ما حقيقة ذلك؟
لم تتوقف السلطةالفلسطينية أبداً عن المطالبة بعائدات الضرائب التي تجبيها اسرائيل على المعابر منالفلسطينيين وكذلك المقاصة والجمارك، ورغم إدراك الطرف الإسرائيلي لقيمة هذه الضرائبلجهة زيادة الإيرادات للجانب الفلسطيني وحل الأزمة المالية إلا أنَّه يماطل ويعد بتحقيقذلك في القريب. ومن ضمن التفاهمات التي تمَّ الحديث عنها هي إقامة منطقة تسمى"بوندداريا" تسمح للبضائع المستوردة بالقدوم لهذه المنطقة مباشرة، وهذا إن تمَّ فسيحققنتائج تتجلى بتخفيف العبء عن القطاع الخاص لجهة التخزين في الموانئ الإسرائيلية وقضاياالمماطلة والتعطيل التي تتخذها السلطات الاسرائيلية ضد بضائعنا ما سيكون من شأنه تسريعتخليص البضائع وإيصالها للسوق الفلسطيني ومساعدة السلطة الفلسطينية على الجباية منالجمارك والضرائب العائدة من هذه البضائع مباشرة ودون المرور بالوسيط الإسرائيلي. أمَّافي ما يتعلق بالعمال، فاتفاقية باريس الاقتصادية نصَّت على حرية حركة البضائع والأشخاصولكنَّ إسرائيل لم تلتزم بذلك، خاصةً أنَّ عدد العمال الفلسطينيين الذين يعملون فيداخل اسرائيل محدود جداً وأقل بكثير مما تمَّ الاتفاق عليه، وبالتأكيد فإنَّ هذا زاد من تفاقم الوضع الاقتصاديوالاجتماعي في داخل الأراضي الفلسطينية، ونحن نأمل بزيادة عدد العمال سواء في الداخلأو في داخل الدول العربية.
ما هو موقع غزةمن هذه الأزمة الاقتصادية؟
قطاع غزة جزء لايتجزء من الوطن وكل ما تقوم به السلطة تجاه قطاع غزة هو واجب تجاه أهلنا هناك. وفيالوقت ذاته، فمن حق السلطة أن تجبي قيمة الجمارك والضرائب من القطاع وكذلك عائدات الكهرباءوالماء ولكنَّ "حماس" للأسف تجبيهذه الأموال ولا تدفعها للسلطة، في حين أنَّ السلطة تقوم بدفع قيمة هذه الأموال لإسرائيلمما يزيد من العبء على موازنة السلطة، علماً أنَّ كل ما يُجبى من قطاع غزة ويدخل خزينةالسلطة لا يتجاوز الـ 2% في حين تصرف السلطة الفلسطينية 48% من موازنتها على غزة.
هل كانت المظاهراتالتي خرجت في الأيام السابقة نتيجة لغلاء الاسعار أم أنَّ هناك أيادي خارجية عابثةتحركها؟
بغض النظر عن الأسبابالتي دعت الناس للخروج في هذه المظاهرات والاحتجاج فإنَّ التعبير عن الرأي بالتظاهروالاحتجاج هو حق كفلته القوانين على أن يبقى الاحتجاج ضمن حدود القانون والأمن وسلامةالمواطن ودون التخريب والاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة. وبالتأكيد لاحظ الجميعكيف تعامل أفراد الأمن مع هذه التظاهرات والاحتجاجات حيث كانت هناك حرية مطلقة في الاحتجاج،وفي المقابل لاحظنا بأنَّ جزءا من المحتجين قد ألحق أضرارا كبيرة بالممتلكات العامةوالخاصة، لذا نقول لكل من قام بالتخريب بأنَّ حرية التصرف والتعبير والاحتجاج لا تبررإلحاق الأذى بالممتلكات والتعرض لاستقرار وأمن المجتمع.
في ظل الأوضاعالاقتصادية السيئة التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية ماذا عن فلسطينيي الخارجوالشتات؟ وماذا يمكن أن تقدمه السلطة لهم؟
كل التحية لأهلنافي الخارج وهنا أخص أهلنا في مخيمات اللجوء في لبنان الذين ضحّوا وقدموا الكثير للقضيةالفلسطينية والذين احتضنوا الثورة واحتضنوا منظمة التحرير الفلسطينية في أحلك وأصعبالظروف ولفترات زمنية طويلة، وهنا أود أن أشير الى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعيةالصعبة التي يعيشها أهلنا في المخيمات لأسباب كثيرة خصوصا الظروف التي واكبتهم منذالهجرة والنكبة في العام 48 إلى القوانين التي تطبق عليهم من قبل السلطات اللبنانيةوالتي تحرمهم من فرص العمل وتحرمهم من تحسين ظروفهم المعيشية داخل المخيمات. ولكننيأود أن أقول أنَّ فخامة الرئيس محمود عباس وانطلاقاً من القضية الإنسانية والمسؤوليةالوطنية التي يتحملها تجاه أبناء شعبه في لبنان تدخل مباشرة لدى الدولة اللبنانية،ونجح في تعديل بعض البنود والقوانين التي تحكم حياة الانسان الفلسطيني هناك وخاصة فيمايتعلق بالعمل. كذلك فقد أطلق فخامة الرئيس ثلاث مبادرات أساسية تجاه شعبنا في لبنانالأولى للطالب الفلسطيني حيث تمكن في العامين الماضيين من تقديم منح دراسية لأكثر من2000 طالب التحقوا بالجامعات اللبنانية، وكان لي الشرف بكوني الرئيس التنفيذي لصندوقالطالب الفلسطيني في لبنان. والمبادرة الثانية كانت بخصوص صندوق التكافل الأسري الذييقدم مساعدات شهرية لبعض الأسر المحتاجة، ويعمل هذا الصندوق منذ عامين وهناك حوالي1200 أسرة تستفيد منه مما يخفف الاعباء الحياتية والمعيشية على أهلنا هناك. أمَّا المبادرةالثالثة والأهم، فهي إيعاز الرئيس لصندوق الاستثمار الفلسطيني بإطلاق برنامج رعايةالمشاريع الصغيرة وتقديم القروض الميسرة لهم بحيث أنَّ كل فرد في هذه المخيمات يرىفي نفسه القدرة على إقامة مشروع له الحق بالاستفادة من هذا البرنامج، مما يساهم فيتوفير دخل ثابت ودائم إضافة إلى تقليل نسبة البطالة المنتشرة بين أبنائنا هناك، وقدموَّل البرنامج حتى اليوم حوالي 400 مشروع.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها