كان الإضراب الشامل، الذي أعلنته الجماهير العربية في "إسرائيل" بمثابة زلزال هز الدولة من أقصاها إلى أقصاها، وقلب هذا الإضراب مشاريع حكومة الاضطهاد رأساً على عقب.

لقد بطشت الحكومة بهذا الإضراب مستخدمة قوات الجيش وحرس الحدود والشرطة بسبب فزعها من وحدة الجماهير العربية، وحدة قوضت مواقع الأحزاب الصهيونية التي أقامتها في الوسط العربي بأساليب الإرهاب والكبت خلال 27 سنة من عمر الدولة.

وأثبت عدوان سلطة الاحتلال  على جماهير عزلاء انها تنظر الى السكان العرب في "إسرائيل" نفس نظرتها الى سكان المناطق المحتلة.. وأعترف مستشار رئيس الحكومة للشؤون العربية ان سلوك الحكومة طمس الفوارق بين معاملة العرب في "اسرائيل" ومعاملة العرب في المناطق المحتلة.

والتضامن الذي أبداه سكان المناطق المحتلة بإعلان الإضراب العام والتظاهرات في 30 آذار 1976، وسقوط الضحايا من القتلى والجرحى، إنما كان تضامناً طبيعياً لأبناء شعب واحد مزقت أوصاله المؤامرة الامبريالية – الصهيونية بمساعدة الرجعية العربية.

إضراب 30 آذار فتح عيون العالم والقوى المحبة للسلام على عمق مأساة الشعب العربي الفلسطيني، بجميع أجزائه، وعلى خطورة سياسة التوسع الإسرائيلي، هذه السياسة التي تنذر بزج المنطقة في أتون صراعات دامية تهدد السلام العالمي بأسره.

لقد زعمت أبواق الرجعية الحاكمة في "إسرائيل" ان 30 آذار قد حرق جسور التعايش بين الشعبين اليهودي والعربي...

والسؤال هو: متى كان هذا التعايش قائما، وبأي شكل؟ .. لقد اثبت العرب في 30 آذار،في يوم الارض التاريخي، أنهم يرفضون تعايش الفارس والفرس .. تعايش الضحية والجلاد .. وتعايش العبد والسيد.

جسور التعايش الحقيقية تقوم على أساس المساواة التامة في الحقوق، والاعتراف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني، والانسحاب الكامل من المناطق المحتلة، والاعتراف بحق اللاجئين العرب بالعودة أو قبول التعويض.

وليس نضال الجماهير العربية سوى مساهمة جوهرية في النضال من أجل حماية السلام ومنع حرق جسور التفاهم بين الشعبين. فهذا النضال هو دعامة كبيرة هامة لنضال القوى الديمقراطية اليهودية في "إسرائيل" التي تحاول وقف التدهور نحو الهاوية.