رئيس وزراء حكومة الاحتلال يشن هجوما جديدا على الرئيسالفلسطيني ' أبو مازن'، ويتهم خطابه في المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي عقد مؤخراًفي العاصمة القطرية 'الدوحة' بالتحريضي، فهل حديث الرئيس عن عملية التهويد المبرمجةالتي تتعرض لها القدس يدخل في باب التحريض؟ وهل ما تقوم به حكومة الاحتلال من استيطانيلتهم القدس ويعزلها عن باقي مدن الضفة الغربية يأتي خدمة لعملية السلام؟ وهل الحفرياتالتي تهدد المسجد الأقصى تخدم الحفاظ على الأماكن المقدسة؟ وهل منع المصلين من الوصولإلى المسجد الأقصى تعزز مفاهيم حرية العبادة التي نادت بها كافة المواثيق الدولية؟،وهل تهديد المتطرفين اليهود وقطعان المستوطنين باقتحام باحات المسجد الأقصى يشكل رسائلسلام  في سماء مدينة السلام؟، من الواضح أنالهجوم الموسع التي تشنه قيادة الاحتلال على الرئيس الفلسطيني مرتبطة بموقف القيادةالفلسطينية بوقف كافة أشكال التفاوض مع حكومة الاحتلال في ظل تواصل الاستيطان وغيابمرجعية واضحة للمفاوضات، فحكومة الاحتلال تريد للمفاوضات أن تعاود مسيرتها ليس بهدفتحقيق تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل على قاعدة مفاوضات من أجل المفاوضات،حيث فيها ما يخفف من وتيرة العزلة التي تتعرض لها إسرائيل، وفي الوقت ذاته تعطيها مزيداًمن الوقت لمواصلة خلق حقائق على الأرض تجهض الحلم الفلسطيني بإقامة دولته المستقلةوعاصمتها القدس الشريف.

دعوة الرئيس في خطابه في مؤتمر الدوحة للمسلمين والعربإلى زيارة القدس، وتأكيده على أن مثل هذه الزيارات لا تدخل في نطاق تطبيع العلاقاتمع إسرائيل، تأتي لمواجهة حكومة الاحتلال فيما وصفه بالمعركة الأخيرة في حربها الهادفةلمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقية، سبق أن شكل الحديث حولضرورة قيام العرب والمسلمين بزيارة القدس نقطة خلاف، تبرعت القوى اليسارية في عالمناالعربي بمهاجمة الفكرة، واعتبرها محترفو الشعارات البراقة أنها تفتح الباب لعملية التطبيعمع إسرائيل، دون أن يكلفوا أنفسهم دراسة إيجابياتها وسلبياتها، حتى رجال الدين ذاتهماختلفوا فيما بينهم فمنهم من ذهب إلى أهمية القيام بذلك، ومنهم من تخندق في عدم جوازذلك في ظل الاحتلال وكفى الله المؤمنين القتال.

أعتقد أنه بات لزاماً علينا اليوم التوقف أمام ذلك بشيءمن الموضوعية وبعيدا عن الشعارات التي لم تقربنا يوما ما خطوة واحدة تجاه القدس، لطالماأجهض البعض العديد من الأفكار البناءة التي تخدم القضية الفلسطينية وتعزز الوجود الفلسطينيفي القدس تحت شعار التطبيع، ولا أعرف كيف يمكن لزيارة المسلمين والعرب لمدينة القدسوهي محتلة وتشهد تهويدا منظماً من قبل حكومة الاحتلال أن يسجل على أنه تطبيع مع الكيانالإسرائيلي، فهل مطلوب من العرب والمسلمين أن يقتصر موقفهم حيال ما يدور في القدس عندعبارات الشجب والإدانة والاستنكار؟، ألا يشكل تغييب المسلمين والعرب عن مدينة القدستساوقاً مع ما ترمي إليه حكومة الاحتلال من طمس الهوية الإسلامية لها؟.

المؤكد أن من يرى في ذلك تطبيعاً يستند على ارتباط مثلهذه الزيارات بموافقة حكومة الاحتلال، ولكن بالمقابل هؤلاء يتجاهلون الآثار الإيجابيةلمثل هذه الزيارات على عروبة القدس وتعزيز التواجد الفلسطيني فيها، والمؤكد أن من يأتيلزيارة القدس والصلاة في مسجدها الأقصى لن تتضمن رحلته زيارة تل ابيب والتجول في أسواقهاكما يتم خلسة من قبل البعض، والمؤكد أيضاً أن زيارة المسلمين للقدس ستمكنهم من الإطلاععلى أرض الواقع بما تتعرض له مدينة القدس من مخاطر جمة، وتحفز لديهم الانتماء الروحيلهذه الأماكن المقدسة، بما يدفعهم لتطوير أدوات مناصرة أهلها، وفي الوقت ذاته تعززمثل هذه الزيارات مقومات الصمود الفلسطيني لأهلنا في القدس الشريف.

المؤكد أن حكومة الاحتلال لن تطرب لرؤية الآلاف من المسلمينوهم يتجولون في شوارع القدس ويرتادون باحات المسجد الأقصى والصلاة فيه، بل ما سعت إليهدوما حكومة الاحتلال تمثل في وضع العراقيل لمنع وصول المسلمين إلى القدس والصلاة فيالمسجد الأقصى، لذلك وبعيداً عن المهاترات وتوشيحات مقاومة التطبيع التي أصابتنا بتخمةالعجز عن تطوير أدوات مقاومتنا للاحتلال، بات من الضروري اليوم تبني دعوة الرئيس للمسلمينوالعرب بزيارة القدس، ووضع آليات تخرجها لحيز التطبيق، وبطبيعة الحال يحتاج ذلك بالمقامالأول لتبني العرب لها، وكذلك الحال من قبل المؤسسات الدينية وعلى رأسها ألأزهر الشريف.