في كل مرة تحدث أحدهم عن انتفاضة جديدةانتفض البعض مؤيدا للفكرة أو رافضا لها. فمشاهد الانتفاضة دائما ما ارتبطت وترتبط بالمواجهاتالميدانية والتظاهرات والقصف والاقتحامات والاحتجاجات والاعتصامات والقمع والغاز المسيلللدموع وغيرها من أشكال العراك الميداني، ناهيك عن الاعتقالات والغارات والقصف والعملياتالعسكرية والتفجيرات وغيرها.

هذا هو المشهد الذي ساد الانتفاضتينالمتعاقبتين وارتبط بأذهاننا في كل مرة ذكرنا فيها الانتفاضة الثالثة.

سواء بدأت هذه الانتفاضة أم لم تبدأفإن معالمها باتت حاضرة لكنها مفاجأة لبعض الذين بقيت مشاهد الانتفاضتين السابقتينعالقة في ذهنه.

انتفاضة الفلسطينيين وهذه المرة يشاركهمفيها عالم خارجي لا يعرف هوية أو حدودا جغرافية ربما تكون الكترونية تكنولوجية بامتياز.

فازدحام الفضاء الاجتماعي الالكترونيبملايين المستخدمين الفلسطينيين وجملة الحملات والنشاطات الفلسطينية باتت ملحوظة، تذكيهانيران الربيع العربي والنزعات الانعتاقية التي صاحبت هكذا ظاهرة.

مضافا إليها أفعال القرصنة العالميةفي مواجهة إسرائيل والتي بلغت ذروتها مع بداية هذا العام وما زالت مستمرة والتي بدورهاقابلتها إسرائيل بإنشاء وحدة القرصنة في جيشها وشنت هجوماتها المتعددة لتتبع ذلك فيمابعد بحرب الترددات التلفزية وربما الإذاعية قريبا من خلال اقتحام تلفزيوني وطن والقدسالتربوي.

وأمام هذه الاقتحامات فإن إسرائيلقد تكون تسعى من وراء هذا العمل إلى تفريغ ترددات البث التلفزي التقليدي الفلسطينيلتشغيل تقنيات جديدة.

لكن عملية الاقتحام للمحطات المذكورةحملت ثلاثة أبعاد: البعد الأول سياسي بامتياز كون حكومة الاحتلال قد تحدت حقيقة أنترددات هذه المحطات وغيرها مسجلة رسميا لدى الاتحاد الدولي للاتصالات التي هي عضو فيهوبالتالي قامت بانتهاك دولي جديد أمام صمت العالم.

البعد الثاني تقني تجاري: لأنها أرادتإنزال المحطات عن الهواء لأغراض تجارية مستقبلية محتملة وربما يتضح الامر اكثر اذاما كان هناك اجراءات تجاه محطات أخرى.

أما البعد الثالث فهو تاريخي: لأنإسرائيل تعرف أن هذه المحطات وغيرها تضم إرثا فكريا جمعيا فلسطينيا تراكم بعد ولادةالسلطة فأرادت إسرائيل أن تصادره، وإلا ما كانت نزعت ذاكرات الحواسيب والأقراص الصلبةوالملفات الورقية والإلكترونية.

هذا التصرف الأرعن يؤسس لعدة أمور:

1- أن هناك اختراقا تم وانتهاكا لقرارالاتحاد الدولي للاتصالات حصل وبالتالي يجب عدم التقاعس في متابعة هذا الأمر ومتابعةشكوى فلسطين في الاتحاد الدولي للاتصالات ومحكمة العدل الدولية والأمم المتحدة.

2- رفض فكرة إخلاء الطيف الترددي بتردداتهالإذاعية والمرئية ومقاومة السيطرة على هوائنا أسوة بمقاومتنا لمصادرة الجغرافيا ومحاربةالديموغرافيا.

3- أن تقوم كل المحطات وكما قلت للجميعقبل أيام بتخزين وحفظ أرشيف كل المحطات داخل فلسطين وخارجها لتجنب وضع كالذي مر وتمكينالمعتدى عليه من التشغيل فورا عبر الانترنت إذا ما تقطعت السبل.

4- أن تقوم شركاتنا الفلسطينية للهواتفالمحمولة وإن لم يعجبها كلامي بالتخلي عن أولوية جني الأرباح والأموال وتوفير خدماتتنافسية أكبر وبجودة أعلى مع تقديري لمعوقات ادخال الأجهزة، بحيث تتم إتاحة تلك الخدماتفي نطاقات تناقل البيانات الصوتية والمرئية والنصية وبصورة أعلى وأفضل لتفويت الفرصةعلى الشركات الإسرائيلية التي ترى في الفلسطينيين سوقا خصبة لها اليوم ومستقبلا إنهي أكملت جريمة إنزال محطاتنا التلفزية والإذاعية لسرقة تردداتها واستحداث خدمات جديدة.

5- أن المواطن الفلسطيني يحتاج وبجديةإلى التخلي عن الشركات الإسرائيلية لسد الباب أمام إسرائيل للاستفادة من سوقنا وهذهدعوة لتجنب استخدام الشركات الإسرائيلية للهواتف المحمولة أينما أمكن.

6- أن زملائي من الساسة يجب أن يفهمواالرسالة التالية: صرخنا منذ سنوات بأن الحرب ليست جغرافيا وسكانا وماء فقط وإنما أيضاهواء لذا أرجو أن تكون قد وصلت الرسالة.

إن الانتفاضة الثالثة إن بدأت فإنهالن تكون فلسطينية محضة بل أممية واسعة، خاصة في عالم حوله الإنترنت إلى قرية كونيةلا تعرف الحدود ولا الحواجز ولا حتى الضوابط أو الخصوصية أو القيود. معركة رقمية بامتيازبطلاها كما يقول جمهور الالكترونيات رقمي الصفر والواحد!