أشعلت المواجهات التي شهدتها مستوطنة «يتسهار» الليلة قبل الماضية الاضواء الحمراء في إسرائيل، فالمشروع الاستيطاني العنيف الذي رعته سنين طويلة وسكتت عن وحشيته اتجاه الفلسطينيين يفلت من يديها ويتفجر في وجهها، فالمواجهات العنيفة التي جرت بين المستوطنين وجنود الجيش الإسرائيلي اصابت وسائل الإعلام الإسرائيلية بصدمة وباتت تتحدث عن «ظاهرة خطيرة».

وقالت صحيفة «هآرتس» إن سلسلة الأحداث التي وصلت ذروتها أمس الاول في المواجهات بين مئات المستوطنين وقوات الأمن هي أخطر ما حدث في الضفة منذ سنتين. مضيفة أنه وبخلاف اعتداءات سابقة على مساجد فلسطينية او أملاك للفلسطينيين لا يمكن لقيادات المستوطنين الاختباء خلف ادعاءات بوجود أ«عشاب ضارة» أو أفراد متطرفين يجب علاجهم، لان الحديث يدور هنا عن «ظاهرة خطيرة جدا».

وتشير الصحيفة إلى أن وزير الجيش موشي يعلون المقرب من المستوطنين، وافق على هدم المساكن غير المرخصة، مدركا للانعكاسات السياسية لقراره، الذي جاء كخطوة عقابية على اعتداء المستوطنين على مركبة قائد لواء "شومرون" يوآف روم، وثقب إطاراتها خلال زيارته للمستوطنة أمس الول.

وتضيف الصحيفة أن يعلون قرر هذه المرة قرر عدم ضبط النفس، وصادق صباح يوم أمس على قرارات الهدم، لكن في غضون ذلك استطاع المستوطنون القيام باعتداء آخر على جيب عسكري تابع لقوة احتياط موكلة بحراسة المنطقة.

وعن تسلسل الأحداث تشير الصحيفة إلى أن قوات من الشرطة و"حرس الحدود" وصلت للمستوطنة التي تسودها أجواء مشحونة، فتعرضت لهجوم بالحجارة من مئات المستوطنين، وقاموا بإشعال الإطارات ونصب الحواجز، فرد افراد الشرطة عليهم بوسائل تفريق التظاهرات.

وقالت المتحدثة باسم الشرطة الاسرائيلية لوبا سمري لوكالة فرانس برس "خلال ساعات الليلة الماضية قامت قوات الشرطة بتقديم المساعدة لقوات من الجيش والادارة المدنية في هدم خمسة مبان غير قانونية في مستوطنة يتسهار" الواقعة قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب سمري "عند الانتهاء، شرع بضع عشرات من المستوطنين برشق الحجارة ما ادى الى اصابة ستة من افراد شرطة حرس الحدود اصابات طفيفة"، مشيرة الى ان قوى الامن الموجودة في المكان قامت بتفريقهم. واضافت السمري بانه لم يتم اعتقال اي شخص.

وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان الجيش وقوات الامن الاسرائيلية تعرضا لهجوم عنيف من سكان هذه المستوطنة التي تعتبر معقلا لنشطاء اليمين المتطرف المؤيدين للاستيطان. وذكرت الاذاعة العامة الاسرائيلية ان مستوطنين اصيبا بالغاز المسيل للدموع.

وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان المباني التي هدمت شيدت دون اذن من السلطات وكان من المتوقع هدمها.

وندد المتحدث باسم مستوطني يتسهار في حديث لاذاعة الجيش الاسرائيلي بعمليات الهدم قائلا "هذا عقاب جماعي ضد سكان يتسهار بسبب تصرفات نشطاء عمليات دفع الثمن".

وكان مستوطنون قاموا الاحد بتخريب سيارة ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي في محيط مستوطنة يتسهار وتم اعتقال مشتبه واحد ليل الاحد الاثنين،بحسب الاذاعة.

وقالت منظمة "يش دين" الاسرائيلية الحقوقية في بيان "منذ سنوات تتجاهل قوات الامن الاسرائيلية الانتهاكات الجسيمة للقانون وأعمال العنف الخطيرة ضد الفلسطينيين في محيط مستوطنة يتسهار". وبحسب المنظمة فانه "من غير المفاجئ بأن الوحش الذي خلقته قوات الامن الاسرائيلية بأيديها خرج عن السيطرة وبدأ بمهاجمة قوات الأمن نفسها".

وتساءلت هآرتس: من المثير المقارنة، هل حدث مماثل في جنين كان يمكن أن ينتهي دون استخدام النيران الحية؟".

ونوهت الصحيفة إلى اعتداءات «دفع الثمن» الأخيرة التي وقعت في القدس والجش، وتوقعت أن يدفع الفلسطينيون ثمن المواجهات التي وقعت في "يتسهار" بين قوات الأمن والمستوطنين من خلال اعتداءات يشنها المستوطنون على قرى وبلدات فلسطينية. واختتمت الصحيفة تقريرها بالتساؤل: هل ستؤدي مواجهات يوم أمس (الاول) إلى كبح جماح المستوطنين في يتسهار، ام أنها ستشعل مواجهة أكبر وأوسع بينهم وبين الدولة".