بقلمعضو المجلس الثوري لحركة فتح / المحامي : لؤي عبده

فتحأسست تجربة جديدة  ملموسة على الأرض الفلسطينيةلأول مرة  في تاريخ الكفاح الوطني، وبعد تجربةالمنافي والشتات والتبعثر؛ حين أقامت كيانا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، بعد التوقيع  على اتفاق أوسلو عام 93.

مضىعلى تلك التجربة عقدان من الزمن، تخللها صدامات ومنعطفات هامة كبيرة في الصراع مع حكوماتالاحتلال وقوى الاستيطان الإسرائيلي، كان مها ما هو صدام مسلح، ومنها ما كان جماهيريوسياسيا، إلى أن تم تدمير تلك التجربة وانهاكها بالرصاص والقذائف التي تم توجيهها إلىبنيتها التحية من الاحتلال وغيره، في تمهيد لنفض الاحتلال يديه من كافة الاتفاقات والتفاهماتالتي أبرمها مع  منظمة التحرير والسلطة الوطنيةأمام العالم و بإشرافه المباشر ودعمه خصوصا حين يرتبط الموضوع بالولايات المتحدة الأمريكيةودول الغرب.

باتالتعايش مع تجربة السلطة الوطنية واضحا نوعا ما حيث أصبحت واقع حياة في مجتمعنا الفلسطيني.تجربة رأت  حركة فتح بأنها يمكن أن تكون مرحلةانتقالية نحو إقامة الدولة المستقلة والاستفادة منها في عملية بناء مؤسسات الدولة بالتزامنمع النضال السياسي والجماهيري من أجل ذلك، ووظفت في سبيل ذلك كل غال ونفيس كأنها"السلطة" هي التجربة الوحيدة، مع العلم بأن مشروع السلطة كان مطلوبا منهما هو أكثر مما كان في واقع الاتفاقات المبرمة، وعقدت عليها آمال أكبر من بنود"أوسلو" لذا وقعت في الإخفاق ولم تستطع سوى  ممارسة الإدارة السكانية، والإدارة السياسية، لذاتعتبر السلطة في نظر الكثيرين مخيبة للآمال لدى الغالبية العظمى التي لن تنظر"وفق النمطية العربية" إلا إلى ما ينقص من الكأس  تجاهلا إلى أن الكأس فيها ماء لم يكن موجودا منقبل.

تعلقالناس أيضا  بتلك التجربة التي توصف بالمخيبةللآمال من منطلق الحاجة وليس من منطلق الإيمان بحتمية تنفيذ برنامجها ودعمه وصولا للدولة،سيما وبأنها لا تلبي طموحهم بالعيش في حرية واستقلال، وطالت وعودها بالاستقلال، معوجود إنجازات مؤقتة تم الاستفادة منها، ومع ذلك يُحكم عليها بالفشل لأن السقف المطلوبهو التحرر من قيد الاحتلال والقضاء على الاستيطان بتحقيق السلام الذي يرتبط بالذهنعلى أنه إقامة دولة فلسطينية مستقلة ضمن فكرة حل الدولتين التي تعطينا الحد الأدنىمن حقوقنا الوطنية التي لا يمكن التنازل أكثر من ذلك.

وفتحلم يتوقع مناضلوها وثوارها بأن يُفرض عليهم وعلى شعبنا تجربة محدودة الكيانية والوجوديةلعقدين من الزمن، وهم الذين آمنوا بإقامة السلطة الوطنية على أي أرض محررة سياسية أوعسكريا "نضاليا"  ضمن مفهوم الممكنسياسيا وعلى قاعدة خذ وطالب، إلا أن عقدين من الجمود لا تخدم شعبنا بل كانت عاملا فيتكريس الاحتلال والاستيطان، وكان للعدو والانتهازيين على السواء منفعة منها، فلا السلطةتوفر الأمن لمواطنيها  من الاحتلال، ولا الأمنالاقتصادي الأمثل، وساهم الاحتلال في  زيادةالضغوط على السلطة الوطنية في ظل انشقاقات الموقف الفلسطيني على طريق لجم الإرادة الوطنيةوإدخالها في الصراعات ونهج الترويض والسيطرة، بما لا يدع مجالا للشك أن التفاوض معالاحتلال بات غير مجدٍ في حل الصراع العربي الإسرائيلي.

واستمرار  هذا الحال يعتدي على مفاهيم حل الصراع بالقوة أوالتفاوض كما أشرنا سابقا، وإذا ما فشل التفاوض تُدفع الشعوب إلى الصراع الأبدي الذييسبب الكثير من المآسي وسفك الدماء والقهر والمعاناة والفقر والضياع.

لايمكن لحركة فتح أن  تتجاهل الواقع فإدراك الواقعوعي مطلوب في توجيه الشعوب، ولا يمكن أن تقبل "فتح" أن يعيش شعبها في المجهول،وفقدان الحقوق والتوازن، والمسألة ليست متروكة هنا للأجيال كي تقرر، لأن مثل هذا الأمريشكل حالة هروب جبانة للأمام، وتُخلي الطريق بشكل غير مباشر للاحتلال على طريق فرضالأمر الواقع، والشعب الفلسطيني تجاوز قضية التراكم النضالي في تحقيق الجهوزية !

إنروح النضال الفلسطيني أقوى من كل الاجتهادات السياسية، والتكتيكات الإرضائية، وأقوىمن التائهين فهذا مصير شعب وأمة ووطن وأرض و مستقبل.

وفتحقادرة عبر  رصيدها الجماهيري وصراحتها ووضوحهاأن تقدم المعالجات لا المناورات و الالتوائية بوصول المشروع المؤقت إلى طريق مسدود،وظهرت حقيقة الاحتلال وموقفه الواضح من طموحات شعبنا بل وقرارات المجتمع الدولي، والمسألةليست مطلبية معيشية، بل مسألة وجود تحت عنوان " إما أن  نكون وإما أن لا نكون مهما حاول البعض الاجتهادفهذا أساس الصراع.

وعليهنعتبر أن كل النظريات المسكنة "لأوجاع العملية السياسية" وكل النظريات العقائديةالمنغلقة لا تصلح لواقع فلسطين و شعبها، بل نحن بحاجة إلى إزالة الاحتلال، وإيقاف الاستيطانوإزالة آثاره القاتلة للدولة في حدود 67، وأن يتم تقرير المصير  لشعبنا الفلسطيني كما يشاء وكفل له العالم الداعملقضيته.

وحتىإن كان أعداؤنا أقوى منا بكثير؛ فلا مبرر للقبول بواقع لا يلبي الطموحات التي رفع سقفها  عاملان أساسيان عبر التاريخ  يأتي الأول عبر النضالات التي حققها الشهداء والأسرى عبر التاريخ، وأما الثاني فما كفلتهالشرعية الدولية للشعب الفلسطيني ودعم أحرار العالم المستند إلى نضالنا السياسي أيضاعبر التاريخ، والحق في حاضنة الشعوب اقوى من القوة المنفردة مهما ارتفع موجها.

وفيظل إصرارنا المتواصل على تحقيق العدالة والحرية، وتعنت الاحتلال لماذا ننادي بالسلامالعادل طالما ما من مجيب إلى بالرصاص والقنابل المطلقة صوب  دعوتنا السلمية؟ ولماذا ننادي للحرية والاستقلالعبره والاحتلال يتعامل بعنصرية تختطف أبناءنا يوميها إلى غياهب السجون؟ أو تغتال أطفالناإلى عمق التراب؟

علىفتح أن تجيب أيضا على ذاك السؤال في ظل واقع القسوة التي يعيشها المواطن الفلسطينيتحت احتلال ناشط في تدمير كل مقومات حياته، وفشل تجربة السلطة في الوصول إلى الدولة،والتي يتعين إعادة النظر في إدائها وما يلزمها حتى تصل إلى دولة مستقلة فلربما ما ينقصهو "الأداء وكثير من النضال".