بقلم عضو المجلس الثوري / المحامي لؤي عبده

عندمانادت حركة فتح بشعارها كل الذين استعدوا لتحرير فلسطين وقالت البنادق كل البنادقنحو العدو المركزي وايضا ديمقراطية غابة البنادق، ووحدة ارض المعركةكان مفهوماصحيحا لان الساحة الفلسطينية انتشرت بها فصائل المقاومة، والتيارات السياسيةالعديدة وبالتالي كان لا بد من العمل على وحدة وطنية تجمع الجميع في اتجاه واحد .

لكن اليومنحن ندرك ان الوحدة الوطنية هي وحدة الكيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسيوالثقافي للمجتمع والشعب، وليس وحدة ادوات المعركة فقط، وبالتالي فان موضوع وحدةالمنظمة ووحدة السلطة الوطنية ووحدة الارض والشعب يعتبر العامود الاساسي للحركةالفلسطينية وكيان مجتمعنا الوطني، وهذه المفاهيم من كبرى شروط النضال والنصر، لذاان لم يكن هناك مفهوم واضح والتعامل به بين حركات التحرر الوطني، وبين حركاتالتحرر الجهادي ليس في فلسطين فحسب وانما في الوطن العربي ككل فان الفتنة ستنتشرفي المجتمع والواقع ويعلو التناقض الثانوي ليحل مكان التناقض الرئيسي .

وهناك تجاربمهمة على ساحة العمل الفلسطيني في اطار منظمة التحرير الفلسطينية وما تعرض لهالعمل الى انقسامات ابان انتشار الحركات اليسارية والماركسية والشيوعية بينما كانتالحركات الاسلامية وتياراتها خارج العمل كليا، ومنطوية على نفسها، وتجاوز النضالالوطني كل تلك التناقضات واثار التعددية البرامجية والشعاراتية وما الى اخره منمشكلات الساحة والعمل والمعيقات .

وقد ارتبطتجماعات على الساحة بقوى اقليمية وانشات جبهات سياسية فصائلية معارضة ومنقسمة عنم.ت.ف سواء في القطر اللبناني الشقيق، او الاردني، او في اقطار عربية شقيقة عبرتهذه الجبهات عن وجود بديل للمنظمة بل واحدثت تصدعات في الساحة .

من هنافان التاريخ مازال يكرر نفسه على ساحتنا الوطنية النضالية ومخاطر هذا الامر واضحةللجميع ماضي وحاضر وربما مستقبلا، وهنا هل من حريص لايقاف  مهزلة غزة وحالة الانقسام وادعاءالمدعين .........؟!

لا اعتقدان العمل الفلسطيني كما كان في الماضي انما تفاقمت مسؤولياته وتراكمت همومهومصاعبه وكبرت التحديات الداخلية والخارجية بل وبات الصراع ابدي لا يتوقف وسيبقىالاحتلال وحكومات اسرائيل على طريق سفك الدم الفلسطيني وسلب الارض وتهويد القدسودفع ابناء شعبنا الى الترانسفير .

والعالمبتركيبته السياسية والمصالح لا يمكنه ان يجبر اسرائيل التخلي عن سياساتها وبالتاليعلى حركات التحرر الجهادي الكف عن ممارساتها وسياستها ونهجها خلف الاوهام والسرابوالاساطير، لان الرواية تختلف عما يشيعونه لجماهير شعبنا، والالتزام بمنهج النضالالوطني وليس بتغير ثقافته وكفاحه التاريخي .

فتح تعاملتمع ذلك، والتزمت بالتعددية والديمقراطية وتداول السلطة بروح المسؤولية ولم تسعىلاقصاء احد، او التفرد بالقرار الوطني الذي من الممكن التعاون والشراكة به، طالمافعل الجميع بما فيهم الانتهازي في اطار وحدة البرنامج والعمل في المنظمة والسلطة .

لا خياراتاخرى للحالة القائمة المفروضة على ساحتنا بل الخيار الوحيد هو التزام بما حققهالنضال الوطني والسعي الى تطويره وتنميته لتحقيق حق تقرير المصير لشعبنا واقامةدولته المستقلة وهذا ماسيفرض على الاطراف الاخرى التي حاولت العبث بالساحةالفلسطينية .ومن خلال الممارسة سيهدا ثوران بركان التناقض وسيذوب على ارض الواقعوستتحقق تجربة اخرى في العلاقة مابين نظرية التحرر الوطني ونظرية التحرر الجهاديوستصبح نموذجا للاخرين في الوطن العربي .

فتح حققتفي هذا المضمار تطورا هاما، بل ونجحت في خلق حوار وطني لتحقيق الوحدة والتلاحمعندما اتبعت سياسة النفس الطويل وحققت اختراق في مفاهيم الحركات الاصولية المغلقة،ودفعت لايجاد اتفاق القاهرة، وماسبقه وماتلاه لكن الخلل في تركيبة وتفكير ومصالحجماعات هذه الحركات الغير قابلة للتطور والانفتاح، طالما لا تؤمن بان الارض هيجوهر الصراع وانما العقيدة وكذا المصالح الخاصة والثقافة الواهمة وغياب الرؤياللواقع .

والمشكلةالابرز ان هذه الحركات لا فهم لديها حول اولويات العمل ، ولا معرفة في المقدماتالمطلوبة له مما يعني ان العمل الفلسطيني يواجه ازمة من نوع اخر، بل ان هناك منيقدم الصراع العقائدي على الصراع الوطني متسترا به لتحقيق غايات الاخرين، وبرامجهمالعالمية وصفقاتهم السياسية والدولية للاستيلاء على السلطة في الوطن العربي، مدعياانه من يقف وراء الربيع العربي وحراك الشعوب المنتفضة، الاجندة مختلفة مابينالمدرستين التشكيليتين على الرغم من اعتراف الحركة الوطنية الفلسطينية بالحركاتالاصولية ودعوتها المستمرة لها ان تنتظم في العمل والجهد الواحد ورفض تلك الحركاتبطرق مختلفة لهذه الدعوات بالرغم من قبول فتح بالحد الادنى من العمل المشترك اوالموقف الوحدوي، لكي تواجه فتح العدو الحقيقي لشعبنا وبالتالي راحت الى ابعد من المرونةبالتفاعل مع مطالب هذه التيارات التي لا مستقبل لها في فلسطين، وستسقط نظرياتهاودعوتها كما حصل في الماضي لشبيهاتها وكذا في الوطن العربي، لماذا لان العالممجتمعا وقواه الرئيسية والمتجبرة يرفض ان تقام دولة اصولية في فلسطين كما في وسطاوروبا، كما في وسط الاتحاد الروسي وكذلك لا مستقبل للواقع ومحتوياته ومكوناتهوحركاته، في قطاع غزة حتى وان ساعدهم الاحتلال الاسرائيلي على عملية الفصلوالانقسام ومحاولات الابتزاز من هنا وهناك بل هذا الواقع يساعد اعداء قضيتنا اكثرمن اي وقت مضى للمضي في طريق المراوغة السياسية والدولية، ويضعف كفاحنا الوطنيويدخله في دوامة الفناء والضياع فهل من يفهم ذلك ؟!

ان الادواتوالاشخاص الذين وضعوا انفسهم بيد الاخرين الاقليميين والمذهبيين وماشابه ذلكسيجدوا انفسهم مع مرور الزمن او الوقت انهم عاجزون غير قادرون الخروج من ورطتهمعندما يحقق الاقليمي مصلحته ويكتفي منه كورقة للاستخدام السياسي، ويمضي الوقت ويلحقالضرر بكل ماحققه الشعب الفلسطيني من انجازات بالتضحية والفداء والتحمل والصبروالصمود والكفاح .

هؤلاء اكتشفوااليوم انهم ليسوا على راس الاجندة لدى الاخرين المتدخلين في ساحتنا وقضيتنا بلمجرد ورقة احتياط تستخدم كلما طلب ذلك واكثر من هذا، فان الصورة انجلت اليوم اكثرمن اي وقت مضى عندما دب الخلاف فيما بين قياداتهم ومصالحهم، حيث تم تغيير شكلالخارطة الداخلية لهم، وبدؤوا باقصاء بعضهم بعضا لان هناك من استجاب لصحوة العقلوالمنطق وهناك من تورط بتحقيق المكاسب والمصالح الشخصية، وهذا ما يجب السعي الىتوضيحه بصورة موضوعية واضحة حتى تتعظ منه الجميع على ساحتنا .

لكن نقولوبموضوعية الانفراج على ساحتنا اليوم مازال بعيدا وقد يكون امنية في صدور الناسوعيونهم لان من يقرا المجريات والتطورات الجارية على ساحتنا ومحيطها العربيلايتوقع ان هؤلاء يستجيبوا الى مخاطر العزلة والانقسام (( المشبوه )) الذي لا مصلحة لشعبنا فيه،بل هو ضد ارادة التاريخ لانه لا يحمل في محتواه سوى الضياع والتيه والضرر، هذه هيالصورة التي تهدد وحدة العمل الفلسطيني ووحدة الحاضر والمستقبل وتدفع بالقضية الىالهاوية، من لا يدرك ذلك يضاف الى قائمة الهموم والماساة التي نعيش .

خاصة وانشعبنا ضاق واحتقن صدره من ممارسات لا تمت له باي صلة، ومن برامج باتت للهو والعبثومضيعة للوقت في وقت يزداد الحصار الاجتماعي والمعيشي بل ويتحول العيش الى المزيدمن الصعوبات بل ويتراجع الاقتصاد ويتضاعف الخطر، وتضعف الوحدة والكفاحية ان لميفاجئنا شعبنا قريبا او بعيدا بتطورات تفرضها طبيعة الارادة الفلسطينية ويعيد الىالواقع حقيقته الاساسية، لان هذا الشعب اولا واخيرا سيدافع عن نفسه من الاخطارالجمة التي تحدق بوجوده ومستقبله طالما لا احد من هؤلاء يستجيب لدعوات العقلوالحقيقة .

يتبع