في اجتماعها الأخير دعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الاراضي الفلسطينية للخروج من المأزق الوطني، ولولوج مرحلة جديدة في الحراك السياسي المتعلق بالمصالحة الوطنية. جاءت دعوة اللجنة التنفيذية في أعقاب ما شهدته جمهورية مصر العربية من تطورات دراماتيكية، وتراجع الدور المصري في متابعة دوره القومي مؤقتا لحين اعادة ترتيب شؤون البيت في اعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير. وأيضا انسجاما مع قناعة القيادة الفلسطينية بترسيخ الديمقراطية وخاصة الجانب الانتخابي في مؤسسات الشعب الفلسطيني.
دعوة اللجنة التنفيذية للمنظمة في اللحظة السياسية المعاشة، تدلل على ان القيادة الفلسطينية، ورغم تعقيد الظروف المحيطة بالساحة الوطنية، ما زالت تمسك بمقاليد الأمور، من خلال المبادرة الى اجراء الانتخابات في كل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. كما أكدت اللجنة التنفيذية حرصها على تجاوز كل العقبات والعراقيل المنتصبة امام المصالحة الوطنية. وعدم الاستسلام لأية ظروف قاهرة. وتغليبها مصالح الشعب العليا على اي مصالح اخرى.
ولكن حركة الانقلاب الحمساوي، لم تنتظر حتى لمجرد التفكير والتريث قليلا لمناقشة قرار القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، فبادرت بالرفض فورا لاجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. لانها تخشى نتائج الانتخابات. كما انها تفترض ان التحولات الدراماتيكية المصرية ستصب في صالح تعويم انقلابها على حساب الشرعية الوطنية. وتراهن على لعب حركة الاخوان المسلمين دورا «مركزيا» في النظام السياسي المصري الجديد. ومن هنا جاءت التهنئة الغبية لاسماعيل هنية لمرشد الاخوان المسلمين في مصر، على اعتبار ان الاخوان هم من «لعب» دورا اساسيا في ثورة الشباب، مع ان الحقيقة تقول غير ذلك، دون انكار الدور المحدود الذي لعبوه مع القوى السياسية الاخرى. واتكاء على ذلك تعتقد قيادة الاخوان فرع فلسطين، ان التحولات التي شهدتها وستشهدها الساحة العربية ستخلط الأوراق لصالح توجهاتها.
واذا كان المرء يتفق مع الاخوان بان التغييرات السياسية العربية وفي مقدمتها التغييرات في النظام المصري ستخلط الأوراق فعلا. وتحمل تداعيات مختلفة على الصعد المختلفة. ولكن ما لا تدركه حركة الاخوان المسلمين في فلسطين ومصر وغيرها، ان عملية الخلط للأوراق بقدر ما يمكن ان تحمله من انفراجات نسبية لفكفكة بعض التعقيدات المحيطة بالانقلاب الاسود في قطاع غزة ولبعض الوقت، بقدر ما ستحمل آفاقا في المدى المنظور في غير صالح الانقلاب الحمساوي، خاصة وان قادة ثورة الخامس والعشرين من يناير المصرية تنبهوا لاخطار منطق الاخوان. فضلا عن ان برنامج النقاط الثمانيه الذي أعلنه شباب الثورة يحمل في طياته الرد على التقديرات الخاطئة للاخوان المسلمين، التي تتركز في نقطة جوهرية عنوانها اقامة نظام سياسي مدني مستند الى الديمقراطية.
المهم ان قيادة الانقلاب الحمساوي ما زالت تغلق الباب امام اية نافذة ايجابية في طريق المصالحة وعودة الوحدة الوطنية لتظلل الاجواء والمناخات الايجابية الفلسطينية، لتوحيد الجهود، وتعزيز عناصر الصمود لمواجهة التحديات الاسرائيلية الجاثمة على رأس الشعب العربي الفلسطيني وقيادته السياسية لذات الاعتبارات والاجندات الاقليمية.
من هنا كانت المبادرة للدعوة للانتخابات التشريعية والرئاسية في الساحة الفلسطينية، مبادرة شجاعة تسجل لصالح القيادة الفلسطينية. ولكن هناك تعجل في تحديد التاريخ. حيث تضمن بيان اللجنة التنفيذية موعد اجراء الانتخابات قبل أيلول المقبل. وهذا التحديد كما يبدو من المؤشرات والمعطيات الماثلة، فيه الكثير من الابتعاد عن الواقع. ويحمل اسقاطا رغبويا لدى البعض في القيادة. وبالتالي الدعوة للانتخابات، هي دعوة مشروعة وشجاعة، ولكن امكانية تطبيق واجراء الانتخابات قبل ايلول المقبل، هي امكانية صعبة في ضوء الاستعصاء الحمساوي واستمرار الانقلاب جاثما على أنفاس المواطنين الفلسطينيين في القطاع، فضلا عن عوامل أخرى ادارية وسياسية محلية وعربية ودولية لا تساعد على اجراء الانتخابات في الموعد المحدد.