الرئيسبمناسبة الذكرى الـ64 للنكبة:

 إننا على هذه الأرض باقون كالسنديان باقون كأشجارزيتوننا باقون

 

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أبناء شعبنا الفلسطينيفي الوطن والشتات

أُخاطبكم اليوم بمناسبةذكرى كانت البداية لمأساتنا المتواصلة منذ أربعة وستين عاماً، واليوم يتوحد شعبنا بكلأطيافه لإحياء ذكرى النكبة التي شردت شعبنا ولا زال يعاني من آثارها كل مواطن ومواطنةفلسطينية، سواء تحت الاحتلال أو في مخيمات اللجوء والشتات.

إن نكبة شعبنا عام1948 لا مثيل لها في التاريخ الحديث للشعوب والأمم، فتحت مقولة 'أرض بلا شعب لشعب بلاأرض' اقتُلِعنا من مدننا وقرانا، وشُطِب اسم فلسطين عن الخارطة، وأضحى اسم الفلسطينيمرادفاً لكلمة لاجئ، وتم التعامل مع قرارات الأمم المتحدة بانتقائية، فما كان في صالحنانسبياً تم تجاهُلُه، وما كان في صالح إسرائيل تم تثبيته، فقرار التقسيم تم نسيانه منقبل الأمم المتحدة، وشروط قبول إسرائيل عضواً في الجمعية العامة، والتي نصت على الالتزامبالتقسيم، وعلى عودة اللاجئين، لم يلتفت إليها أحد.

لقد أدى الدعم غير المحدودلإسرائيل من قبل قوى دولية عظمى إلى قناعة قادتها بأن إسرائيل فوق القانون، وبأن مصيرالفلسطينيين: كبار السن سيموتون والصغار سينسون، بل وصل الأمر إلى حد التصريح بأنهلا وجود لشعب فلسطيني.

يتذكر جيلُنا، جيلُ النكبة،السنوات الأولى التي أعقبت عام 1948، ومعاناة من بقوا على أرض وطنهم أو أصبحوا لاجئينفي وطنهم، أو لاجئين خارج وطنهم، فكلهم في المعاناة سواء؛ الأخ يبحث عن أخيه، والأمعن اِبنها، ويكافحون من أجل البقاء ولقمة العيش، ولكنهم لم ينسوا فلسطين ولا حقهم فيفلسطين، فالوطن في قلوبهم ووجدانهم، وكان لا بد للمعاناة أن تفجر ثورة انطلق بها شبابمستعدون للتضحية بالغالي والرخيص من أجل الوطن، فكانت فتح والانطلاقة عام 1965، وكانتمنظمة التحرير الفلسطينية بدايةً لصفحة جديدة في تاريخ شعبنا وتاريخ المنطقة، بدأنانضالاً لا زال متواصلاً، وإن بأشكال مختلفة لتحقيق ثوابتنا الوطنية في إنهاء الاحتلالوإقامة دولتنا المستقلة على حدود الرابع من حزيران العام 1967، كاملة السيادة وعاصمتهاالقدس الشريف، وحق لاجئينا في العودة إلى وطنهم حسب قرار الأمم المتحدة رقم 194، وبموجبالمبادرة العربية للسلام.

 

إننا نناضل في سبيل تحقيقهذه الأهداف على جبهات متعددة وبوسائل مختلفة، واضعين نصب أعيننا وفي وجداننا بأن الفضلالأول في تزايد الاعتراف الدولي بحقوقنا، والتضامن معنا، يعود إلى عدالة قضيتنا، وتضحياتشهدائنا الأبرار، ومعاناة وصمود أسرانا.

انطلقت هذه الثورة بقيادةشهيدنا وقائدنا الرئيس الخالد الأخ أبو عمار الذي نسترجع باستمرار مآثره بكل إكباروافتخار، حيث عاش واستشهد مسكوناً بحلم الهوية والحرية والاستقلال، فكان محارباً لاتلين له قناة، كما كان أيضاً مفاوضاً صلباً ومدافعاً عنيداً عن الحق الفلسطيني، فلروحهولأرواح كل شهدائنا الطاهرة وعدنا وعهدنا بمواصلة المسيرة.

اليوم لا توجد أمامنا قضيةملحة ولا هم أكبر من موضوع أسرانا الذين خاضوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام، بدأه بعضهممنذ شهرين ونصف، وأعلن الآلاف منهم الإضراب عن الطعام منذ يوم السابع عشر من نيسان،مطالبين بحقوق مشروعة لهم حسب القانون الدولي الذي تنتهكه السلطات الإسرائيلية بممارستهاالعزل الانفرادي، ومنع الزيارات، والاعتقال الإداري، وسلسلة طويلة من التصرفات المشينةوغير الإنسانية. إن هذه السياسة المخالفة للقانون الدولي الإنساني مورست وتمارس طيلةسنوات الاحتلال بحق عشرات الآلاف ممن دخلوا السجون وبعضهم بقي اثني عشر عاماً في العزلالانفرادي.

آن الأوان لأن تدرك الحكومةالإسرائيلية بأن هؤلاء الأخوات والإخوة هم مناضلون من أجل الحرية، ومعركة أسرانا اليومهي معركتنا جميعاً، وكنا ولا زلنا نضع قضية أسرانا في سلم أولوياتنا، وهدفنا الأساسهو الإفراج عنهم جميعا، وإنهاء معاناتهم ومعاناة أهلهم.

أما على المستوى الدوليفقد بدأنا مع أشقائنا العرب وأصدقائنا في حركة عدم الانحياز بالإعداد لنقل موضوع الأسرىإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن طرح هذا الموضوع على اللجنة الدولية لحقوقالإنسان، وفي حال عدم استجابة الحكومة الإسرائيلية للمطالب العادلة لأسرانا، فإنناسنبحث في الآليات التي تمكننا من تقديم هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأحذرمن تعرض حياة أي أسير للخطر.

فتحيةً إلى أسرانا البواسل،والعهد هو العهد بأن تبقى قضيتهم على رأس جدول اهتمامنا، حتى ينعموا بالحرية بين أهلهموشعبهم، لنبني معاً إن شاء الله دولتنا المستقلة الحرة التي من أجلها سقط الشهداء وعانىالأسرى.

 

أيتها الأخوات، أيها الإخوة

نعلم وتعلمون المصاعب والمشاقالتي نواجهها من قبل طامع في أرضنا، منكر لحقوقنا، متغطرس بقوته، يحظى بكل أشكال الدعموالرعاية، لا يحترم القانون الدولي ويتنكر للاتفاقات الثنائية، ولكننا نحن أبناء الشعبالذي لا يعرف اليأس، ولا تلين له قناة، الشعب الذي هزم الهزيمة، الشعب الذي تعترف اليومبحقوقه الوطنية وبدولته، الأغلبية الساحقة من دول العالم الأعضاء في الجمعية العامةللأمم المتحدة.

إن الواجب يقتضي بهذه المناسبةالتي تمس مصيرنا الوطني الجماعي، ومصيرَ كل مواطن فلسطيني بشكل شخصي أيضاً، أن نتصارحونتكاشف حول وضعنا والرؤية نحو المستقبل.

فعلى الصعيد الداخلي لابد من طي صفحة الانقسام السوداء بكل آلامها وإلى الأبد، وإعادة اللُحمة لوحدة الوطنوالشعب، وذلك تأسيساً على ما اتفق عليه في القاهرة والدوحة بشأن تشكيل حكومة من شخصياتمستقلة، قَبلتُ أن أكون رئيساً لها لفترة انتقالية، تبدأ أولاً بتمكين لجنة الانتخاباتالمركزية من العمل وتسجيل أسماء الناخبين وتجديد سجلهم في قطاع غزة، على أن تشرف الحكومةعلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتعيد البناء في قطاع غزة.

وللأسف، فإن ما اتفق عليهفي الدوحة عارضته وأعاقت تنفيذه قيادات من حركة 'حماس' في قطاع غزة تحت ذرائع وحججواهية، مغلبة المصالح الفئوية الضيقة على المصلحة الوطنية العليا، مستخدمة كلمة المقاومة،وكأنها نقطة الخلاف فلسطينياً، وهنا أود التذكير بأن مقاومة الاحتلال مفهوم شامل وواسع،أداوته ووسائله مختلفة، تحددها في كل مرحلة المصلحة الوطنية العليا، فنحن كنا المبادرينإلى المقاومة المسلحة طيلة سنوات طويلة، وبفضلها أنجزنا الاعتراف بحقوقنا، وبأن منظمةالتحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بعد أن كانت المنظمةلسنوات طويلة تعتبر من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرها منظمة إرهابية.

وبموجب هذا الاعتراف تمالتوصل إلى اتفاق أوسلو، والمعروف باسم إعلان المبادئ عام 1993، والذي أرسى وأقام لأولمرة في تاريخ شعبنا سلطة وطنية على الأرض، حققت إنجازات يجب ألا يُستهان بها رغم كلالممارسات الإسرائيلية المعروفة، إذ عاد إلى أرض فلسطين أكثر من أربعمائة ألف مواطنفلسطيني، وتوقفت سياسة الإبعاد والتهجير الجماعي التي كانت تمارسها إسرائيل، بطرد مواطنيناإلى دول الجوار، وبالرغم من حالات معينة أعلنا ونعلن رفضنا لها معارضتنا، كما استطعنابناء مؤسسات وطنية عديدة من جامعات ومستشفيات ووسائل إعلام، بل ومدن جديدة، وهذا كلهلا يغير حقيقة أن إسرائيل تواصل حصارها الظالم لقطاع غزة، وتواصل الاستيطان في القدسوالضفة الغربية، وهو ما يقتضي منا مواصلة مقاومتنا، أما الأساليب فهي متعددة، كالمقاومةالشعبية السلمية ضد الاحتلال والاستيطان والجدار، التي يشارك فيها متضامنون أجانب ودعاةسلام إسرائيليون يتعرضون معنا للاعتداء من قبل قوات جيش الاحتلال، إضافة إلى مقاطعةمنتجات المستوطنات داخل الوطن وفي الخارج، ومقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيليةالمقامة في المستوطنات، فهذه مقاومة يشارك فيها الآلاف من الأكاديميين والمثقفين والمواطنينالعاديين الأوروبيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى الفلسطينيين.

ومن أشكال المقاومة أيضاً،تمسكنا بالشرعية الدولية ومصداقية خطابنا الذي كسبنا عبره تأييد العالم، والذي أدىإلى اتهامي شخصياً من قبل مسؤولين إسرائيليين بشن حرب إرهابية دبلوماسية قانونية، وبأننيأريد عزل إسرائيل ونزع الشرعية عنها.

أما جبهة المقاومة الأهم،فهي ثبات وصمود وتمترس الإنسان الفلسطيني على أرضه، بتوفير الأمن والعيش الكريم له.

إن التعديل الذي نجريهعلى الحكومة الحالية يهدف إلى تمكينها من تأدية مهامها بكفاءة، وهذا لا يتعارض مع مااتُفِق عليه، ولا يُعيق المصالحة، فهذه الحكومة ستستمر إلى حين تشكيل الحكومة التياتفق عليها في القاهرة والدوحة، فعلينا إنجاز ما هو ممكن اليوم للوصول إلى ما هو مطلوبغداً، فهذه الحكومة ليست عقبة في وجه المصالحة، كما أن إجراء الانتخابات التي جرت مؤخراًلمجالس الطلبة في جامعاتنا ولعدد كبير من النقابات، ليست نقيضاً للمصالحة، وإنما هيجزء من نهجنا الديمقراطي الذي يجب أن نحافظ عليه، وقد آن الأوان لإجراء الانتخاباتالبلدية أيضاً، وهذه ستجري قريبا جدا، والتي نأمل أن تجري في شطري الوطن.

إن ما يعيق إنجاز المصالحةليس الحرص على المقاومة، وإنما اعتبارات أخرى، آمل تجاوزها بأسرع وقت ممكن، وسأواصلبذل كل الجهود من أجل هذا الهدف السامي، فإنجاز المصالحة أمنية لكل الشعب وفي الطليعةمنهم أمنية أسرانا .. فهل من مستجيب؟؟.

 

أيتها الأخوات والإخوة

يا أبناء شعبنا العظيم

إن إدراكنا لمسؤولياتناوواجباتنا وحرصنا على الأمانة التي حملتمونا إياها، في قيادة شعبنا ومعالجة قضاياهالمتشعبة والمتعددة، يحتم علينا أن نحدد أولوياتنا، وأن نحسن إدارة هذا الصراع بدونمزايدات أو شعارات جوفاء، مع تمسك، لا يلين، بثوابتنا، وبعزيمة لا تنكسر مهما كانتالصعاب.

كيف نحمي القدس من مخاطرالتهويد؟ فالاستيطان داخل المدينة وحولها يسير بوتائر لم تحدث منذ عقود، وهدم البيوتوتشريد أصحابها ممارسة يومية، والمسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثاني المسجدينوثالث الحرمين الشريفين هو هدف ثابت لأطماع الاحتلال والمتطرفين، ومنع المؤمنين مسلمينومسيحيين من دخول المدينة للصلاة، وفرض الضرائب الباهظة على المواطنين لإجبارهم علىالهجرة، كل هذا سياسة لا تسمية لها سوى التطهير العرقي.

أمام هذا الخطر لا تكفيالأقوال، بل نريد أفعالاً، تدعم صمود أهلنا المقدسيين الأبطال المرابطين دفاعاً عنالأقصى وكنيسة القيامة، بتنفيذ أشقائنا لتعهداتهم المالية التي أقرت على مستوى القمة،والاستثمار في مشاريع تحقق تنمية اقتصادية مستدامة، وزيارة’ أكبرَ عددٍ ممكن من الأشقاءللمدينة تضامناً مع أهلها وليس تطبيعاً مع العدو، كما يزعم البعض.

فإذا كانت الحكومة الإسرائيليةتمنع المتضامنين الأجانب من المجيء إلى الأرض الفلسطينية وإلى القدس، وتطردهم بالقوةأو تحتجزهم في المطارات، فهل يتوافق معها أصحاب الأصوات الذين يحرمون المجيء إلى القدسوزيارتها والصلاة في المسجد الأقصى؟.

إنني أناشد القادة والمواطنينالعرب والمسلمين والمسيحيين، وكل أصحاب الضمائر الحية، وكل الحريصين على بقاء بوابةالسلام مفتوحة، بأن يحموا القدس من التهويد، وأن يثبّتوا صمود أهلها بالزيت أو بغيرالزيت، بالزيت كما طالب الرسول عليه الصلاة والسلام، أما نحن، فإننا رغم الأزمة المالية،وتعبيراً عن التضامن ودعم صمود القدس والمقدسيين، فإننا قررنا التبرع لهم بيوم عملمن قبل كل العاملين والموظفين في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنيةالفلسطينية، وحتى في القطاع الخاص، وثقتي تامة بأن الأخوات والإخوة كافة يوافقون بطيبخاطر على تأدية هذا الواجب الوطني.

إن القدس هي بوابة ومفتاحالسلام، والعبث بالمدينة المقدسة من قبل الاحتلال هو إذكاء لنيران التوتر والحروب فيالمنطقة والعالم، فنحن متمسكون بكل ذرة تراب، وبكل حجر في القدس، ولن يكون هناك أياتفاق سلام لا يتضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس عاصمة دولتنا الفلسطينية.

إننا نقدر المواقف الإيجابيةالتي عبرت عنها دول الاتحاد الأوروبي بشأن الممارسات الإسرائيلية في القدس، كما نقدررفض دول العالم للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا التفهم الدولي هو جزء من قناعةالمجتمع الدولي بأن الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية انسداد أفق عملية السلام، برفضهاالوقف الشامل للنشاطات الاستيطانية والتفاوض على أساس حدود 1967، لأن المفاوضات لاجدوى منها في ظل استمرار الاستيطان، ومن العبث التفاوض على الحدود في حين يعمل الاحتلالعلى رسم وفرض الحدود التي تلبي أهدافه التوسعية، وعبر طرح فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتةالتي رفضناها ونؤكد مجدداً على رفضها.

إننا من حيث المبدأ معالمفاوضات المستندة إلى مرجعيات وأهداف واضحة، وكل ما نجريه من اتصالات ومن رسائل متبادلةالغاية الأساسية منها هي الوصول إلى نقطة سنعرف عندها ويعرف العالم أيضاً، إن كانتإسرائيل تقبل بإنهاء احتلالها وإقامة دولتنا، علماً بأن البديل الذي يتسع الحديث عنههذه الأيام هو دولة ثنائية القومية، وهذا ما نرفضه أيضا.

 

الأخوات والإخوة الأعزاء

لا يوجد في العالم بأسرهمن ينكر وجود شعبنا، ولا حقه في دولته المستقلة على أرضه، وهذا إنجاز تاريخي عظيم بحدذاته، مكننا من الحصول على العضوية الكاملة في عدة مؤسسات دولية، بينها منظمة دوليةهامة مثل 'اليونسكو'، وكان بالإمكان الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لولاالضغوط التي مورست على عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ولكن مساعينا ستتواصل للحصولعلى حقنا المشروع، سواء كدولة كاملة العضوية أو كدولة غير عضو في الأمم المتحدة.

ويهمني هنا، أن أقولهابصراحة، إننا لا نريد صداما مع الولايات المتحدة، إذ رغم علاقاتها المميزة والخاصةوالمنحازة لإسرائيل، فقد قامت بتقديم دعم هام ومقدر للشعب الفلسطيني وللسلطة الوطنيةالفلسطينية، وندرك جيداً أهمية ومحورية الدور الأميركي في أية عملية سلام جادة، ومانسعى إليه ونعمل من أجله هو أن يكون الدور الأمريكي أكثر توازناً لتكون الوساطة نزيهة،وحتى لا تبقى الولايات المتحدة متهمة بالانحياز وباعتماد المعايير المزدوجة في تطبيقالقرارات الدولية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وانتهاكاتها للقانون الدولي.

 

أيتها الأخوات، أيها الإخوة.. يا أبناء شعبنا

إن فلسطين جزء من الوطنالعربي، ونحن باعتزاز ننتمي إلى هذه الأمة العربية العظيمة التي انطلق منها الإيمانوالتوحيد، فهي أرض الأنبياء والرسل، وهي مهد الحضارات، وهي صلة الوصل ما بين الشرقوالغرب، إنها أمة حية تشهد اليوم ربيعاً متجددا.

 

نتابع بأمل كبير أن تحققالشعوب العربية ما تتوخاه من ديمقراطية وعدالة، وأن يجلب هذا الربيع العربي معه المزيدمن التضامن والتكافل والتكامل دون إراقة الدماء وتدمير البلاد.

إننا شديدو الحرص أمامما جرى ويجري في عدد من الدول العربية على التمسك بشعار رفعناه منذ ما قبل الانطلاقةعام 1965، وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.

إننا لن نكرر أخطاءً حدثتعن قصد أو غير قصد في الماضي، فنحن مع الشعوب العربية فيما تقرره، ولا نتنكر لمن ساعدناووقف إلى جانبنا، واتبعنا هذا النهج تجاه الأحداث في مصر، وتونس، وليبيا، واليمن، وهونهجنا تجاه ما يجري اليوم في سوريا.

لم نتردد سابقاً، ولن نتردداليوم، في إبداء النصيحة الأخوية بضرورة إنقاذ البلاد والحفاظ على أرواح المواطنينوتشجيع الحوار، دون الاصطفاف إلى جانب أي طرف، ونقول لأبناء شعبنا الفلسطيني في الدولالعربية الشقيقة، احذروا من الانزلاق إلى الصراعات الداخلية، واعزلوا وأبعدوا من يريدتوريطكم، ولتكن المخيمات واحات أمن ومصدر عون ومساعدة حيثما استطعتم ذلك.

لقد أثبتت السياسة الحكيمةالتي اتبعناها صوابيتها، فلم تتأثر علاقاتنا مع الدول العربية التي شهدت ربيعاً، وأثبتتالشعوب العربية أن قضية فلسطين، قولاً وفعلاً، هي القضية المركزية للأمة العربية مهماتغيرت الأنظمة.

هذا هو الموقف الرسمي لمنظمةالتحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، ونحن نقدر للأشقاء العربكل ما قدموه ويقدمونه من دعم لنا، لا نتدخل في شؤونهم الداخلية ولكننا نحرص على التشاوروالتنسيق معهم.

 

أيتها الأخوات والإخوة،،

تولي مؤسسات منظمة التحريراهتماما بالغا، بقضايا إخواننا اللاجئين والمهجرين والمغتربين الفلسطينيين في مختلفالساحات، ونبذل أقصى الجهود للمساعدة وتخفيف آلام الغربة عن الوطن، ففي لبنان حيث يعيشنحو نصف مليون لاجئ فلسطيني، يمنعون من العمل في عشرات المهن، تحت ذريعة رفض التوطين،وسبق أن دفعوا أثماناً غالية أثناء تواجد القيادة الفلسطينية في لبنان، وبعد الخروجعام 1982، وما تعرضوا له من مجازر في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا، قمنا بإطلاق عدد منالمشاريع لمساعدتهم، فأنشأنا صندوق الطالب الفلسطيني، وقد بلغ عدد المستفيدين من طلبةالسنتين الأولى والثانية نحو ألف وخمسمائة طالب وطالبة، ومشروعا آخر، هو مشروع صندوقالتكافل الأسري، كما أطلقنا خلال الفترة الماضية مشروعا جديدا يوفر فرص العمل بتقديمقروض ميسرة.

وعلى الصعيد الصحي، يديرالهلال الأحمر الفلسطيني عدداً من المستشفيات والعيادات لأبناء شعبنا في لبنان، كمايدير الهلال الأحمر أيضاً عدداً من المستشفيات والعيادات لأبناء شعبنا اللاجئين فيسوريا، وفي القاهرة هناك مستشفى فلسطيني يقدم الخدمات لأبناء شعبنا.

وأما بشأن إخواننا اللاجئينالفلسطينيين في العراق، وما تعرضوا له في السنوات الماضية، فإننا نتابع باهتمام قضايامن توزعوا منهم على عدد من دول العالم، من خلال سفاراتنا، أو عبر اتصالات مباشرة معهذه الدول، وقد بحثنا مع الأخوة القادة العراقيين مباشرة أوضاع إخواننا الذين لا زالوايعيشون في العراق.

وفي مصر الشقيقة، حيث يوجدعدد من إخواننا لاجئي عام 1948، يعيشون في وضع خاص جداً، ولا تشملهم حتى خدمات ورعايةوكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، ويمارسون أعمالاً بسيطة، والتحصيل العلمي لأبنائهممحدود جداً، لذلك قررنا أن يشمل صندوق مساعدة الطلبة في لبنان طلبتنا من أبناء اللاجئينفي مصر، كما أننا بصدد البدء في تنفيذ برنامج إقراض للمشاريع الصغيرة لهم.

إن منظمة التحرير الفلسطينيةمع تمسكها بحق عودة اللاجئين كحق مقدس، فإنها تقوم أيضاً برعاية ومتابعة ومساعدة إخواننااللاجئين في أماكن تواجدهم كافة، كما تولي مؤسسات المنظمة اهتمامها ورعايتها لإخوانناوأخواتنا المغتربين والمهاجرين الفلسطينيين، وبعضهم من أبناء الجيل الثالث أو الرابعأو الخامس في الأمريكيتين، وللجاليات الفلسطينية الحديثة العهد في أوروبا ودول غربيةأخرى، والجاليات الفلسطينية في الدول العربية الشقيقة وخاصة في دول الخليج.

إننا نعمل كل ما بوسعنالتنظيم هذه الجاليات وتوحيدها حول الهدف الوطني، فدورها الأساسي هو التعريف بقضيتناوكسب الأصدقاء والمتضامنين في بلاد اغترابهم، وقيامهم بزيارة الوطن والاستثمار فيه،فهم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني، ولهم ممثلون في مجالسنا الوطنية، وسيشاركونفي الانتخابات القادمة لاختيار ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني.

فتحيةً لكم أيها الإخوةاللاجئون والمغتربون من أرض وطنكم ووطن آبائكم وأجدادكم.

 

أيتها الأخوات والإخوة.. أيها الفلسطينيون في كل مكان،،

علينا في الذكرى الرابعةوالستين للنكبة أن نستخلص دروساً وعِبراً من النكبة التي لحقت بشعبنا، وأول هذه الدروسأهمية الوحدة، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الضيقة والفئوية، وثاني هذه الدروس أنتكون أفعالنا أكثر من أقوالنا، وثالث هذه الدروس أن نحسن الدفاع عن قضيتنا وحقوقنا،ورابع الدروس أن القوة بحاجة إلى مثابرة وعمل متواصل.

إننا على ثقة تامة بأنالتاريخ لن يعود أبداً إلى الوراء، والاحتلال الإسرائيلي مهما بالغ في عدوانه وجبروتهفهو إلى زوال، ومصلحة شعوب المنطقة، بما فيها شعب إسرائيل هي تحقيق السلام، ولا سلامدون الاعتراف بدولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، أما الاستيطان فلن يجلب السلامللإسرائيليين، وبدون السلام ستبقى إسرائيل جزيرة معزولة وسط محيط مُعادٍ لها.

إنني أتوجه في هذا اليومبالتحية لأبناء شعبنا الصامد في قطاع غزه الحبيب، وأتطلع إلى غد قريب جدا ينهي الانقسامويعيد الوحدة، ويتصافح ويتعانق الأخ مع أخيه.

في ذكرى النكبة يؤكد شعبناتمسكه بحقوقه الوطنية مختزناً في ذاكرته أسماء مدنه وقراه مهما تغيرت، وفي ذكرى النكبة،نرسل للعالم أجمع رسالة مؤداها أننا بعد أربعة وستين عاماً، ورغم كل ما ارتكب بحقنامن جرائم، ومن مشاريع تهجير وتوطين، فإننا على هذه الأرض باقون، كالسنديان باقون، كأشجارزيتوننا باقون...

تحية إلى الذين صنعوا تاريخاجديدا لشعبنا، إلى من قادونا من النكبة إلى الثورة إلى الدولة، إلى أرواح شهدائنا الأبرار،وفي الطليعة مفجر وقائد ثورتنا الأخ القائد التاريخي أبو عمار، وكل رفاقه وإخوانه قادةوكوادر، وإلى أسرانا البواسل في معركتهم ضد السجن والسجان.

عشتم وعاشت فلسطين

والسلام عليكم ورحمة اللهوبركاته