أتحفنا حقيقة اليوم مجموعة من طلبتناالمبدعين في خضم تصفيات مسابقة عالمية بمشروعاتهم العلمية الرائدة. وقد تكرمت جامعاتناالعتيدة بالمشاركة في هذا الحدث المهم والبهيج والذي استمتع الجميع به وببراعة أبنائنارغم قلة حالهم وحيلتهم وضخامة إرادتهم وعزيمتهم المذهلة.

لكن المذهل الحقيقي في الحدث هو ماقاله أحد المشاركين في استعراضه لمشروع متميز يتولى تعليم الناس إلكترونيا على لغةالإشارة عندما ذكر في معرض تقييمه للواقع بأن لغة الإشارة في الضفة الغربية تختلف عنتلك في قطاع غزة!!

ربما نقول إن استفحال الانقسام واستعصاءحله بات واقعا مألوفا وأن الغريب لم يعد مستغربا حتى لو طال لغة الإشارة.

السؤال الذي لا يستطيع المرء مقاومتهخاصة مع مشاركة إخوتنا الطلبة من غزة بالحدث المذكور عبر تقنية الاتصال المرئي المباشررغم القصف العاتي على رؤوسهم: هل مع اختلاف الإجماع حول لغة إشارة واحدة بين طرفي الوطن،سنبقى مقتنعين بأن اللبيب من الإشارة يفهم؟ أم أن لبيبا قد مات وقضى معه زمن أولي الألبابالذي يبدو أنه غار وولى فلا نرى أنفسنا نتقاطر لاستكمال خطوات المصالحة فورا ودونماإبطاء كرد واضح وجلي على هذا القصف المجنون المحموم على غزة؟

أليس من العار اليوم أن نكون شاهدينعلى قصف محموم ومحاولة بائسة لحكومة الاحتلال لاجهاض المصالحة واستبدال الهجوم علىإيران مؤقتا بحرب على غزة هروبا من استعصاء أفق السلام واتهام محتمل لإسرائيل بتسببهابهذا الاستعصاء وتحضيرا لحصد مزيد من الأصوات في معركة انتخابية مبكرة لنتنياهو أليسمخجلا أن نقف مجتمعين كفلسطينيين بكامل فصائلنا السياسية متفرجين على هذا المشهد الحزينبينما يستمر هذا الهم وبينما يدخل اعتصام هناء الشلبي يومه السادس والعشرين ومعها جمعكبير من إخوتنا الاسرى.

ألم يعد في صدرنا شيء من الحمية والغيرةوالدافعية لوأد مواطن الجنوح والخلل فنجبر المكسور وننتهي من نكبتنا الثانية التي رسخهاالانقسام؟ أم أن قدر الناس أن تعيش احتلالا ظالما وانقساما أكثر ظلمة؟

وهل سيهتم أحد من أطفالنا ممن هم تحتالقصف بمال وفير وتجارة بارت وانتفاع مادي مستفحل يؤخر الانقسام؟ أم هل سيضعون دقائقرعبهم بالتفكير بمن سيكون وزير الخارجية في الحكومة القادمة؟ أو من أين نأتي بوزيرللداخلية أو المال؟ أو من أين نخترع نائبا لرئيس الوزراء؟ من الضفة أو غزة أو حتى عطارد؟

كلنا مسؤول ومعظمنا ضقنا ذرعا باستمرارالانقسام فإما أن نوحد لغة الكلام والإشارة والمناورة وإلا ذهبنا وذهبت ريحنا ومتناقهرا وحسرة على مسيرة النضال التي كان من المفترض أن تعمد بماء التحرير فصدمت بدماءالأخوة!!