بسم الله الرحمن الرحيم

"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"  صدق الله العظيم

 

بيان صادر عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"_ لبنان

بمناسبة الذكرى الثانية للعدوان الإجرامي على قطاع غزة

 

نفّذت حكومة العدو الاسرائيلي عدوانها الوحشي في أواخر العام 2008 مستهدفة قطاع غزة من شماله إلا جنوبه ومن غربه إلى شرقه، ومستخدمة أحدث أنواع الأسلحة والقذائف المحّرمة دولياً لقتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، وملاحقتهم بالصواريخ من بيت الى بيت، ومن ملجأ الى ملجأ حتى طال البنية  التحتية لمؤسسات السلطة الوطنية بكاملها، والقسم الأكبر من المخيمات، والأحياء، وتشرَّدَ الأهالي في العراء، وسقط المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى، ودفع الاهالي وبشكل يومي الثمن باهظاً، رغم أن حركة حماس المسيطرة عسكرياً هناك تفرض هدنة من جانب واحد ، إلاَّ أن الاحتلال الاسرائيلي مازال  يبحث عن المبررات لشنّ الهجمات الجوية، واستهداف أهالي قطاع غزة تدميراً، وقتلاً.

منذ بداية العدوان في أواخر كانون الأول العام 2008 أجرى الرئيس أبو مازن الاتصالات المباشرة وغير المباشرة مع قيادات حركة حماس وأصدقائها، وحذَّرهم من مخاطر العدوان متمنياّ أن يكون هناك موقف موحدّ لمواجهة العدوان، وأن نتجاوز الخلافات التي كرّسها الانقلاب الدموي في قطاع غزة ،واكد الرئيس أبو مازن للجميع بأن مواجهة مثل هذا العدوان الإجرامي لا تكون إلا بالحوارالوطني الجاد، وبتجسيد المصالحة، والاتفاق على كيفية حماية شعبنا، ووقف العدوان الهمجي. ولكن للأسف بالرغم من المعاناة التي تفوق قدرات البشر، وبالرغم من الخسائر الفادحة، وبالرغم من المرونة المتناهية التي أبداها الرئيس أبو مازن في الحوارات سواء في مصر أو مؤخراً في سوريا لم تستطع حركة حماس أن تأخذ قرارها بالتوقيع على المصالحة وتجسيد الوحدة الوطنية، والسماح بإعادة ما تهدَّم.

ونحن في هذه الذكرى الثانية للمجزرة الإسرائيلية نؤكد قناعاتنا التالية:

أ- نحن نؤمن كحركة فتح بضرورة تجسيد الوحدة الوطنية والاتفاق على برنامج وطني مُستوحى من الحوارات التي خضناها، ومن الوثائق الأساسية التي وقّعناها، وخاصة اتفاق القاهرة 2005، ووثيقة الأسرى في العام 2006 التي شكَّلت إجماعاً وطنياً، وما تمَّ من خطوات حتى الآن يحتاج إلى خطوة جريئة من قيادة حماس تتكامل مع الخطوات التي أقدمت عليها حركة فتح وفصائل م.ت.ف لإنهاء مأساة شعبنا.

ب- إنَّ استخدام أسلوب التخوين والمراوغة وادارة الظهر لمصالح الشعب الفلسطيني  الذي تعتمده قيادة حركة حماس ضد القيادة الفلسطينية لم يعد مجدياً، والوقائع كلها بما فيها وثائق ويكيليكس أثبتت الموقف الوطني والمسؤول للرئيس أبو مازن، ودحضت كافة المزاعم والافتراءات التي استند إليها الموقف الإعلامي لقيادة حركة حماس.

ج- إن حماية الشعب الفلسطيني ومصيره، وحقوقه الوطنية، لا تكون بتكريس الانقسام، ولا بالإصرار على تعطيل المصالحة، ولا بإيجاد المبررات الزائفة للحؤول دون توحيد الوطن، والجغرافيا، وتدمير الحياة الديمقراطية الفلسطينية، وضرب النسيج الوطني الداخلي للمجتمع الفلسطيني.

د- إنّ المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني تفرض علينا جميعاًإجراء مراجعة نقدية جريئة تنطلق من المصالح العامة وليس المصالح الحزبية. وكما كان الرئيس ابو مازن جريئاً في موقفه تجاه الاستيطان وأنه لا مفاوضات مع الاستيطان، وكما أوضح بأن الاوضاع في الاراضي المحتلة لا يمكن أن تستمر كما هي أي احتلال بدون ثمن ،وأنّ هناك خيارات عديدة سيتم اللجوء إليها لمواجهة الغطرسة الاسرائيلية والتحيُّز الاميركي، المطلوب أيضاّ من حركة حماس أن تعترف بالأضرار الوطنية، وحالة التدمير الذاتي، والأنقسام القاتل، والمأساة الانسانية التي سببها الانقلاب على الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية، واعطاء القوة التنفيذية والميليشيا الضوء الأخضر لتمارس العنف والقتل بما لا يتناسب مع الشرع الاسلامي، ولا مع الدستور الفلسطيني.

ه- مع تجدُّد التهديدات الاسرائيلية لشن عدوانٍ جديد على قطاع غزة رداً على إطلاق صواريخ،  أو على نوايا بإطلاق صواريخ، كما تدّعي حكومة العدو ،فإنَّ الواجب الوطني والمسؤول والذي لا مهرب منه أمام قيادة حركة حماس هو أن تعلن العودة عن إنقلابها، وتلغي الانقسام، وتعقد جلسة سريعة لإتمام التفاهمات مع حركة"فتح"، والمسارعة إلى التوقيع على ورقة المصالحة، والبدء بالعمل الموحَّد لحماية الشعب الفلسطيني من المخاطر المتوقعة، وحتى يكون بالإمكان مواجهة العدوان الاسرائيلي فيما لو حدث بقرار واحد، وخطة واضحة، ورؤية سياسية موحَّدة، وعمل دبلومسي متكامل، ومواجهة مدروسة للعدوان بما يجنب شعبنا المآسي.

في هذه الذكرى الأليمة، ووفاءً للشعب الفلسطيني ومنجزاته الكفاحية، فإننا ندعو كافة الأصدقاء والدول المعنية بأن تسهم في توحيد الشعب الفلسطيني، وإنهاء الانقسام، ولا شك أن غياب مثل هذه الجهود في هذه اللحظات الحاسمة والخطيرة سيعطي فرصة جديدة للاحتلال الاسرائيلي لممارسة نهجه الاجرامي، وتنفيذ رغباته الجامحة في سفك دماء أبناء شعبنا الفلسطيني، وآن الأوان أن ننـزع سيف الانقسام من يد العدو الاسرائيلي الذي يستخدمه في لتصفية القضية الفلسطينية 

                            وإنها لثورة حتى النصر

حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح -لبنان

  مفوضية الاعلام والثقافة  27/12/2010